أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في مقتل حمزة بن لادن، نجل زعيم القاعدة أسامة بن لادن ووريثه في زعامتها. وقالت إن العملية التي قتلت حمزة شاركت فيها أمريكا، لكن التفاصيل عنها قليلة. وفي التقرير الذي أعده كل من جوليان إي بارنز وآدم غولدمان وإريك شميدت تحدثوا فيه عن تصريحات مسؤولين أمريكيين قالا إن حمزة أصبح في عداد الموتى بدون تقديم تفاصيل عن مكان موته وما هو الدور الذي لعبته واشنطن في مقتله.
وقال المسؤولان إن حمزة قتل في وقت ما خلال العامين الأولين من حكم دونالد ترامب. وقتل قبل إعلان وزارة الخارجية عن مكافأة مليون دولار عمن يقدم معلومات عن مكان وجوده في شباط (فبراير) إلا أن المخابرات والجيش الأمريكي لم يتأكدا في ذلك الوقت من مقتله. ومع أن حمزة يحمل اسما مهما ونسبا في تنظيم القاعدة إلا أن الاخبار عن وفاته تعتبر في حد ذاتها نصرا رمزيا للحكومة الأمريكية أكثر من كونها تخلصا من تهديد. وذلك لأن تنظيم القاعدة لم يشن هجمات ضد أهداف أمريكية ومنذ سنوات. ورغم كون حمزة هيأ ليكون زعيما للقاعدة إلا أن هذا كان في المستقبل. وتنقل الصحيفة عن علي صوفان العميل السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) والذي حقق وكتب كثيرا عن القاعدة بما في ذلك تقريرا مطولا عن حمزة بن لادن عام 2017 دعا للحذر لأنه ليس من عادة القاعدة تجاهل موت زعيم والإحتفال به كشهيد. ولو كانت تقييمات الحكومة الأمريكية صحيحة فإن مقتله سيحدث ضررا على خطط القاعدة التحرك نحو الجيل الثاني لقيادتها. وعلى خلاف قادة القاعدة فلم ينتقد حمزة بن لادن تنظيم الدولة. ويرى صوفان أن الدافع مرتبط بتوقعات انضمام أفراد تنظيم الدولة الذي انفصل عن القاعدة ويتبني أيديولوجيتها العودة إلى التنظيم الأم وقبوله زعيما لهم. وبعد مقتل أسامة بن لادن عام 2011 على يد فرقة6 من قوات نيفي سيل الخاصة في آبوت أباد بباكستان بدأ جنرالات القاعدة بتحضير نجله حمزة لتولي القاعدة وتزوج بنت أحد القادة وتعهد بالإنتقام لمقتل والده. وقدم حمزة كصوت للقاعدة في آب (أغسطس) 2015 “الشبل الذي سيحمل القضية للأمام”. وتوقفت الرسائل الواردة منه منذ عدة أشهر مع أن مقالا منسوبا إليه نشر في أيار (مايو). ووزع تنظيم القاعدة رسالة في كانون الأول (ديسمبر) 2017 وتعود إلى صيف عام 2016 والتي قال فيها حمزة إن ابنه البالغ من العمر 12 عاما قتل في غارة جوية.
ونشر موقع “سايت” الذي يتابع الجماعات الإرهابية الخبر. ولم تذكر الرسائل تفاصيل أكثر من حديثها عن فضل الشهادة مما يقترح أنه قتل في غارة استهدفت والده. ونقل عن توماس جوسلين، الباحث في معهد الدفاع عن الديمقراطية أن حمزة كان يتحرك على الحدود الباكستانية- الأفغانية. وفي الوقت الذي يشك فيه جوسلين من فكرة حمزة كقائد قادم للقاعدة إلا أنه لعب دورا مهما في ترتيب العلاقة مع حركة طالبان وكمتحدث باسم القاعدة. وقال “كانوا يعدونه لأن يكون رقم واحد في يوم ما ولكنه لم يكن الوريث الشرعي اليوم”. وبحسب عمر بن لادن، نجل أسامة فقد قال إن القاعدة استخدمت حمزة لاسمه وقامت باستخدامه لكي يكون وجه الحركة، وهو ما قالته جين ساسون، مؤلفة كتاب عن عمر “النشوء في ظل بن لادن”.
ورفض الرئيس ترامب يوم الأربعاء التعليق على الخبر الذي نشرته أولا شبكة “أن بي سي”. وظل مكان حمزة غير معروف، فبعد انهيار القاعدة عام 2001 فر وإخوته إلى إيران حيث اعتقل، وفي مرحلة ما سمح له بالخروج حيث أخذ عائلته وانتقل إلى المناطق الحدودية بين أفغانستان والباكستان. وهناك تقارير تتحدث عن سفره إلى سوريا. ولاحقت المخابرات الأمريكية (سي آي إي) القاعدة بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 وقتلت قادتها في غارات بالطائرات المسيرة، فسعد بن لادن قتل عام 2009 في غارة جوية بباكستان أما خالد فقد قتل مع والده في آبوت أباد عام 2011. ولا تزال سي آي إيه تلاحق زعيم التنظيم أيمن الظواهري الذي تولى التنظيم بعد مقتل أسامة بن لادن. وقال مسؤول أمني سابق إن المخابرات قامت بجهود قوية للتأكد من وجوده في قرية بمنطقة القبائل، وزيرستان وذلك في الفترة ما بين 2012-2013. واستطاع عملاء المخابرات التأكد من وجوده في القرية لكنهم لم يستطيعوا تحديد مكانه فيها.
وعمل حمزة على ما يبدو بشكل قريب من الظواهري خاصة في مجال توطيد العلاقات مع حركة طالبان في أفغانستان. وقال نيكولاس جي راسموسين، المدير السابق للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب “لو كان صحيحا قد مات سيجعل صف القيادة في تنظيم القاعدة خفيفا والعلاقة مع أسامة بن لادن هزيلة”. ولو تولى حمزة بن لادن قيادة التنظيم لواجه تحديات واسعة ولكن اسمه ربما خدم الحركة الإرهابية. وقال كولين كلارك، الزميل البارز في مركز صوفان إن موته “سيضر بماركة القاعدة” و “رغم أنه لم يجرب كقائد إلا أن اسمه كان يعني الكثير للجهاديين الشباب”. ومن قادة الحركة الذين لا يزالون على قيد الحياة هناك سيف العدل وعبد الله أحمد عبد الله المطلوب لأف بي أي بتهمة تدبير تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كل من نيروبي ودار السلام بشرق أفريقيا عام 1998 ويعتقد أنهما موجودان في إيران. وكانت إقامة بن لادن في إيران مثارا للقلق حيث طرحت أسئلة حول غرض منح إيران الشيعية الملجأ لجماعة سنية. ويقول بروس هوفمان، الخبير في الإرهاب بجامعة جورج تاون إن إيران منحت اللجوء لقادة القاعدة لمنع التنظيم شن هجمات ضدها. ولأن القاعدة وإيران عدوتان لأمريكا فهو “زواج مصلحة” كما يقول هوفمان. وأي شيء يمكن لإيران عمله لكي تجعل أمريكا مهددة “فلن تتردد في عمله”. وحاول وزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين آخرين في الإدارة الحالية الحديث عن روابط بين إيران والقاعدة وهو ما فسره أعضاء الكونغرس محاولة من الإدارة تهيئة الظروف لهجوم عسكري ضد إيران. وان قانون صلاحيات استخدام العسكري ضد القاعدة وحلفائها عام 2001 ينسحب على إيران.
القدس العربي