"مؤسسة الشيخ ماء العينين للعلوم والتراث" تختتم مؤتمرها الرابع تحت عنوان: "التصوف ترياق ضد هشاشة الإيمان- ضمان للأمن الروحي"

اثنين, 04/23/2018 - 18:32

نظمت "مؤسسة الشيخ ماء العينين للعلوم والتراث" المغربية، الملتقى الدولي الرابع للفكر الصوفي عند الشيخ ماء العينين"، تحت عنوان: " التصوف ترياق ضد هشاشة الإيمان : ضمان للأمن الروحي" بمدن أغادير- تيزنيت- طنطان- اسمارة والعيون، أيام 12- 13- 14- 15، حيث عرفت مدينتي أغادير والعيون أكبر حصة من الجلسات العلمية، بمشاركة جمع كبير من الوفود، القادمة من داخل المغرب وخارجه.

وفي كلمته الافتتاحية، ألقى  السيد د. فؤاد مصطفى ماء العينين كلمة ترحيبية باوفود المشاركة، قدم خلالها تعريفا بالمؤسسة وأهدافها وإنجازاتها ومشاريعها، كما أوجز في تقديم ملخص عن الملتقيات الثلاث السابقة، وأكد حرصه على استمراريتها، ترسيخا للوسطية والاعتدال، اللذين يميزا التشريع الإسلامي.

 وفي كلمته أبلغ المشاركين تحيات راع الملتقى: الشيخ لارباس ولد الشيخ ماء العينين، شيخ قبيلة أهل الشيخ ماء العينين الذي تعذر عليه حضور الجلسة الافتتاحية بأكادير، ومؤكدا أنه سيكون حاضرا  في أنشطة الملتقى بمدينة العيون.

وقد حضر حفلي الافتتاح والاختتام، على التوالي: كل من واليي أكادير والعيون، كما حضرت وفود من موريتانيا والسنغال ومالي ومصر ولبنان وماليزيا وأندنوسيا وإسبانيا وغيرهم.. وقد أعطى حضور بعض الدبلوماسيين الممثلين لسفارات بلادهم المعتمدة في الرباط وإلقائهم لكلمات خلال حفل الافتتاح باسم سفراء ومفتي بلدانهم، زخما للحدث، نقله من المحلية إلى البعد الإسلامي والدولي.

 خلال هذا الحفل الافتتاحي، تعاقب المغربي والإسباني والمصري والاندنوسي والماليزي والمالي والسنغالي وغيرهم على منصة الخطابة، الذي نظم بمدينة أغادير المغربية.. كما أضفت المحاضرات، التي ألقيت خلال الملتقى بعدا أكاديميا على فعاليات الملتقى، حيث تناولت المحاضرات المقدمة جوانب متعددة، صبت جميعها في موضوع الملتقى،  وتطرقت كذلك إلى مدرسة الشيخ ماء العينين في التصوف، تلك المدرسة  المكرسة لمؤاخات الطرق الصوفية والمتشبثة بالوسطية والاعتدال، وبالصرامة عند ملاقاة الغزاة الكفرة.

 كما تناولت كذلك نهجه الفقهي واجتهاداته حول بعض المعضلات والمشكلات، مع إبراز علاقاته المتميزة بسلاطين المغرب الأربعة الذين عاصرهم والتقى بهم والذين أكرموه ووقروه.. محاضرات دشنها د.عبد الله الشريف الوزاني، ببحث عنوانه: "التصوف ترياق ضد الهشاشة، ضمان للأمن الروحي".

وبعد يومين من المحاضرات والأنشطة المصاحبة لها، والمتمثلة في معرض للكتب، تضمن بعض مؤلفات الشيخ ماء العينين ومخطوطات وكتب تتحدث عن حياته الجهادية واجتهاداته الفقهية وشروحه الصوفية والتربوية، بالإضافة إلى إنشاد ديني مؤثر، توجه المشاركون في الملتقى الدولي الرابع إلى مدينة "تيزنيت"، حيث زاروا ضريح الشيخ ماء العينين بها، وتجولوا في المركب، المشيد حديثا حول ضريح الشيخ، حيث المكتبة والمصلى ومركز للمحاضرات وجناح للضيافة.. فيه يستقبل الوافدون إلى الضريح، حيث يجدون الاستقبال والتكريم والضيافة.

وبعد محطة "الطنطان" الليلية، توجه المشاركون في الملتقى الدولي الرابع صباحا  إلى مدينة "اسماره"، حيث زاوية الشيخ ماء العينين ومركزه الجهادي، الذي استقبل فيه وفود "الأركاب" المؤلفة من أكثر من 1500 أمير محلي وزعيم قبلي ووجيه مؤثر، قدموا من موريتانيا ومن مختلف أنحاء الفضاء البيظاني في أزواد وغيره، ومكثوا في ضيافته 37 يوما خلال مناسبتين مختلفتين، حيث كان يعقد ألوية الجهاد ويجيش الجيوش، لمقاتلة النصارى الغازيين.

                                            

مختصر حول قلعة الجهاد: مدينة اسماره

شيدت مدينة "اسماره" على تل، يشرف على وادي سلوان، بمنطقة الساقية الحمراء، وهي منطقة معروفة بوفرة النباتات الغذائية والطبية، وصلاحية مناخها لعيش الإنسان ونباتاتها لرعي الماشية، بشكل عجيب.

 وقد اشتق إسم "السمارة" من  نبتة، تدعى: "السمار"، تنموا بكثرة في وادي سلوان، تستخدم في صناعة الحصير.

وعند ما حل الشيخ ماء العينين بكلتة زمور، كان عاقدا العزم على إنشاء مدينة، تكون صلة وصل بين المغرب شمالا وشنقيط جنوبا، فعرض فكرته على السلطان مولاي عبد العزيز، فرحب بها وتحمس لها وأمر بإرسال جميع المواد اللازمة للبناء وبالبنائين المهرة إلى الشيخ ماء العينين، حيث بدأ بناؤها سنة 1898م وانتهى العمل فيها سنة1902، حيث استغرق بناؤها أربع سنوات ونصف.

وقد تزامن انطلاق أشغال بناء المدينة، مع حفر عدة آبار بها وشق لقنوات الري، وغرس لآلاف أشجار النخيل، التي استقدمت من واحات الجنوب الشرقي المغربي، ومن واحات آدرار وشنقيط، كما استخدمت في بنائها مواد محلية، كالأحجار والأتربة، وأخرى مستوردة من الشمال، مثل الأخشاب- الزليج- الرخام- الياجور والجير، تم نقلها بحرا من أغادير والصويرة إلى مصب وادي الساقية، لتنقل من هناك بواسطة قوافل ضخمة من الطرفاية إلى السمارة.. رافقها عدد كبير من البنائين المهرة والمعماريين والفراشين والمزينين، قدموا من فاس ومراكش وتيطوان، كان من أبرزهم: الحاج على الوجدي ولمعلم الحسين الحرطاني الواعراني.

وتتكون زاوية الشيخ ماء العينين باسمارة من قصبة، مكونة من ثمانية عشرة بناية، شيدت جميعها على الطراز المغربي التقليدي، محاطة بسور متوسط الارتفاع.. وللقصبة خمسة أبواب، لكل باب منها وظيفة محددة.

كما تميزت "اسماره" بجامعها الكبير، الذي لا زالت أطلاله تشهد على فداحة الجرم، الذي ارتكبه الفرنسيون، عند ما وجهوا فوهات مدافعهم الثقيلة، نحو قلعة الجهاد وجامعها الفسيح.. فقد أفقدت الضربات الموجعة، التي وجهها مجاهدوا الشيخ ماء العينين إلى الغزاة الفرنسيين صوابهم، جعلتهم يوجهون آلتهم التدميرية، نحو قلعة الجهاد: "اسماره"، فأجهزوا على مسجدها الكبير وعلى جزء منها ، حيث عاثوا فيها فسادا، فدمروا المسجد ونهبوا المكتبة واستولوا على كنز من المخطوطات، انتقاما من مدينة، شكلت قاعدة أولى للجهاد، حاملة للوائه ومتفانية فيه.

إنها "اسماره" مدينة الشيخ ماء العينين الذي كان قائدا فذا في حياته وظل قدوة للجميع بعد مماته.

       

نبذة عن مؤسسة الشيخ ماء العينين للعلوم والتراث

"مؤسسة الشيخ ماء العينين للعلوم والتراث"، هي مؤسسة ولدت خلال الإعداد للأنشطة المخلدة للذكرى المائوية  لوفاة الشيخ ماء العينين، سنة 2010، حيث دأبت على تنظيم ملتقيات سنوية منذ بعض الوقت، كان آخرها "الملتقى الدولي الرابع للفكر الصوفي عند الشيخ ماء العينين" ، الذي انتهت أشغاله يوم الأحد الماضي (15/ إبريل) بمدينة العيون، والذي افتتح يوم 12/04/2018، بمدينة أغادير.

ويرأس المؤسسة د. فواد مصطفى ماء العينين، يساعده الجندي المجهول: شقيقه الطالب اخيار مصطفى ماء العينين، وعدد من أبناء عمومته، حفدة الشيخ ماء العينين، مثل د. اجيه ماء العينين- نائب رئيس المؤسسة، والصحفي المتألق: سيدي علي ماء العينين: الكاتب العام - السيد محمد الأغظف/النين/ماء العينين وأشقاؤه، محمد تقي الله ماء العينين- أحمد الهيبة عبد اللطيف ماء العينين- حسنه ماء العينين، وعناصر أخرى فاعلة ونشطة، منخرطة في المؤسسة المنظمة للملتقى.. الكل نساء ورجالا، تجندوا لخدمة أنشطة المؤسسة طيلة فترة انعقاد الملتقى المنصرم وتلك السابقة.. هذا الطبيب الذي يوصل ليله بنهاره، من أجل أن تتحول هذه المؤسسة إلى معلم، ذا إشعاع ثقافي وحضاري، بنكهة مغربية خالصة، حيث حرص على دعوة ممثلين عن الطرق والزوايا من جميع جهات المغرب وكوكبة من الباحثين قدموا من مختلف الجامعات المغربية.

كما استدعي إلى أعمال الملتقى هذه السنة وفود من 17 دولة في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وجمع غفير من ممثلي الطرق والزوايا بالمغرب، حيث استمرت الأنشطة الثقافية والإنشادية، طيلة الأيام الأربعة، التي استغرقها الملتقى الدولي الرابع.

وخلال حفل الاختتام حرصت المؤسسة على توزيع جوائز تذكارية على المشاركين في هذا الملتقى الدولي الرابع، كما نظمت عشاء متميزا- كسابقيه- في منزل ابن القاضي  ماء العينين ماء العينين، الذي أكرمني شخصيا بهدية ثمينة، تمثلت في كتب قيمة ومقدرة، هي من تأليفه.

تجدر الإشارة إلى أن الملتقى الدولي الرابع للفكر الصوفي عند الشيخ ماء العينين، واكبته تغطية إعلامية مكثفة من طرف وسائل الإعلام المغربية.

محمد المختار ولد  محمد فال