لا يمكن القول بنقيض أن المجلس الدستوري؛ هيئة دستورية عالية ومكتملة الصلاحية في التحكيم الدستوري بنزاهة، وطبعا لا يقل دور ولا خصوصية اللجنة المستقلة للانتخابات في إشرافها على سير العملية الانتخابية عن ذلك.
الكتابة إلى الهيئتين ليست هي المحدد لسير العمل بهما وليس لها إسهام كبير في ذلك؛ فهناك نظم وقوانين هي التي تحدد مسار العمل والحكم والبت النهائي في ذلك، ولا مجال للمراسلات مهما كان فحواها؛ نصحا أو تهكما أو تخوينا أو تثمينا؛ إلا إذا كانت طعونا سلكت مسلكها الطبيعي وعضدتها شواهد وقرائن وبينات.
ليس الأمر كما قدمتم ويقدم البعض وعليه تأسفون وتتجهون إلى أن موريتانيا ليس بها من يحسن الظن بالمجلس الدستوري ومن قبله لجنة الحكماء السبعة؛
أعتقد جازما أن طيفا كبيرا من المواطنين الموريتانيين يحسن الظن بالهيئتين ولا معقب عنده على حكميهما، أما الباقي المسيء للظن فهو قليل، قلة تتمثل في طيف معارض قد يقال أنه أيضا أساء تقدير المراحل الماضية كما يسيء الظن الآن؛ فانفلت منه التموقع الجيد مما أفقدة الوجود عند نقاط التأثير وطبعا لم يبق له إلى بعض الكلام المعاد دون جدوى ولا فاعلية.
ثم إن المجلس الدستوري لم تصل إليه طعون لأن المقاطع لا يحق له ذلك ومن شاركوا رفضوا الطعن.. إذا لا يستساغ أن يرفض المجلس نتائج سباق لم تقدم ضده شوائب ولا نواقص -على الأقل عند هيئة الاختصاص والحكم-.
التساؤل عن سهر المجلس على صحة الاستفتاء أمر متجاوز والقول بحصول التزوير دون تقديم أدلة أو طعون أو بينة وبراهين يعبر فقط عن البحث عن الحجج الواهية، والتعلق بخيوط العنكبوت.
القول بأن تزكية نتائج الاستفتاء تسجل المجلس في صنف شاهدي الزور لا يقول به إلا الطيف المعارض المقاطع -بوصف المتحدث ناطقا باسمه- وطبعا خالفه غيره ممن يقاس بهم نجاح الاستفتاء وتعلو بهم نسبة المشاركة فيه والتصويت.. بل ينضاف إلى ذلك بعض من عزف عن المشاركة حبا للمصلحة والكلمة الجامعة وتجنبا للفتن والتفرقة والشقاق..
أعتقد أن القول بأننا مقبلون على وطن منقسم بعلمين ونشيدين ودعاة سياسة مختلفين؛ على هذا المنحى، لا تعضده شواهد ولا يمكن الرهان على ظهوره وبقائه زمنا يستحق الاعتبار، بل إن بوادر التلاشي هي الأظهر، وقبول النتائج من لدن الشعب هي العبارة المرسومة في الأفق، وإن بقيت أصوات مبحوحة لا تؤثر على المسار العام ولا تشكل رقما يحيل إلى الندية أو استحضار التأثير.