تسود حالة من الترقب في الأوساط الخليجية مع انتهاء المهلة الجديدة التي منحتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر لتنفيذ مطالبها بوساطة كويتية.
وقبل اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع اليوم في القاهرة لبحث تطورات الموقف من العلاقات مع قطر، تبرز 3 إجراءات متوقعة في ضوء الرفض المرتقب للمطالب من الدوحة التي تعتبرها غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، وكذلك في ضوء تهديدات الدول الأربع المتواصلة للدوحة من مغبة الرفض.
ووفق أكاديمي مصري ووسائل إعلام مصرية وخليجية فإن الإجراء الأول هو التحرك نحو مجلس الأمن لإدانة قطر، فيما كان الثاني هو تشديد الحصار الاقتصادي على الدوحة مع فرض عقوبات جديدة وإمكانية تجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، والثالث هو التصعيد العسكري.
وكانت الأزمة الخليجية قد بدأت في 5 يونيو / حزيران الماضي، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت الثلاث الأولى عليها حصارا بريا وجويا لاتهامها بـ "دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الأخيرة.
وبضغط دولي، قدمت الدول الأربع مساء يوم 22 يونيو / حزيران الماضي إلى قطر عبر الكويت، قائمة تضم 13 مطلبا لإعادة العلاقات مع الدوحة، بينها إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، وإغلاق قناة "الجزيرة"، وأمهلتها 10 أيام لتنفيذها.
وهي المطالب التي اعتبرت الدوحة أنها "ليست واقعية ولا متوازنة وغير منطقية وغير قابلة للتنفيذ"، ومع انتهاء المهلة الأولى منتصف ليل الأحد الماضي، طلبت الكويت مهلة 48 ساعة إضافية وافقت عليها الدول الأربع انتهت منتصف ليل أمس الثلاثاء.
وبالتزامن مع توقيت انتهاء المهلة، أعلنت القاهرة استضافتها للقاء جمع رؤساء مخابرات الدول الأربع المقاطعة لقطر مساء الثلاثاء، دون تفاصيل حول اللقاء الذي يأتي قبل ساعات من اجتماع وزراء الخارجية اليوم.
** الاحتمال الأول.. التوجه إلى مجلس الأمن
واعتبر الأكاديمي المصري وأستاذ العلوم السياسية طارق فهمي، أن من ضمن الإجراءات التي سيبحثها اجتماع القاهرة طرق التصعيد الدبلوماسي الدولية أمام مجلس الأمن.
وأوضح فهمي في تصريحات صحفية، أن القاهرة التي تشغل رئيس لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن حاليا، ستبحث خلال الاجتماع مع دول الحصار إمكانية تقديم شكوى ضد تمويل قطر للإرهاب أمام مجلس الأمن.
وهو الطرح الذي أيده الإعلامي المصري المقرب من السلطات أحمد موسى، حيث قال مساء أمس في برنامجه التليفزيوني إن مصير دولة قطر في حالة رفضها مطالب دول الحصار، "المثول أمام مجلس الأمن لتكون ضمن دول محور الشر".
** الاحتمال الثاني.. تشديد الحصار
يبدو واضحا من تطور الأحداث أن الأمور تدفع دفعا نحو تشديد الحصار على قطر، وبينما كان الحديث في أيام المهلة الأولى عن تهديدات لقطر بالعزلة من تلك الدول، تطور الأمر إلى تلميحات بتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها.
وهو ما عبر عنه عمر غباش سفير الإمارات في روسيا خلال مقابلة مع صحيفة الجارديان قال فيها إن "هناك بعض العقوبات الاقتصادية التي يمكننا فرضها تجرى دراستها في الوقت الحالي".
وأضاف: "يتمثل أحد الاحتمالات في فرض شروط على شركائنا التجاريين وإبلاغهم بأنهم إذا أرادوا العمل معنا فعليهم أن يحددوا خيارا تجاريا".
ولفت إلى أن إخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي "ليس العقوبة الوحيدة المتاحة".
وفي السياق نفسه، نقلت مجلة "الأهرام العربي" المصرية الحكومية، عبر موقعها الإلكتروني، عن "مصادر عربية رفيعة" (لم تسمها)، أن العقوبات التي تنتظر قطر بعد انتهاء المهلة، تشديد المقاطعة الاقتصادية، وتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، وتجميد ودائع قطر في الدول المقاطعة.
واعتبر رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" السعودية جميل الذيابي، أن رفض قطر للمطالب ينبئ بأن "القادم هو الأسوأ لقطر".
وقال الذيابي في تصريحات صحفية، إن دول المقاطعة ستدعو إلى تجميد عضوية الدوحة في المحافل العربية كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
وثمة توقعات بأن تعمد السعودية بعدما حظرت ومعها الإمارات ومصر المواقع القطرية أو المحسوبة على قطر لديهما، إلى إيقاف بث قناة "الجزيرة" على قمري "عرب سات" و"نايل سات".
** الاحتمال الثالث.. التصعيد العسكري
الاحتمال الثالث وهو التصعيد العسكري، ويعد مستبعدا في الوقت الحالي في ضوء استمرار مساع دولية وإقليمية تهدف إلى الحيلولة دون وقوع تصعيد كبير، قد يهدد بخروج الأمور عن السيطرة في المنطقة التي تحتدم بالصراعات الإقليمية بالفعل.
إلا أن شبح هذا الاحتمال يخيم على المنطقة، ويستخدم ورقة ضغط تستخدمه الدول المقاطعة وسيلة ضغط نفسي، إما بالتصريح تارة كما سبق أن لوح به وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة في تغريدة له حمل فيها الدوحة مغبة التصعيد العسكري في المنطقة، أو عبر الإيحاء بإمكانية تنفيذه تارة أخرى عبر تسريب أخبار توصل هذا الإيحاء دون تأكيدها أو نفيها.
وفي هذا الصدد، قالت مجلة "الأهرام العربي" الخميس الماضي، إن الدول الأربع المقاطعة لقطر تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في البحرين، ما لم تستجب قطر للمطالب.
وأشارت إلى أن الخطوة ستمثل أول وجود عسكري مصري متقدم وثابت في منطقة الخليج، دون تعقيب للدول الأربع على ما ذكرته المجلة.
وهذا السيناريو مستبعد في ظل عدم وجود ضوء أخضر أمريكي، وقد أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنه تم "الاتفاق مع واشنطن على ضرورة البحث عن حل سلمي للأزمة الخليجية".
كما أكد عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الألماني زيغمار غابرييل أمس الثلاثاء، أن الرد (المحتمل) للدول المقاطعة لقطر في حال عدم استجابة الدوحة لمطالبها "سيكون في إطار القانون الدولي".
وبوجه عام، اعتبر المحلل الأمريكي رالف جينينجز، في مقال بمجلة "فوربس" الأمريكية، أن أبرز السيناريوهات المطروحة في الفترة الحالية هو استمرار التصعيد بين الجانبين".
وهو ما أكده الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيطالي أنجيلو ألفانو، عقب محادثاتهما الثلاثاء في روما، أن "هذه القضية معقدة وسيتطلب حلها وقتا".
وأكد أبو الغيط دعمه بشكل كامل جهود الوساطة التي تبذلها الكويت، مؤكدا أنه "على استعداد لأن نقوم بدور، في حال تطلبت الضرورة".
وحول رأيه في مطالب الدول الخليجية قال أبو الغيط: "لا أستطيع أن أعلق هنا على أي من هذه النقاط أو المطالب، لأن هناك أطرافا عليها أن تبحثها عبر وساطة، وليس من الممكن أن نقفز فورا إلى النتيجة".
وانتقدت قطر على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، موقف الجامعة العربية من الأزمة الخليجية الراهنة، حيث قال إنها "لم تحرك ساكنا منذ فرض الإجراءات الجائرة على قطر".
وتمضي الدوحة في مواجهة الأزمة وسيناريوهاتها المتوقعة على أكثر من صعيد، ضمن محور ثابت أعلنته وهو أن الحوار هو الخيار الاستراتيجي لها بحل الأزمة مع استعدادها لمناقشة وبحث أي طلبات لا تنتهك سيادتها.