البيان الذي أصدره حزب اللقاء الديمقراطي لشرح أسباب و مبررات مشاركته في الاستفتاء كان جيداً، فقد استفاض في عرض رؤيته لاستراتيجية المقاطعة، و مراهنته على رفض الموريتانيين للدستور الجديد، فلَحن بحجته.
و للقاء الديمقراطي استراتيجيته في إفشال انقلاب ولد عبد العزيز الدستوري التي لا يسع المرء غير احترامها، تماماً كما لا يسعه غير احترام خيار المقاطعين.
أعتقد أن خيار المشاركة الذي تبناه اللقاء، من الطرق السالكة التي تؤدي في نهاية مطافها إلى روما إفشال التعديلات الدستورية، حيث ستتم مقاومة مهزلة الاستفتاء عبر ثلاث جبهات:
– جبهة الشيوخ الرافضين للتعديلات الدستورية، و تكتسي ميزتها من موقعها كسلطة تشريعية، و من معارضتها من داخل أغلبية النظام الحاكم لاستفتاء لا شرعية له. و هي جبهة يخولها القانون اتخاذ إجراءات بالغة النكاية.
– جبهة المقاطعين داخل المنتدى، و هي جبهة ترابط في ثغور المعارضة الديمقراطية، و تنطلق في مقاطعتها للاستفتاء من عدم اعترافها بشرعيته الدستورية، و من منطلق سياسي يفرض عليها رفض الخيارات الأحادية التي يتبناها النظام. و ميزة هذه الجبهة في تاريخها النضالي، الذي واجه الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله، ثم واصل تصديه لمشروع الاستبداد الذي يأخذ أحد منعرجاته الحاسمة.
– جبهة اللقاء الديمقراطي و حلفائها المحتملين، و تكتسي أهميتها في أنها معارضة مشاركة في الاستفتاء، تطرح شروطاً دقيقة، ليتسنى لها أن تقطع الطريق على محاولات النظام المتوقعة لتزوير نتائج الاستفتاء على الدستور.
الجبهات الثلاث كفيلة بتضييق الخناق على التعديلات الدستورية، فمشاركة اللقاء إن توفرت لها شروط الرقابة الفعّالة على العملية الإجرائية (و استبعد ذلك) قد تكون سبباً في فشل ولد عبد العزيز في تمرير الاستفتاء عبر صناديق الاقتراع، و بهذا يكون “المصغّر قد صغّر ثانياً”. فالتعديلات الباطلة دستورياً، بعد رفضها من طرف الشيوخ تبطل أيضا شعبياً. و يصبح ولد عبد العزيز أشبه باللص حين تقبض عليه الشرطة في حالة تلبّس، فلا هو نجح في سرقته أموال غيره، و لا هو نجا من أن تطاله كف القانون.
أمران أحلاهما علقم.!
و هنا تكون مشاركة اللقاء قد أوقعت الرجل في ورطة كبيرة، حيث لم يخلُ لقنبرته الجو لتزوير النتائج.
السيناريو الثاني: أن يستطيع ولد عبد العزيز، بممالئة القوى التقليدية و نفوذ الجنرالات و رجال المصالح و ضغوط الإدارة على عمالها و موظفيها، أن يمرّر التعديلات الدستورية من ناحية لا غبار عليها إجرائياً، غير أن ذلك لن يغير فتيلاً من مواقف الشيوخ و المنتدى، متوكئين في ذلك على عصى الشرعية الدستورية، التي لا تعترف بمهزلة الاستفتاء.
في النهاية أرى أن مشاركة اللقاء الديمقراطي تحكم الحلقات و تسدّ الفجاج، و تطوّق مشروع الانقلاب الدستوري، فتجعل مصيره بين فشل بسيط أو فشل مركب..
إنه طوفان لا يمكن لمن يركب أمواجه أن ينجو من الغرق…
خذا بطن هرشى أو قفاها.. فإنما
كلا جانبي هرشى لهن طريق
تقدمي ...........