نظم بيت الشعر - نواكشوط مساء (الخميس) لقاء فنيا مع المسرحي بون ولد اميده حول "آفاق تطوير التجربة المسرحية في موريتانيا"، وذلك وسط حضور كبير للنخبة الثقافية والمسرحية في البلاد. أدار هذا اللقاء الشاعر محمد المحبوبي، الذي رحب بالحضور، منوها إلى أن بيت الشعر بتنظيم هذا اللقاء يفتح نافذة تواصل مع فن لصيق بالشعر وكافة الفنون الأخرى، ومشيرا إلى ضرورة تكامل روافد العملية الثقافية الإبداعية، وخاصة في مجالي الأدب والمسرح. مقدما ورقة تعرف بالسيرة الذاتية لضيف اللقاء والمحطات المهمة في مسيرته المسرحية والإعلامية.
بعد ذلك بدأ الفنان المسرحي بونه ولد أميده محاضرته بتوجيه كلمة شكر إلى القائمين على بيت الشعر - نواكشوط، معلنا أنهم بهذا اللقاء تمكنوا من إخراجه من عزلته الثقافية وفق تعبيره.
ولد أميده قدم ورقة عن آفاق تطوير التجربة المسرحية في موريتانيا أثنى فيها على المبادرات الجبارة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة في دعم المسرح والاهتمام به وبالمسرحيين العرب. وعرض في هذا المجال لتجربة المسرح المدرسي في موريتانيا، التي أشرفت على مواسمها الأولى الهيئة العربية للمسرح. كما عرج على تاريخ المسرح في موريتانيا والإرهاصات الأولى لنشأته، مشيرا بوضوح إلى أن أشكالا من الفن المسرحي وجدت في المجتمع الموريتاني القديم. وقال "لئن وصل الباحثون المعاصرون إلى أن المسرح هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي باعتباره التكوين الناشئ عن حقيقة أو عدة حقائق يستهدف عملا إبداعيا يؤثر على الجماهير مهما كانت نوعيتها ودرجة تعليمها وثقافتها، فإن هذا التعريف ينطبق على ما وجد في التراث الموريتاني، إذ وجدت فيه من أشكال الوعي والاحتفالات؛ ما يمكن أن تعتبر عملا إبداعيا له تأثيره، وبمشاهدتنا لبعض المشاهد الاحتفالية في التراث الموريتاني الشعبي يتأتى لنا في جلي القول إن هناك الكثير من الفرجة المسرحية، فكما كان يحتفل الموريتانيون بمواسم الحصاد من خلال رقصات وأغان فيها الكثير من الفرجة، يمكن أن نؤصل لها بما كان يحدث عند اليونان في احتفالاتهم بأعياد الإله دينس يوس إله الخير والشر وهي البدايات الأولى لولادة المسرح اليوناني".
وأضاف: "في موريتانيا كانت القصص والأساطير والأحاجي عن الشخصيات التراثية مثل شخصية "ديلول" و"أحمد لمقومت" و"تيبه أم انعيلات" وكذلك الحكايات عن الأبطال التاريخيين و ندوات الشعر بين الشباب وحكايات الجدات للأطفال دليلا واضحا على وجود المسرح في هذا البلد منذ زمن بعيد" وقال: "كانت هذه المظاهر انعكاسا حقيقا لبدايات إرهاصات المسرح وإن لم يتم الاتفاق على تسميتها بالأعمال المسرحية لكنها تموقع نفسها في دائرة الأعمال الفرجوية لأن المسرح يعني وجود ممثل وفضاء وجمهور وهي عناصر تتوفر بالقطع في هذه التجارب". ثم تناول مداخل تطوير التجربة المسرحية، وعرض لما ينبغي العمل على تحقيقه في هذا المجال، ومن بينه: -المراهنة على التكوين في الاختصاصات المرتبطة بالثقافة والفنون والتراث كشرط لضمان فعالية المسرح؛ - تكريس مبدأ لا مركزية فعلية لمشاريع التنمية الثقافية بصورة متوازنة بين المناطق والجهات، حتى يمكن لفن مثل فن المسرح أن ينتشر ويكثر ممارسوه؛ - العمل على خلق موارد جديدة للثقافة من خلال تنمية اقتصاد الثقافة والفنون والتراث، - العمل على خلق دبلوماسية ثقافية موريتانية تكون واجهة خارجية لإشعاع ثقافتنا في تنوعها الفريد عربيا وإفريقيا وعالميا.
وفي الأخير، قدم ولد أميده مقترحات ورد فيها: - تفعيل قانون الملكية الفكرية بحيث يضمن حقوق كل المبدعين؛ - سن قانون يضبط وضعية الفنان وامتيازاته؛- تثمين المشاركات الثقافية والفنية الموريتانية في المحافل الدولية والإقليمية؛ - العمل على إدراج مادة التربية الفنية ضمن المناهج التربوية الوطنية؛ - تنظيم أسابيع وطنية للثقافة والفنون بداخل البلد وخارجه؛ - تنظيم مهرجانات جهوية وطنية ثقافية وفنية وتنظيم أيام تفكيرية حول العمل الثقافي؛ - العمل على إدراج جائزة للفنون.