خرجة ولد عبد العزيز تضع أزمة موريتانيا على سكة الانفجار

خميس, 03/23/2017 - 12:49
سيدى على بلعمش

مدخل :
مهما قال ولد عبد العزيز و مهما فعل و مهما تظاهر بتجاهل الواقع ، ستظل الحقيقة التي لا تخفى على أي عاقل، أن الضربة التي وجهها له مجلس الشيوخ ، تفوق قدرته على الفهم و تفوق قدرته على التحمل و تفوق قدرته على تدارك و معالجة تداعياتها..
و كل المؤشرات تؤكد الآن أن ولد عبد العزيز سيظل من خطأ إلى آخر حتى نهايته التي لا يلوح أي مؤشر في الأفق المقروء بأنها يمكن بأي حال أن تستمر حتى نهاية مأموريته المزعومة ، سنة 2019
و كان عدم رد ولد عبد العزيز على “ضربة الشيوخ” خلال 48 ساعة الأولى يعني عدة أمور تجاوزها الكثيرون :

أولا أنها كانت مفاجئة و غير متوقعة بالنسبة له

ثانيا أنها أفسدت كل ما كان يفكر فيه
ثالثا أنه لم يكن يعمل على مخطط مرسوم و محكم
رابعا ، ظهر من خلال كل هذه الأمور مجتمعة أن ما يسمونه “أغلبية ” إما تتجه إلى الانهيار و إما تتجه إلى صراع أجنحة سينعكس بشكل أبشع على الاستفتاء الشعبي الذي أكد ولد عبد العزيز أنه يتجه إليه رغم أنف الدستور، بدعوى أن قراءة القانونيين الموالين له، للنصوص من الطبيعي أن تختلف عن قراءة الموالين للمعارضة (لم يعد لأي شيء معنى في البلد و لم تعد فيه ثوابت و لم يعد فيه رأي للمعارضة إلا ويحق للموالاة أن تأخذ رأيا معاكسا له بمفهوم الديمقراطية عند ولد عبد العزيز(؟)
خامسا ، كانت مسرحية ولد عبد العزيز ليلة البارحة ، تنقسم إلى شقين شق داخلي و شق خارجي ، اعتمد في الأول على نكران الحقائق و الكذب و تحميل ما يسميه “تراكمات” (أي كل فشل لا يستطيع تبريره) للأحكام السابقة و البقية مجرد دعاية مغرضة من صنع المعارضة في الخارج .. و في الشق الثاني ، انتهج عنتريات القذافي الغبية بالضبط في مواجهة الغرب و سأعود إلى الشق الثاني في المقال القادم إن شاء الله بتفصيل أكثر لتفهموا أن ولد عبد العزيز المرفوض من الشعب الموريتاني ، المحاصر من جيرانه ، المعادي للغرب ، لم يعد يحتاج إلى من يؤكد أنه يتجه في طريق مسدود. 
ملاحظات أولية عن الحوار :
ـ كان ولد عبد العزيز تحت مستوى النقد : أفكار مشتتة ، تناقضات فاضحة، لغة ركيكة، أكاذيب واضحة، تهرب من بعض الأسئلة تكرر في أكثر من مكان، تبريرات واهية، تعنت على الأخطاء، ازدراء بالصحافة، الإطالة في الردود على الأسئلة غير المهمة ، و الإيجاز حد التجاهل في الأسئلة المهمة : لم يكن مستمعا جيدا و لا متكلما جيدا و لا محاورا مهذبا..
ـ على مستوى الصحافة كانت الأسئلة تنقصها الجراءة .. كان أكثرهم يقدم لسؤاله بـ”تدعي المعارضة” و “يقول البعض” كأنهم لا يطلعون على الحقائق أو لا يريدون تحمل مسؤولياتهم في ما يحدث في وطنهم أو يسعون إلى أن يظلوا على لائحة من تستدعيهم الرئاسة لحضور بروباغاند ولد عبد العزيز التافهة. كان أكثر الأسئلة خارج عن سياق اللقاء (أزمة بلد وصلت حد تخوف أكثر الناس من قيام حرب أهلية أو صراع مسلح أو تفكك نظام يتخبط منذ فترة في الأخطاء) ، تسأل صحافتها عن منع التدخين و السياحة و القطع الأرضية ، مع الاعتراف بأن بعض الأسئلة كانت ذات أهمية و إن كان أصحابها تخلوا عن المطالبة بالرد عليها بما يمكن فهمه.
لم يعترف ولد عبد العزيز بوجود أي أزمة و لم يعترف بمعاناة المواطنين و لم يعترف بفشل التعليم و الصحة و لم يعترف بحق الشيوخ في قرارهم و لم يعترف بالمواد الدستورية الصريحة المنهية لمغامرته الفاشلة ، متشبثا بالمادة 38 غير الواردة بأي صفة في الموضوع ..

و حين سئل عن أسباب عدم تفتيش البنك المركزي و الوزارة الأولى و الرئاسة و المالية و الجمارك : رد ولد عبد العزيز بأنه علينا أن لا نخلط بين الأمور لأن البنك المركزي مؤسسة تختلف عن الوزارة الأولى و الجمارك ليست مثل وزارة المالية (…) و كان الحضور يصفقون له على مهاراته العالية في الردود المسكتة(؟) .

ـ أفضل سؤال في الحوار كان رد الصحفي المميز سيماغا “قلت بأن ديغول استقال لأن الشعب الفرنسي لم يعد يريده و صوت ضده بلا ، فهل ستستقيل مثله إذا صوت الشعب بلا ؟ كان جواب ولد عبد العزيز مضحكا “لم أخلق للإستقالة و لم أخلق لقبول الهزيمة” الجنرال ديغول الذي يغضب الفرنسيين اليوم قول المؤرخين بأنه كان أكبر من فرنسا .. الجنرال ديغول الذي عاد وحيدا من بريطانيا ليسقط النظام في فرنسا .. الجنرال دي غول الذي قاد التحالف الدولي ضد المانيا، خلق للاستقالة و خلق لقبول الهزائم و الميكانيكي الذي لم يقد في حياته غير كتيبة من الأعجام و بالخطأ ، لم يخلق لقبول الهزائم (و كانوا يصفقون له بحرارة و بإعجاب لا حدود له (؟)
ـ لا عم لولد عبد العزيز بفساد التعليم .. لا علم له بقطع منح الطلاب .. لا علم له بإلغاء نتائج امتحانات وزارة التعليم لكنه على كل حال سيسأل عن الموضوع (!!!)

ـ الفساد المالي و التجاري .. فساد التعليم .. فساد صوملك.. فشل وزارة الصحة .. كلها تراكمات من أزمة ماضية و ينسى ولد عبد العزيز أنه يحكم البلد منذ أكثر من عشر سنين (؟)
ـ فشل النظام ، فساد الإدارة ، الأزمة السياسية، ارتفاع الأسعار ، انحراف المجتمع، انتشار الجريمة ، غياب الأمن ، عجز 90% من المواطنين لأول مرة في تاريخ البلد عن تأمين قوتهم، كلها بالنسبة لولد عبد العزيز دعاية مغرضة ترددها المعارضة (؟؟؟)
ما الفائدة من محاورة من لا يعترف بأخطائه ؟

ما الفائدة من محاورة من يرد كل فشل إلى تراكم الحقب الماضية؟

ما الفائدة من محاورة من يرد متى شاء و يرفض الرد متى شاء ؟

هل اعترف ولد عبد العزيز بخطأ واحد في تسييره لبلد يتفق أكثر من نصفه على الأقل بأنه يسير إلى الهاوية؟

هل اعترف ولد عبد العزيز بتقصير نظامه في أي وجه من أوجه الحياة في بلد أصبح كل مواطن فيه يتوقع أن ينهار في أي لحظة؟
كل فساد سوق الأدوية الذي يموت العشرات بل المئات كل يوم بسببه ، يرد عليه ولد عبد العزيز بأن جلالة الدولة حين تأكدت من هذا الموضوع ، رخصت لمورد واحد بإيراد المضادات الحيوية(؟؟) : لا حديث عن عقوبات رادعة ، لا وعود حتى باتخاذ تدابير صارمة ضد المجرمين و لا اكتراث لمعاناة الواقعين في فخ هذا الإجرام المتصاعد(؟؟).

النتائج المستخلصة من هذه المقابلة التي بدأت دعايتها بعدم إشراك الصحافة الرسمية و دعوة كل مجرة الاتحاد من أجل نهب الجمهورية من أحزاب الشنطة التي يتباكى أصحابها أمام كل من يلاقيهم بتهميشهم و احتقارهم من قبل كل أطراف الطغمة الحاكمة و يتعاقبون نهاية كل شهر على مكتب ولد مكت لينال كل منهم ما يستحقه حسب عدد مأمورياته الشهرية ، تتلخص (النتائج المستخلصة من المقابلة) في ما يلي :
ـ ولد عبد العزيز سائر في طريق الاستفتاء الشعبي على الدستور سواء كان القانون يسمح بذلك او لا يسمح به
ـ سيتم تمرير تغيير الدستور سواء رفضه الجميع أو صوت له (هذه تضمنها اللجنة الانتخابية و تغفل عنها المعارضة المراهنة على أن الشعب لن يصوت لصالح تغيير الدستور: لا يحتاج ولد عبد العزيز إلى القانون و لا يحتاج إلى أصوات الشعب) . 
ـ بيجل و مسعود لن يرفضا طلبا لولد عبد العزيز إلا بقدر ما يؤكد أن له معارضة تشاركه في “الإصلاحات الدستورية” لمغالطة الرأي العام المحلي و الخارجي و هما أخطر و أكثر ولاء له من ولد الطيب و ولد محم خيره ..
ـ تجاهل ولد عبد العزيز لتمرد الشيوخ و ما خلفه قد يوقعه في ورطة لا يتوقعها أحد و ازدراؤه بهم و استعداده للاصطدام بهم قد يؤدي إلى تدويل الصراع من حيث لا يتوقع ..
ـ اعتقاد ولد عبد العزيز أنه يستطيع تفسير القانون كما يريد أو كما يحتاج على الأصح ، سيفجر الوضع في موريتانيا على غرار ما حدث في غامبيا بالضبط و سيخسر هذه اللعبة من يعتقد أن العالم غير معني بما يحدث في موريتانيا كما كرر ولد عبد العزيز البارحة أكثر من مرة.