في يوم الأربعاء الماضي رحل عنا إلى جنات الخلد بحول الله وقوته الوالد الكريم: الصّديق بن الشيخ رحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه, وأدخله فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, ولله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بمقدار وإنّا لله وإنا إليه راجعون, اللهم ارحمه واغفر له واعف عنه وعافيه, اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده, وبهذه المناسبة الأليمة وتخليدا لذكره الكريم, أهدي هذه المرثية لكل إخوانه وأصدقائه ومحبيه..., وهي تحت عنوان:
عبرات الأسى:
هو الموت من كل المصائب أعْظم***ويضربُ في كل البقاع ويهدمُ
ويحفرُ قاعَ الحزن في كل موطنٍ***ويقطعُ دربَ السائرينَ ويحسمُ
إذا حطَّ في جمع من الناس رَحله***فما أحــــــدٌ قـــــدَّامه يتقدَّمٌ...!
فكمْ شتتَ الأحبابَ والأهل والحمَى***وأجَّجَ ناراً بالجوانح تُضرمُ!
فلا غرْوَ أنْ ندَّ القريض لوقعه***ولا غروَ أنْ كلَّ الحسامُ المصممُ
ولكنَّ فقدَ الشيخ عزَّ اصْطبارُه***وخلَّفَ حُزنا بالفـــــــؤاد مُخيِّـــمُ
وأضْرمَ في الوجدان شجواً مؤبَّداً***يُمزِّقُ صبر الصابرين ويقصمُ
وأوْرثني حُزناً أنـــــوءُ بحمله***مدى الدهر والأيـــــامُ للحزن سلَّمُ
هو الساجدُ الأوَّاهُ والقـــــائمُ الذي***يبيتُ يُنــــــــاجي رَبَّه ويعظِّمُ
هو الماجدُ (الصّديق) سيدُ قومه***يُضمِّخهمْ مجداً ويحمي ويخدمُ..
هو الفـــــارسُ المغــوارُ في كل مشهدٍ***يَعـزُّ على أقــرانه فيـقــدَّمُ
تقدَّمَ في الأخـــلاق والبذل والنَّدى***وفي الهمة العليــاء والمجدُ يعلــمُ
صَبورٌ وصَرف الدهر يغلي من الأسى***صَؤولٌ ونــارُ الحرب تـُذكى وتضرمُ
صَفوحٌ عن الزّلاَّتِ والطَّيش والخنى***ضَحوكٌ لدى الرَّوْعاتِ والخطبُ مُعتمُ
كــَـريمٌ مدى الأيـــــام حــتى كأنَّــه***بكـــل مَقــــال للسَّمـــــاحة يُــرْسَمُ
رَحــيمٌ بكل النــاس يرأبُ صَدعهمْ***ويحمي الحمى والعاديـــاتُ تُدمـْدمُ
فَـصـــيحٌ وكلُ القـوم يعلم أنَّــــه***إذا احْــرَنْجــمَ الخِـــــلاَّنُ لا يتلعثـمُ
شجاعٌ أمام الخطب يحمي عرينه***ويضربُ في نحر العـــدوِّ ويصدمُ
فلـوْ دامتِ الأيـــامُ يوماً لصامدٍ***لظلَّتْ لــه الأيــــامُ تحـــمي وتُكــرمُ
ولوْ ردَّت الأمجـــادُ ميتـاً لأهلــه***لعــادتْ به الأمجـــادُ والموت مُرغـمُ
ولوْ جــاز أنْ يُفدى من الموت واحدٌ***لعــاش قــريرَ العين دهـراً منعَّمُ
ولــــكنَّ أمرَ الله بـالمــرءِ نــــازلٌ***يــؤخِّرهُ طــوْراً وطــوْراً يُـقــــدِّمُ
فيا رب يا رحمانُ إذ جــاءَ لائـذاً***ببــابــك والمنَّـــانُ بالنــاس أرْحــمُ
فأنزله في جنــَّات عـدنٍ مُكــرّما***مع الحـــور والولــدان يلهو ويُخـدمُ
ويمرحُ في روضات عـدنٍ مُخلَّداً***يـقــومُ مقـــامَ الـزاهــدين وهـمْ هــمُ
ويسبحُ في بحر من الخير طـافح***مع الأهل والأحبـاب والفضل أعْظمُ
ويـصْعدُ منْ بَهـو لبهـو ويــرتقي***مـِـراراً أمـــامَ العـــالمين ويُكـــــرمُ
أيـــا رب يا منــانُ فاكـرمْ وفـــاده***يُعانق مــا يهــوى الفــــؤادُ ويحلـــمُ
وصلِّ إلـــهي ثم سلّمْ عـلى الــذي***بأمــــْداحه يُبـــدى الكــــــلامُ ويُخــتمُ
مع الآل والأصحـاب ما قـال قائـلٌ***هـو الموت من كـل المصائب أعظــمُ
كلمات: المصطفى بن امون بتاريخ:2017/03/08م
20335553/22266006/ [email protected]