في اليوم العالمي للإذاعة (13 فبراير)، أهنئ جميع الإذاعات التي تبث بلغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم، لغة العِلم والمعرفة، ولغة المستقبَل بإذن الله، وأخصّ بالذكر الإذاعة الوطنية الموريتانية.
ويسرني، بهذه المناسبة السعيدة، أن أعيد نشر مقال كتبته بتاريخ: 8 يناير 2013م، تحت عنوان: شكرا جزيلا لإذاعتنا الوطنية، جاء فيه:
نظّمتْ الإذاعة الوطنية الموريتانية يوم الثلاثاء: 25 صفر 1434 ه / 08 يناير/كانون الثاني 2013 م ، يومًا مفتوحًا حول اللغة العربية، وأودّ ، بهذه المناسبة ، أن أشكرَ للإذاعة ، وللقائمين على تدبير شؤونها ، هذه المبادَرةَ الطيبةَ التي جاءت في و قت تتعرض فيه اللغة العربية لظلم ذوي القربى.
وظُلْم ذوي القُربَى أشدّ مضاضةً * على المرْءِ من وَقْعِ الحُسام المُهنَّد.
من مظاهر هذا الظلم ، عدم اتّخاذ قرار سياسيّ بتفعيل الدّساتير العربية التي تنصّ على أنّ اللغةَ العربيةَ هي اللغةُ الرسميةُ، الأمر الذي يقتضي استعمالَها في التعليم- في جميع مراحله وأنواعه- وفي الإدارةِ، وفي سائر المرافق الحيوية للدولة.
لقد ترتّبَ على عدم استعمال اللغة العربية، عزوف أبنائنا عن الاهتمام بها فأصبحوا لا يُلقون بالا لتعلُّمِها و لا يحرصون على سلامة المتداوَل منها، شأنهم في ذلك شأن الوسط الذي يعيشون فيه، فالإنسان ابن بيئته. و قد لفتَ نظري ما ذَكَرَه أحدُ الأساتذة ، المشاركين في هذا اليوم الإذاعيّ المفتوح، من أنّ أحدَ الأساتذة كان مُستاءً من وجود طلاب يربطون تاء الفعل، فقال له زميلُه: هَوِّنْ عليك، فأنا عندي طلبة يربطون الثاءَ !
إنّ إهمال اللغة العربية و الاستهزاء بها و تهميش المتمكّنين منها، هو السببُ الرئيس في هذا المستوى المتدنّي الذي و صلتْ إليه عملية التعليم والتعلُّم في الوطن العربيّ .
لا شكّ في أنّ و جود هذه الظاهرة في موريتانيا "بلاد المليون شاعر" وبلاد العلماء و الفقهاء وحفظة القرآن الكريم...، يدلّ على و جودها في سائر البلدان العربية، وهو ما تشير إليه البحوث والدراسات المتخصّصة ، والتي تربط تقدُّمَ العرب باستعمال لغتهم ، مُشِيرةً إلى أنّ ضعف اللغة من ضعف أهلها .
أودُّ، في هذا المقام، أن أنوِّهَ بالمستوى العالي للأساتذة واللغويين والأدباء والشعراء والصَّحَفيين المشاركين في هذا اللقاء المتميز- بكل ما في الكلمة من معنًى- الذي جمع بين الإمْتاع والانتِفاع، والجمع بين الفائدة و المتعة ، غاية يصعب إدراكها.
أرجو من الإذاعة الوطنية، ومن وسائل الإعلام المختلفة، الإكثار من هذا النوع من البرامج. وأذكِّر بأنّ الإذاعة، بصفة خاصّة ، ما زالتْ تُعَدُّ أهَمَّ وسيلة للتثقيف الجماهيريّ، في عالَمِنا العربيّ الذي ترتفع فيه نسبة الأمية بين المواطنين. فالأميّ العربيّ يعي جيّدًا ما يسمع بلغته الأم.
وتتكّد أهمية الإذاعة في المناطق التي لا توجد فيها، لا كهرباء، ولا تلفاز، ولا مدرسة...
إنّ حاسة الأذن قد تسبق حاسة النظر- في بعض الأحيان -كما يقول بشار بن برد:
ياقوم أذني لبعض الحيّ عاشقة * والأذن تعشق قبل العين أحيانا.
فهذه الأذن قد تجعل صاحبها يستفيد من الإذاعة قبل أن يستفيد من التلفاز، ولا تعارض- طبعًا - بين الاثنين.
أرجو ألّا ينطبق على نداءات الغُيُرِ على اللغة العربية، قول هذا الشاعر ( بشار بن برد ):
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا * ولكن لا حياة لمن تنادي.
و في هذا الوقت الذي يتنافس فيه السياسيون- في وطننا العربيّ -في إرضاء الجماهير، للحصول على أصواتهم الانتخابية، دعونا نحلم (والحلم مشروع )، بأن يتّخذ السياسيّون العرب قرارا حاسما و مُلْزِما بإعادة الاعتبار إلى اللغة العربية ، و في ذلك فليتنافس المتنافسون.