بوجه من الكاسيترايت اعترف وزير الاقتصاد و المالية الموريتاني المختار ولد اچاي أنه قدم في مكتبه رشوة لصحفي موريتاني. نقطة رأس سطر.
يبدو الأمر عاديا جداً، فأي الرجال المهذب.؟!
نحن في بلد يلعن فيه الوزير مرتين لكونه راشِياً و مرتشياً، أما الصحفي فيُلعَن مرة واحدة لأنه تعود أن يُرشى لا أن يَرشي. غير أن مربط الفرس في المسئلة هو أن ولد اچاى اعترف بوقاحة بتقديمه رشوة لصحفي كان عذره بقبولها أفضل من ذنبه، فلم ينله و لن يناله عقاب.. و قبلها اعترف وزير العدل السابق سيدي ولد الزين أمام مجلس الشيوخ بأن هنالك من عرضوا عليه رشاوى، ثم نجوا بجلودهم من العقاب.
تصوروا لو أن هذه الاعترافات بالرشوة و الارتشاء صدرت من وزراء في دولة قانون، يحكمها رئيس محترم و ليس جنرالاً انقلابياً أرعن..!
و لكنه لا مؤاخذة على راقص في بيت ربّه ضارب دُف، فلولا الرشوة لما استتب لولد عبد العزيز حكم.. و هو من بذّر 50 مليون دولار منحتها السعودية للجيش الموريتاني على لصوص Françafrique.. و منح الصفقات و العقود للمرتزقة الذين ساعدوه في تبييض انقلابه.
.. و كانت صفقة تسليم السنوسي قد طبخت في لندن، عن طريق ابن الرئيس المتوفي أحمدُّ، و لم تبرم إلا بعد أن تم تحويل 30 مليون دولار في حساب شخصي لولد عبد العزيز، حسب ما أخبرني مراسل أجنبي لإحدى القنوات الدولية أن أحد الوزراء الليبيين أخبره بذلك.. كما باع ولد عبد العزيز جوازات سفر دبلوماسية موريتانية لمسؤولين ليبيين، مقابل مبالغ باهظة، و كانت الصفقة التي نشرت تقدمي تفاصيلها في حينها، سبب الجفاء بين ولد عبد العزيز و الناهة بنت مكناس.
إن دون حصر رشاوى ولد عبد العزيز عدّ حصى ذهلان و حجارة ثهلان. فهي دولة مرتشين و راشين، غير أن الاستثناء إنما هو في الوقاحة الطافحة التي اعترف بها ولد اچاي بجريمته، و في الوقاحة التي سيتعامل بها ولد عبد العزيز مع اعترافات وزيره، حيث لن تختلف عن تعامله مع مطالبته غير الدستورية بتمديد مأمورياته الرئاسية. غير أن الدروس التي نستخلصها من هذه النازلة، هي أن الوزير المحظي بثقة ولد عبد العزيز، ليس لكفاءته و لا لخلقه و إبداعه، و إنما لتوارد خواطرهما على الارتزاق و سلخ جلود المواطنين بالمكوس و الإتاوات و غلاء الأسعار، هو شخص بالغ الوقاحة، لا يستحق منصب غفير فكيف بوزير.
اقترح ولد اچاي في الأشهر الماضية على سيده الأرعن، حين انعدمت السيولة و أنذر الوضع الاقتصادي بجائحة، فكرة قد لا تصدقوها:
يكدّس النساء الموريتانيات ثروات لا يستفيد منها الاقتصاد الوطني، من خلال ما يكنزونه في غرف نومهم من أساور و حلي، لا مبالغة في تقديرها بالمليارات، و سيكون من المفيد أخذ ضرائب عليها.
راقت الفكرة كثيرا لولد عبد العزيز، غير أنه رأى أنه من الصعب تنفيذها، فلا مجال لأن تقتحم “الدولة” الخدور، لكشف المستور، غير أن ولد اچاي اقترح الإستعانة في ذلك بمصوري الحفلات التي تظهر فيها سيدات المجتمع مائسات، ينوء الذهب و الماس بأجسادهن، فضحك ولد عبد العزيز كثيرا و قال له: إن الفكرة مهمة.. غير أنها ليست الطريقة الناجعة لتنفيذها.
هذه القصة التي حدثت من فترة قصيرة من شأنها أن تعطي القارئ فكرة عن ما يقرّب ولد اچاي من رئيسه: إنه الجشع و الهلع و بالغ الطمع .!
أما الدرس الثاني: فإن هذا الصحفي المرتشي، الذي كتب توضيحا على الفايس بوك تضمن أكثر من ثلاثين خطأ إملائيا، نموذج للإعلامي الذي تهفو له سلطة ولد عبد العزيز، في مستواه و في أخلاقه.
و إذا أردتم أن تستقبلوا العيد بقهقهة هستيرية فاقرأوا ما برّر به احمد ولد محمدّو رشوة وزيره، فهي“انديونة” من ضحك في عيد من بكاء..!
عيد مبارك.