الاستقالة حق لكل من ينتمي إلى أي هيئة أو مؤسسة وحتى الميثاق الغليظ جعل الله منه مخرجا لكل من الطرفين.
لا إشكال في الاستقالة ولا جدال في منزلة النائب الشيخ سيدي محمد بن سييدي ذي الأخلاق الفاضلة والأياادي الماثلة.
الإشكال في أمرين أساسيين:
* الأول: الضغوط التي مارسها النظام على الرجل والتي كانت كيوم حليمة ليست بسر، تلك الضغوط يمكن اعتبارها ومثيلاتها رصاصة رحمة على أكذوبة الديمقراطية وحرية التحزب ، وهي ربع عزة الذي يجب أن يتوقف عنده تأمل الأحزاب السياسية إذا كانت تود استيعاب الدرس، فالسلطات لا تقبل ممن ينشط في عالم الأعمال أويدير وظيفة مرموقة إلا أن يسبح بحمد النظام، وإلا علاه سيف الضريبة ومهند الإقالة، أما المعارضة فجماهيرها يجب أن ينحصروا بين مقاطيع النعال ومقاطيع الرجاء والقانعين من العيش بما كان يقنع به أهل الصفة، وهذا أمر يستلزم الوقوف بحزم وردع ولو اقتضى الأمر مقاطعة كل أنواع الديمقراطية الصورية.
* الثاني: أن الضغوط التي مورست على الرجل لم تكتف بمجرد سحبه برفق من حزب تواصل في صمت بل حملته حملا على أن يمرر عبر رسالة استقالته رسالتين تحملان مستوى من انعدام اللباقة ليس من أخلاق الرجل فحملت اتهامين خطيرين:
- ان الحزب يصدر قرارات خارج الصواب والمصلحة العامة
- أنه لا أمل في الإصلاح رغم النداء المتكرر ومدة من الانتظار
كان ما يناسب الشيخ أن يعبر عن كل ذلك بأنه لم يعد يجد في الحزب تلبية لقناعاته ورؤاه، دون أن يصف تلك القررات بما وصفها به فعدم موافقتها لرؤاه ليس سببا كافيا لوصفها بتلك الأحكام القاسية، وهذا يعني أن الرجل لم يكتف بمغادرة الحزب دون أن يشم دخانا من رائحة الزرب المحروق، لكنه ربما يكون دخانا أخف من دواخن يتحدث بأن النظام عرضها على الرجل وهو ما ينبغي أن يفهمه التواصليون خاصة وأحزاب المعارضة عامة جيدا فلا يكتفوا برمق الرمية دون تقصي الرامي ورد صاعه بصاع في أدنى الأحوال وبصاعين في أحسنها.