مالي لا أرى لعينيك دمعا يا عمران! لماذا أنت لا تبكي يا ولدي! أصرخ يا بني ابكي…!!! فقط لا تبقى جالسآ هكذا كناسك متعبد يشكونا إلى الله ! جلستك المهيبة وصمتك الشامخ مفزع !!! إبكي يا بني واركض إلى أقرب حضن بشري واختبئ، إفعل كما الأطفال ياعمران لا كما الأنبياء ! فجلستك الفاخرة وعينك الشامخة التي تذرف الدم بدل الدمع تحاسبنا..! تُشعرنا بالخزي تقتلنا! كم مؤلم هو صبرك يا ولدي! فابكي لنرتاح نحن يا عمران، إبكي !!! قل لي يا بني من أوحى لك بالجلوس بهيبة القاضي العادل في تلك اللحظة أيها الطفل الحلبي! من أوحى لك بلحظة فجع بهيبة وقداسة، إسمك !!! ما كل ذاك السمو! ما كل تلك الرفعة! كيف خرجت علينا من تحت الركام كطائر الفينيق هيبة !!! ما كل ذاك التماسك، ما كل تلك العزة التي أخجلت بها الإنسانية ياعمران!!! ما كان عليك أن تطل علينا بحزن من النوع الفاخر يا عمران ! كان عليك أن تبكي وتصرخ يا ولدي ! كان عليك أن تتألم وتتخبط في دمائك كالدجاج المذبوح لكي لا نتوقف عند معاناتك طويلا ! كان عليك أن تكون مشهدآ متكررآ عهدناه و منظرا ألفناه ياعمران ! لا أن تكون جرحآ متعاليآ بطعم تأنيب الضمير !!! كان عليك أن تصرخ بحرقة لنلتفت إليك مرة واحدة ونرحل !!! كان عليك أن تفعل كما يفعل كل أطفال سوريا كل يوم على محطات التلفزيون وصفحات الفيس بوك، فننظر إلى معاناتك نظرة واحدة ونذهب إلى حال سبيلنا كما نفعل يوميآ !!! كان عليك أن تنظر إلينا بعيون دامعة تتوسل الشفقة فنتصدق عليك بضغط ” لايك” لصورتك وإلى بوست آخر نرحل! ما كان عليك أن تفعل ما فعلته يا عمران !!! ما كان عليك أن ترمقنا بنظرة الشموخ تلك وتتركنا أسرى لأحزانك !!! ما كان عليك أن تحزن بعزة فنصير نحن الصغار !!! كنت أعلم أن لألم الأطفال جزع خاص لكنني لم أكن أعلم أن لحزنهم هيبة يا عمران!!! لم أكن أعلم ! لا تخبئ يداك الصغيرتان يا عمران ، لا تخجل من دم ملطخ تراه عليهما، فذاك الدم ليس بذمتك عالق !!! هو بذمتي بني وذمة كل من يشاهدك من وراء شاشة تلفاز بصالون مكيف مثلي…!!! عمران أيها الفاتح! أنت اليوم تدشن قلاع قدر عربي قادم…حزن عربي آتِِ، ألم لا ينفع معه الصراخ ! صمتك ذاك كان صوته مرتفع يا عمران؛ كنت وكأنك تطلب من كل عمران نائم بين أحضان أمه بأوطان لا تزال على قيد الإستقرار بأن يرمي عنه طفولته جانبآ ويلبس عليه رداء الحزم ويتحمل مسؤولية نفسه ولا يعول على الكبار لأنهم سيخذلوه كما خذلناك نحن…كما خذلناك ياولدي!