خلقت موضة المهرجانات الثقافية، التي عرفتها موريتانيا خلال الآونة الأخيرة، وعيا متصاعدا لدى العديد من النشطاء والأطر والفاعلين منأبناء مقاطعة المذرذره بضرورة تنظيم مهرجان ثقافي سنوي على غرار بقية المقاطعات والبلدات للتعريف بمقاطعتهم التي تستحق دون منازع لقب عاصمة الثقافة والفن والأدب والتاريخ والتنوع والتعايش... وغيرها من الألقاب.
وقد عزز هذا التوجه غياب أي نشاط ثقافي أو علمي في المقاطعة باستثناء الموسم الرمضاني الذي أطلق قبل فترة برعاية الوزير السابق والمدير الحالي للمصرف العربي لتنمية الاقتصادية بافريقا سيدي ولد التاه والذي تحول إلى تقليد سنوي يركز على الأمور الدينية أكثر من غيرها، إضافة الي تنظيم مواسم ثقافية في بعض القرى التابعة للمذرذره كالدار البيضاء وانهكاره. إلا أن ما يبعث الأمل في إمكانية تحقيق الهدف المنشود هو كون المذرذريين، من فنانين وأدباء وخبراء، هم من يؤطرون وينعشون أغلب المهرجانات الثقافية في البلاد وخارجها.
وهكذا بدأ بعض الغيورين على "الصنكه" يفكرون بجد لإطلاق تظاهرة تكون بحجم التحدي الذي تطرحه محاولة تنظيم مهرجان ليس ككل المهرجانات: مهرجان يبرز ثقافة خصبة، متنوعة، متشعبة، معقدة، عكستها مسلكيات "التمحصير" و"استدمين"، وحياة أهل "اجنكه" الي جانب "اتكيدي".
لقد كانت المحاولة الأولى لإقامة مهرجان ثقافي في المذرذره مع الفنانة الكبيرة والبرلمانية المعلومة بنت الميداح التي سبق ان أعلنت هيئتها، في حفل نظمته قبل سنوات، أنها بصدد تنظيم ملتقى كبير في المذرذرة يحمل اسم مهرجان "لعلاب". لكن الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن حيث تعرضت الفنانة- للأسف- لوعكة صحية اقتضت نقلها للعلاج خارج البلاد واحتاجت بعدها لفترة نقاهة. وهي ظروف جعلت تنظيم المهرجان في موعده امرأ شبه مستحيل.
هنا جاء الدور على مجموعة من الأطر والمهندسين باشرت التنسيق لتنظيم مهرجان أطلقوا عليه هذه المرة مهرجان "العلك"، غير أن خلافات مبكرة نشبت بينهم عصفت بالمشروع وهو في طور الفكرة.
لتدشن مجموعة شبابية جديدة، أطلقت على نفسها "نداء المذرذره"، حراكا جديدا بدأ بالتنسيق مع صاحبة الفكرة الأصلية الفنانة المعلومة، كما باشرت سلسلة اجتماعات تحضيرية حركت القضية بقوة مما خلق معارضة من مجموعات عريضة تم في النهاية انضمام بعضها للمشروع الذي خبت جذوة الحماس له فجأة مع اقتراب موسم المهرجانات (الخريف) وخفت الحديث عنه دون معرفة الأسباب الحقيقية لذلك.. فمن يضع المطبات أمام مهرجان المذرذره؟ ولماذا يتراجع المشروع كلما اقترب من الوصول؟ ولمصلحة من يتم تغييب دورها الثقافي التاريخي البارز؟ وإلى متى يستمر موت المبادرة وجمود الحس العام لدى نخبتها؟