جاء في مقال نشرتُه سابقًا، بعنوان: "هل أخفق العالم في تحقيق الأمن والرخاء للشعوب"، ما يأتي:
"في القرن الحادي والعشرين، لم يعد في إمكان أيّ دولة أن تحقق الأمن والرخاء لمواطنيها بمعزل عن التعاون مع الدول الأخرى، ممّا يقتضي المزيد من التنسيق بين الدول، بصرف النظر عن الأوضاع الداخلية الخاصة بكل دولة. لقد أصبح العالَم"قرية واحدة"-كما يقال-إن لم نقل"غرفة واحدة". وذلك بسبب ثورة المواصلات، وسرعة تدفّق المعلومات، وتعدد وسائل الاتصال، وسهولة التواصل الاجتماعيّ، وتطلع المجموعات والأفراد إلى المساهمة الفاعلة في صنع القرارات المصيرية التي تضمن التعايش السلميّ بين بني البشر، على أسس عادلة ومُنصِفة... وبالتوازي مع هذا التعاون الدوليّ المطلوب، لا بد من التنسيق والتعاون بصفة خاصة بين المجموعات البشرية التي تربطها علاقات خاصة...".
واليوم ونحن نستعد لعقد قمة عربية وقع اختيارُ جامعة الدول العربية على تسميتها "قمة الأمل" في إشارة إلى الظرف العصِيب الذي تعيشه الأمة العربية، لا بد أن نتحدث عن البعد الإفريقي...
إنّ الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية والسياسية والاقتصادية، ومخلَّفات الاحتلال الأجنبيّ، والتطلع إلى المستقبل، والمصير المشترك...كلها عوامل تؤكد حتمية التعاون العربيّ الإفريقيّ وتجعل منه مَطلبًا ملحًّا وأداةَ تنمية وازدهارٍلا غنًى عنها.
وللتذكير، فقد عُقدت أول قمة عربية إفريقية بالقاهرة في شهر مارس/ آذار 1977م. وقد تضمَّن "إعلان القاهرة"، من بين أمور أخرى: 1-الإعلان السياسيّ. 2-إعلان برنامج للتعاون العربيّ الإفريقيّ. 3-الإعلان الاقتصاديّ...وكانت الجهود في تلك الفترة منصبة على خلق آليات للتعاون، تمثلت-على سبيل المثال لَا الحصر-في إنشاء: المصرف العربيّ للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والصندوق العربيّ للمعونة الفنية للدول الإفريقية، والمعهد العربيّ الإفريقيّ للثقافة والدراسات الإستراتيجية، والمعرض التجاريّ العربيّ الإفريقيّ، إلخ.
وعُقِدت القمة العربية الإفريقية الثانية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2010م بليبيا. وقد صدرت عن هذه القمة وثيقة مهمّة تتضمّن خُطة عملٍ للتعاون العربيّ الإفريقيّ خلال الفترة من: 2011 إلى 2016م.
وحتى لا نطيل الحديث في الماضي، وانطلاقًا ممّا اعْتُمِدَ في القِمتيْن (قمة التأسيس، وقمة التخطيط) من قرارات وتوصيات، فمن الواضح أننا لم نصل بعدُ إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
المطلوب من القمة العربية، المنتظَر أن تحتضنها انواكشوط في أواخر الشهر الجاري (يوليو/ تموز 2016م)، أن تعمل على تفعيل مؤسسات العمل العربيّ الإفريقيّ، ومنها: المجلس الوزاريّ العربيّ الإفريقيّ، واللجنة الدائمة للتعاون العربيّ الإفريقيّ، ولجنة تنسيق التعاون العربيّ الإفريقيّ، إلخ. مع التركيز في هذه الفترة الحرجة التي يعيشُها الجانبان (العربيّ والإفريقيّ) على تنسيق المواقف في المحافل الدولية، تجاه القضايا الحيوية المشتركة. بالإضافة إلى استِشراف المستقبَل، بِإعطاءِ نفَسٍ جديد للتعاون العربيّ الإفريقيّ في مختلِف المجالات، ومراجعة الخُطة المذكورة (2011-2016م) وتقويمها، من خلال ما آلت إليه الأمور.
والله وليّ التوفيق.