الرئيس الصحراوى : خسر العالم ابرز قادة التحرر

سبت, 07/09/2016 - 02:03
الرئيس الصحراوى الراحل محمد ولد عبد العزيز

أكد الرئيس الصحراوى الأمين العام لجبهة البوليساريو ان العالم والأمة الصحراوية فقدوا قائدا قدم اروع الأمثلة في التضحية من اجل الحرية والكرامة؛  واضاف رئيس البوليساريو الذي كان يتحدث في المؤتمر الاستثنائ للجبهة ان الرئيس الراحل محمد لد عبد العزيز قاد القضية الصحراوية في سبيل التحرر اكثر من اربعين عاما حققت فيها الجبهة على طريق التحرر اشواطا متقدمة جعلتها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الصحراوى في العالم. 

وفيما يلي :

نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة والأخوات المؤتمرون والمؤتمرات، 

الحضور الكريم،

أود بداية أن أرحب أحر الترحيب بكل الضيوف من الأشقاء والأصدقاء الذين تشجموا عناء السفر في أصعب الظروف،  لمشاركتنا هذا المؤتمر الاستثنائي، وأعبر لهم عن خالص التقدير والعرفان، متمنياً لهم طيب المقام.

ينعقد هذا المؤتمر الاستثنائي للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، تحت شعار قوة، تصميم وإرادة لفرض الاستقلال والسيادة، في وقت متميز يمر به الشعب الصحراوي، بعد أن فقد القائد التاريخي، الأمين العام للجبهة ورئيس الجمهورية الشهيد محمد عبد العزيز، الذي أُطلق اسمه على هذا المؤتمر، بعد أن أعطى حياته قرباناً لحرية وكرامة وعزة واستقلال هذا الشعب الأبي.

فقدت الجبهة أميناً عاماً قادها أربعين سنة، تبوأت في عهده مكانتها العالمية كحركة تحرير وطني، وشخصية قانونية دولية، ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الصحراوي، تؤطر مناضلاته ومناضليه في كل مواقع تواجدهم، وتحظى بإجماعه والتفافه في كفاحه من أجل الحرية والاستقلال.

فقدت الدولة الصحراوية رئيساً محنكاً قاد مسيرتها المظفرة لاحتلال مكانتها كحقيقة وطنية وجهوية ودولية لا رجعة فيها، عضو كامل الحقوق في منظمة الاتحاد الإفريقي، بعلاقاتها الدبلوماسية وسفاراتها المنتشرة في عديد البقاع، وبتجربة فريدة في العالم، جمعت بين حرب التحرير الضروس وبناء أسس الدولة العصرية، بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وسياساتها وبرامجها الاجتماعية والثقافية والإنسانية.

فقد جيش التحرير الشعبي الصحراوي قائداً هماماً، يتقدم الصفوف في حمى الوغى، خطط وقاد معارك بطولية وملاحم أسطورية صنعها مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي، فرضت على المملكة المغربية التسليم باستحالة القضاء على مقاومة الشعب الصحراوي، وأدت إلى الإقرار النهائي للمجتمع الدولي بحق هذا الشعب الثابت، وغير القابل للتصرف، في تقرير المصير والاستقلال.

فقد الشعب الصحراوي أباً وأخاً وابناً وصديقاً، طالما سجل حضوره بصدق وتواضع وبشاشة بين صفوفه، مع شيوخه وشبابه، مع رجاله ونسائه وأطفاله، قريباً من القلوب، حاملاً للهموم ومنفتحاً على الانشغالات.

فقد العالم في شخص الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز رجل سلام ومنافحاً شرساً عن مثل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان، ساهم أيما مساهمة في المعركة الوجودية التي تخوضها البشرية ضد الظلم والقهر والعبودية والعنصرية والجهل والتخلف والعنف والتطرف والإرهاب.

فقدناه كما فقدنا في أيام أكثر قتامة ومصاعب قادة وزعماء الوطن، مثل، رائد النهضة المعاصرة، محمد سيد إبراهيم بصيري، والقائد المفجر المؤسس الشهيد الولي مصطفى السيد.

الأخوة والأخوات،

لقد ظل الشهيد محمد عبد العزيز خلال مرضه العضال متابعاً لكل حيثيات وتفاصيل الشأن الوطني، وتحدى المرض في أشد فتراته، وشارك بعزيمة منقطعة النظير في محطات بارزة، مثل المؤتمر الرابع عشر للجبهة والذكرى الأربعين لقيام الدولة الصحراوية وزيارة الأمين العام للأمم المتحدة.

وحين انتقل إلى الرفيق الأعلى في 31 ماي 2016، تنادى الأشقاء والأصدقاء، وتهاطلت برقيات التعازي وشهادات التقدير والعرفان، وتحولت مراسم استقبال الجثمان وإلقاء نظرة الوداع و الجنازة والدفن إلى استحقاق كبير، اقتضى تجنيداً شاملاً لكل ساحات التواجد الوطني، في الداخل والخارج.

لقد برهنت التطورات اللاحقة بأن الرئيس الشهيد رحل وترك شعباً واعياً وتنظيماً طلائعياً ودولة قائمة بمؤسساتها وترسانتها القانونية التي تحكم جميع الحالات العادية والطارئة.

وفي هذا السياق، سارعت الأمانة الوطنية منذ اللحظات الأولى لتلقيها نبأ رحيل الشهيد إلى اعتماد النصوص القانونية التي تعالج حالة الشغور، وخاصة المواد من 47 إلى 49 من القانون الأساسي للجبهة، ومن 61 إلى 62 من دستور الجمهورية، مع الاستعانة بالاستشارات والتوضيحات القانونية ذات الصلة في حينها.

لقد كانت الفاجعة امتحاناً حقيقياً، ليس فقط للقدرة على التعاطي مع تبعاتها المعنوية والنفسية، ولكن لمدى رسوخ قيم المبادئ وسيادة القانون والنظرة الجامعة والموحدة، والخلفية الحضارية لبناء الدول التنظيمات، وبالتالي تبني المواقف المناسبة في الأوقات المناسبة، واختيار الأساليب الضرورية للتعاطي مع كل الاحتمالات . إن هذا الاحتكام إلى المرجعية القانونية جسد مستوى الوعي والنضج والتمدن والحضارة، إفحاماً لمغالطات الأعداء الذين لم يستوعبوا بعد النقلة النوعية التي حققها المجتمع الصحراوي، بقيادة جبهة البوليساريو، وتخلصه من آثار السياسات الاستعمارية التي أرادت تكريس التخلف والجهل والقبلية.

 

ولا بد في مناسبة كهذه من الإشادة بردة الفعل الشعبية والرسمية، النضالية الوطنية المخلصة، والتي سجلها كل الصحراويات والصحراويين، في كل مواقع تواجدهم، وبكل الطرق والأساليب، فكانت تلك الهبة الكبرى في مراسم التشييع والدفن استفتاءً شعبياً حقيقياً، أكد الوحدة والإجماع والوفاء لعهد الشهداء والإصرار على بلوغ الأهداف الوطنية المقدسة.

كما لا بد أن نسجل بأحرف براقة المرافقة القوية لبان المحنة، وخاصة في الجزائر الشقيقة، بكل قامتها ووزرنها، وفي الجارة موريتانيا وفي الكثير من البلدان والشعوب وغيرها.

الإخوة والأخوات،

ينعقد مؤتمرنا الاستثنائي هذا في وقت تشهد فيه القضية الوطنية تطورات مهمة وانتصارات متتالية على الجبهة الدبلوماسية، بحيث تم تكريسها بلا رجعة قضية تصفية استعمار، لا حل لها إلا بالمرور الحتمي باحترام إرادة الشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير. كما أن المناقشات التي جرت على مستوى مجلس الأمن الدولي، سواء على ضوء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية أو جراء طرد المغرب لعناصر من المينورسو، قد أظهرت تنامي التفهم للموقف الصحراوي والرفض لمواقف التعنت المغربي. وإذا كانت الجبهة قد عززت مكانتها على كل الساحات الدولية، فإن مسألة الاعتراف بالدولة الصحراوية قد أصبحت تتجاوز النطاق الإفريقي والأمريكولاتيني لتـُطرح على أعلى المستويات الدولية الرامية.

وقد شهدت الفترة المنصرمة سيراً منتظماً للبرامج الوطنية، وإحياء المناسبات الوطنية، على غرار يوم الشهداء الذي تصادف مع رحيل الشهيد محمد عبد العزيز.

وأظهرت الإجراءات المتخذة للتعاطي مع التصعيد المغربي قدرة كبيرة على الاستنفار وتجنيد العنصر البشري، الأمر الذي تجلى على الخصوص في جاهزية واستعداد جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتخرج دفعات الاحتياط  للدفاع والتأمين وغيرها.

وإضافة إلى المجهود المتواصل لتعزيز مقومات الصمود، فقد استمرت فصول المقاومة السلمية في الأراضي المحتلة، وأبانت عن إرادة راسخة لدى شعبنا في المضي على نهج التضحية والعطاء، ما يتجلي في عشرات المعتقلين السياسيين الصامدين في السجون المغربية والمظاهرات والمواجهات اليومية في شوارع وأزقة المدن الصحراوية المحتلة وجنوب المغرب.

كل هذه الحقائق وغيرها جعلت دولة الاحتلال المغربي في حالة من الحيرة والارتباك والجنوح إلى اتخاذ المواقف المتهورة.

فبعد أن فشلت كل محاولاتها لفرض حلولها الاستعمارية، وجدت نفسها في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي، ما جعلها تعمد إلى محاولة خلط الأوراق ونسف الجهود الدولية من أساسها، عبر تجميد المساعي الدولية ومسار التسوية وطرد المكون المدني والإداري لبعثة المينورسو.

كما أن الفشل في القضاء على مقاومة الشعب الصحراوي وفي الحد من مد التضامن الدولي مع كفاح شعبنا المجاهد المقدام المعطاء الصبور دفع دولة الاحتلال المغربي إلى اللجوء إلى أساليب قذرة وخطيرة، تجر عليها نقمة المجتمع الدولي، بما في ذلك إنتاج وتصدير المخدرات باتجاه دول المنطقة وتفريخ عصابات الجريمة المنظمة ودعم وتشجيع الجماعات الإرهابية.

 

 

الإخوة والأخوات،

ينعقد هذا المؤتمر الاستثنائي، وكما ينص على ذلك القانون الأساسي للجبهة بشكل مركز وحصري، بهدف معالجة الشغور المترتب عن فقدان الأمين العام للجبهة.

ومن هنا، فإن استراتيجية العمل والخطط المعمول بها والنظم والهياكل في الجبهة والدولة إنما تسير انطلاقاً مما تقرر في المؤتمر الرابع عشر للجبهة، مؤتمر الشهيد الخليل سيد امحمد، المنعقد شهر ديسمبر من سنة 2015.

المؤتمر الاستثنائي، وإضافة إلى المقتضى القانوني المتعلق بالشغور، يهدف إلى تعزيز وتعميق هذا التوجه وهذه المقررات، من أجل تصعيد وتيرة النضال واستنهاض واستنفار الجهود الوطنية لمواجهة تحديات المرحلة وتحسين الأداء وأساليب العمل وتطوير صيغ التنفيذ والتطبيق في شتى المجالات. وبالتالي فإن المؤتمر الاستثنائي فرصة لاستمرار وتصعيد الزخم الكفاحي الوطني بنفسٍ أقوى وإرادة أصلب وصف وطني يزداد تماسكاً.

كما أن المؤتمر الاستثنائي مناسبة لتهيئة ظروف وشروط العمل والنجاح للأمين العام للجبهة ورئيس الجمهورية الجديد، بمعية كافة الهيئات، لاستكمال ما تبقى من العهدة إلى غاية المؤتمر الخامس عشر للجبهة، عبر شد عضده ومساعدته بالوحدة والانضباط والتفاني والإخلاص والتجند على مختلف المستويات، ابتداءً من الهيئات القيادية للجبهة والدولة إلى آخر المستويات القاعدية.

 

 

 وهذه مناسبة للإشادة بروح الوحدة والإجماع والانسجام والتماسك التي طبعت سير الهيئات الوطنية، وفي مقدمتها الأمانة الوطنية للجبهة، خلال المرحلة العصيبة التي  مر بها الشعب الصحراوي إبان فترة مرض ورحيل القائد الزعيم الشهيد محمد عبد العزيز. وإذا كان ذلك يعود إلى الشعور بالمسؤولية والوعي بخصوصيات المرحلة التاريخية، فإنه جاء أساساً ليعبر عن تجاوب واستجابة للتوجه العارم على مستوى التنظيم وعلى المستوى الشعبي وعلى مستوى القوة المقاتلة ومختلف المؤسسات والإطارات، وهو أمر يستحق التقدير والتثمين، باعتباره السمة المطلوبة في قيادة ملتزمة ومناضلة، تكون في مستوى التحدي، تقود وتفتخر بمن تقوده  وهو بدوره يتفاعل معها ويفتخر بها، في احترام وتقدير متبادل، مثالي ونموذجي، بل لنقل تاريخي.

الإخوة والأخوات،

يجب أن نخرج من هذا المؤتمر، رغم استثنائيته، أقوياء ومتحدين ومستعدين لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة والمراحل القادمة. ولعل من أبرز هذه التحديات الموقف المتعنت والتصعيدي الخطير لدولة الاحتلال المغربي، وعدم تحقيق تقدم جوهري في ما يتعلق بالحل العادل الذي يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، وفي الوقت نفسه غياب الصرامة لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في الرد على مهاترات المملكة المغربية وخرقها للقانون الدولي، وعدم وضع رزنامة لتنظيم استفتاء تقرير المصير.

ومن التحديات مواجهة سياسات العدو ومؤامراته ودسائسه التي تستشيط خبثاً وقذارة مع مرور الأيام، مستهدفة نسف مكاسب الشعب الصحراوي والتأثير النفسي والمعنوي عليه والنيل من وحدته وتشويه صورته.

 

وهناك تحديات مترتبة عن طول أمد النزاع  وظروف اللجوء وضرورة مواصلة الكفاح وتطويره، رغم الصعوبات والخصاص، ناهيك عن نمو المجتمع واحتياجاته والتحولات النوعية على الصعيد الثقافي والاجتماعي والمهني وغيرها.

الأخوات والإخوة،

لا يمكن أن تمر مثل هذه المناسبة دون أن نقف وقفة تقدير واحترام وعرفان إزاء مواقف الدعم والمساندة من الأشقاء والأصدقاء والحلفاء، والتي تجلت في الهبة التضامنية الشاملة مع الشعب الصحراوي والوقوف إلى جانبه في محنته، وخاصة من الجزائر الشقيقة، بلد الثورة والثوار، بقيادة فخامة المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، ومن الشقيقة موريتانيا التي ما انفكت تنقل رسائل الأخوة والتعاون والمصير المشترك، ومن المواقف المشهودة للاتحاد الإفريقي وأمريكا اللاتينية ومن ممثلي الحركة التضامنية في إسبانيا وأوروبا والعالم.

كل التوفيق والنجاح للمؤتمر الاستثنائي، وقوة، تصميم وإرادة لفرض الاستقلال والسيادة .