يقول السائل الكريم:
في دراستي للإنجليزية، قيل لي إنها أغنى اللغات بالمفردات، وقد وصلتْ الآن إلى أكثر من مليون مفردة- بحسب بعض المتابعين- تشمل جميع مناحي الحياة، من تقنية وفضاء ورقمنة وعلوم... وقرأت في بعض الوسائط أن العربية تشتمل على أكثر من: 12مليون مفردة وكلمة غير متكررة... فكيف يكون هذا، والعربية اليوم ليست لغة علم أو فضاء أو طب أو رقمنة...(ليست فيها مفردات عن هذه المعارف مجتمعة(. أود منكم توضيحا حول هذا الأمر .وجزاكم الله خيرًا.
الجواب، والله أعلم:
يبدو أنّ معظم الإحصاءات المتعلقة بعدد مفردات بعض اللغات الحية، تشير إلى أن العربية هي أغنى اللغات من حيث المفردات، ومن أسباب ذلك كون العربية لغة اشتقاقية بامتياز، وهي في هذا المجال أيضا (أي الاشتقاق) تفوق نظيراتها من اللغات.
ومع ذلك فإن العربية متأخرة عن الإنجليزية في مجال النشر العلمي المتعلق بالاختراعات والاقتصاد والتجارة...ولا يعود ذلك إلى طبيعة اللغة العربية، لأن اللغة حيادية، تتقدم بتقدم أهلها وتتأخر بتأخرهم . ولهذا نجد أنها كانت متقدمة، عندما كان أهلها متقدمين في جميع المجالات (على عكس ما نراه اليوم).
ثم إنه لا عبرة في الغالب- بعدد مفردات اللغة، من الناحية العلمية، بل إن بعضهم يرى أن كثرة مفردات اللغة العربية تسببت في كثرة المترادفات التي يمكن أن يعبَّر بها عن مفهوم علميّ واحد ومن ثَمَّ، في صعوبة توحيد المصلحات العلمية على المستويين العربي والدولي.
لنأخذ –على سبيل المثال- المصطلح الإنجليزيّ:(Degeneration).
لقد وجَدتُ في بحث للدكتور صادق الهلاليّ (منشور في العدد 39 من مجلة "اللسان العربيّ" سبعة عشر (17) مقابلا عربيا لهذا المصطلح، ذكر الباحث أنه اختار هذه المجموعة من مقابلات عديدة وردت في معاجم وكتب علمية وطبية (وقد سَرَدَ هذه المراجع).
وكانت المقابلات : اسْتِحَالة-اضْمِحْلال-انْحِراف-انْتِكاس- انْحِطاط- انْحِلال- انْفِساد- تَحَلُّل-تَدَنٍّ- تَدَهْور- تَفَسُّخ – تَلَفٌ-تَنَكُّس- حَرَضٌ- حُؤُول- ضُمور –فَساد...
وبَيَّنَ الكاتبُ أنّ هذه الكلمة الإنجليزية تعني طِبِّيّاً: تحوُّل النسيج أو العضو ، من نوع طبيعيّ سويّ ، إلى نوع أوطأ شكلاً أو بنية أو صفة أو وظيفة، وقد تكون كلمة "تَنَكُّس" أقربَ هذه المصطلحات المقابِلة لها.
ومن هنا يتضح مدى أهمية اختيار المصطلح العربيّ المناسب.