فيما ينشغل قادة المعارضة الموريتانية ومدونوها حاليا بتعبئة الرأي العام ضد تمكين الرئيس الموريتاني من ولاية إضافية، تتداول معلومات شبه مؤكدة أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يحضر في الخفاء مع كبار معاونيه لحوار سياسي قريب يضم أكبر عدد ممكن من أطياف الساحة السياسية.
وتشير المعلومات المنقولة عن فاعلين في مطبخ القرار إلى أن الرئيس يعد كذلك لطرق آمنة تبقيه في السلطة بعد انتهاء ولايته الحالية إما بتعديل للدستور يفتح مدد الرئاسة، أو تعديل يحول النظام السياسي من شكله الرئاسي الحالي إلى الشكل البرلماني الذي يمنح جميع السلطات لرئيس الوزراء وهو ما سيسمح للرئيس بترشيح أحد رجاله لرئاسة الدولة ليتولى هو بنفسه رئاسة الوزراء على طريقة «بوتين/مدفيديف».
وفي هذا السياق، نقلت وكالة «الأخبار» الموريتانية المستقلة «عن مصادر لها «أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وأعضاء حكومته يبذلون في الوقت الراهن، جهودا كبيرة لإطلاق حوار سياسي شامل، يجمع أكبر عدد ممكن من مكونات الطيف السياسي الموريتاني، وذلك خلال فترة لا تتعدى شهرين، أي خلال إبريل/نيسان الجاري أو مايو/ايار المقبل».
وأكدت «وكالة الأخبار» المستقلة «أن الرئيس الموريتاني ناقش هذا الموضوع مع الشخصيات التي التقاها خلال الأسابيع الأخيرة، كما فوض بعض معاونيه رسميين وسياسيين، لإجراء لقاءات مع أطراف سياسية لتحديد شروطها للدخول في الحوار السياسي الشامل».
ونقلت مصادر «الأخبار» عن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تأكيده «الاستعداد لإطلاق حوار من دون سقف ولا شروط»، مع تحذيره «من نقاش نتائج الحوار قبل انطلاقته على أن يبقى الحوار مفتوحا شاملا لجميع الملفات التي ترى الأطراف السياسية ضرورة نقاشها أيا كان موضوعاتها، ودون أية خطوط حمراء».
وضمن التحليلات الصحافية لمسارات المشهد السياسي الموريتاني، ذكر موقع «زهرة شنقيط» الإخباري واسع الاطلاع في تحليل له أمس «أن وتيرة الجدل تتصاعد داخل الساحة السياسية بموريتانيا بفعل تلميح بعض الوزراء وصغار المسؤولين فى الدولة لضرورة التمديد للرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز لمأمورية أخرى وربما رابعة، وانتهاك مواد الدستور المحصنة باليمين».
«وزاد من غموض الملف، يضيف الموقع، لجوء الرئيس وأركان حكمه البارزون إلى الغموض بشأن الموقف المحتمل، والخيارات المتاحة أمام الرجل فى ظل اقتراب المأمورية الثالثة من نهايتها لدى مجمل الساسة، رغم آن الآجال القانونية لا تزال تمنح الرئيس ثلاث سنوات أخرى قبل التفكير الجدي فى مستقبل حكمه».
وتقول مصادر موقع «زهرة شنقيط» «إن الرئيس لن يرد بسرعة على الجدل المتداول، فهو يتعمد إنهاك خصومه بالتصريحات والمواقف العلنية وتوجيه بوصلة النقاش إلى جدل سياسي يهم النخبة بدل التركيز على الأوضاع الاقتصادية وآليات تسيير البلد ونتائج التنمية فيه».
ويرى أحد المقربين من دوائر صنع القرار، يضيف الموقع، أن « الرئيس يميل دائما إلى الغموض فى القضايا الحساسة، حيث مال إليه في حرب اليمن وترك الأحزاب تندد والحملة الإعلامية مستعرة، ليجلس بعد أشهر قائلا إن الملف لم يطرح أصلا للنقاش، وأن موريتانيا معنية بعلاقاتها الخارجية لكن القوات المسلحة مهامها واضحة وعملها محدد».
وتحدث موقع «زهرة شنقيط» عن أبرز السيناريوهات المطروحة حاليا أمام الرئيس وأركان حكمه قبل انتخابات 2019 فأكد نقلا عن مصادره «أن ولد عبد العزيز بصدد إجراء تعديلات دستورية تتضمن تغييرات جوهرية في شكل الحكم، لكنه لن يلمس المواد المتعلقة بمأمورية الرئيس ولن يمدد لنفسه في الرئاسة ولن يغادر السلطة كذلك».
وأضاف مصدر الموقع « نحن ذاهبون إلى حراك سياسى يتوج بتعديلات دستورية تلغي مجلس الشيوخ وتدمج بعض المجالس الدستورية الأخرى، وتقلص صلاحيات الرئيس وتمنح البرلمان المزيد من الحضور في المشهد السياسي، من خلال توسيع القائمة الوطنية ورفع دوائر النسبية وزيادة عدد أعضاء الجمعية الوطنية وتفعيل دورها الرقابي، وربط انتخاب رئيس الوزراء بالأغلبية البرلمانية».
وتوقعت زهرة شنقيط «أن يجرى الرئيس حوارا موسعا مع الفرقاء السياسيين قبل نهاية حكمه يتم بموجبه إجراء انتخابات تشريعية وبلدية وانتخابات رئاسية لا يترشح لها الرئيس»، كما توقعت «أن يجري الحزب الحاكم تغييرات جوهرية يتم بموجبها ضبط المنتسبين للحزب كافة وتعزيز بنيته التنظيمية، مع اتخاذ قرار في المستقبل بالجمع بين منصب رئيس الحزب ورئيس الوزراء».
وتوقعت «أن يكون الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو الرئيس القادم للحكومة مع احتفاظه بقيادة الحزب، بينما تترك الرئاسة بعد 2019 لشخص مقرب منه».
يذكر أن هذه التحليلات المستندة لمصادر مطلعة، تتصادف مع إعلان منتدى المعارضة عن تعليق تواصله بشكل نهائي مع الحكومة بعد أن كان على تواصل متقطع معها وذلك بسبب تصريحات أعضاء في الحكومة الموريتانية ألمحت للتمديد للرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وتنشغل شخصيات مرجعية موريتانية محايدة عظيم الانشغال بمستقبل موريتانيا التي تقترب من نهاية ولاية الرئيس الحالي المنقضية منتصف العام 2019، دون أن تكون متفقة على صيغة مقبولة للتناوب السلمي على السلطة.