لم يأت رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز للسلطة ليجعل من موريتانيا سويسرا ولا ماليزيا أو سنغافورة.. فلا العقود كافية لذلك، ولا عزلة المجتمع الموريتاني عن العالم التي دامت عقودا كانت عاملا مساعدا عليه، ولا طبيعته من حيث العقليات والبنيات و" سماكة " طبقات التراكم التاريخي والمعرفي و " التحضري " له في ظل دولة مركزية، كان كافيا أو صالحا كدعامة وأساس لذلك أيضا حتى لو توفرت له الموارد، كما أن ذلك يتطلب أسسا وركائز لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها تتطلب المرحلة والوضعية خلقها أولا، وبالتالي فالمتاح والمطلوب فحسب، هو قطع خطوات بالبلاد لقضاء ما فاتها من " فرائض " لا يصح التنفل بدون قضائها.. خصوصا في وضعية عالمية لم تكن كما كانت.
لقد جاء رئيس الجمهورية للحكم في موريتانيا وهي كالآتي اللهم لا حسدا:
بلد بمساحة مليون ومائتي كيلومتر مربع معلوم أن أزيد من 90% منها صحاري قاحلة قاسية، وذلك واقع طليعي أزلي لن تغير منه معارضة ولا نظام، لكن هذا البلد به 54 مقاطعة أو ما دعونا نصطلح على تسميتها مدنا مجازا، والكثير الكثير من القرى والبلدات المتناثرة في الفلاة عشوائيا كباق الوشم في ظاهر اليد.. بالإضافة إلى بعض المناطق المصنفة كمناطق لمخزونات المواد الأولية والإنتاج، ومع ذلك كل هذه المساحة الشاسعة بمدنها وقراها ومناطق إنتاجها، بها ما يزيد قليلا على ألفي كيلومتر فقط من الطرق المعبدة.
بلد تشرب عاصمته على ظهور الحمير وتحاصرها العشوائيات المطبقة عليها من كل الجهات، وتشرب بعض كبريات مدنه من الآبار بئر في فناء كل بيت، وتشرب أغلب أريافه خليطا من الماء والعلق والطين والأملاح، وذلك بعد نصف قرن من الاستقلال، ولا يتوفر، من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، إلا على 42 ميكاوات من الطاقة الكهربائية!
بلد ليس بعاصمته سوى مستشفى واحد تم إنشاؤه مع تأسيس الدولة، أو آخر موله بلد شقيق بسخاء ليكون على شاكلة أمثاله التي مولها في بلدان أخرى فتم التلاعب بتمويله، وعند نهاية الأشغال به اعتذرت سفارة البلد الممول له عن تدشينه، قائلة إنها لا ترضى بتدشين منشأة تحمل اسم قائد بلدها لا تصلح لأن تكون إسطبلا للخيول.. أما عواصم ولاياته فلا تتوفر إلا على بقايا مراكز صحية فقيرة ومهجورة بعضها خلفه الاستعمار وبقي على حاله هناك، وليس على كامل ترابه سوى جهاز تصوير ماسح وحيد تمتلكه مصحة خصوصية.
بلد ليس به سوى شبه جامعة وحيدة يتيمة من أبيها الرئيس الزاييري " موبوتو سيسي سيكو " الذي كان هو من أهدى مبانيها كمعهد في صورة أقسام متواضعة للرئيس الراحل المختار ولد داداه، حُولت " قيصريا " إلى جامعة في الثمانينات، وعندما ضاقت بطلابها تم توزيعهم على مخازن الحبوب والأعلاف في مقاطعة لكصر، أما ما هو متوفر به من المدارس الابتدائية والثانويات والإعداديات فهو في أغلبه مغارات أو " غيران النتاك مبنية دهر الفراعنة " كما قال الشاعر القديم.. ومفوضيات شرطته، وثكنات قياداته العسكرية المركزية والجهوية، وولاته وحكامه يعملون ويسكنون في أطلال مبان " نقشت " سقوفها بخيوط العنكبوت، وجدرانها بالتصدعات وحت وتعرية التقادم والإهمال!
بلد مستباح الحدود، تسرح وتمرح به عصابات التهريب والمخدرات والهجرة السرية والإرهاب، وقسم كبير من جنوده مسرحون للتخلص من أعباء رواتبهم ونفقاتهم، والمتبقي منهم في الخدمة عُزل، وأوراقه الرسمية من جوازات وبطاقات تعريف وشهادات جنسية وازدياد تباع وتُسمسر في الشوارع وتحت الأشجار أمام مباني وزارة الداخلية والمفوضيات والبلديات!
ضعوا لنا خطا، أو اثنين إن شئتم، تحت أي من هذه المعطيات غير صحيح، أو حتى ما هو منها مبالغ فيه، وبعد أن تفرغوا من ذلك تعالوا بنا للحصيلة دون التطرق للآفاق، وبالنسبة لي كل ما بدأ فيه العمل فهو في عداد المُنجز..
ألم تنفق المليارات في ما يزيد على ضعف ما كان موجودا في البلاد من طرق منذ قيامها؟ وإن يضحك الضاحكون من الحكومة وموقفها من علاقة أسعار الوقود بأسعار المواد الاستهلاكية، أفلا يحق للحكومة أن تضحك من نكران هؤلاء وتقليلهم من شأن دور الطرق في تكاليف النقل والأسعار، وفي النهوض بالصحة والتعليم و الزراعة والتجارة والصناعة والتنمية الحيوانية والتشغيل أكثر بكثير وأشمل وأكثر استدامة من سعر الوقود المتقلب؟! منذ نشأة البلاد وإلى عهد قريب ظل سعر الوقود رخيصا، فما الذي دب من حركة ونشاط وإنتاج ورغد عيش في هذه المناطق؟ لا شيئ!
مررت خلال فصل الخريف الماضي بمدينة باركيول سرة " آفطوط " ومرآة مأساته، بعد رحلة لم تستغرق إلا 50 دقيقة، بعد أن كانت تستغرق يوما كاملا وبالكثير من العناء، فلاحظت التغيرات الكبيرة في هذه المدينة التي أعرفها في السابق جيدا، وذلك بفضل تزويدها بالطريق و إقمامة الجسور على أوديتها المتدفقة خريفا، فلاحظت القطع الأرضية التي تضاعفت قيمتها عشرات المرات، ولاحظت النسوة وهن يفتحن حوانيت يبعن المعلبات الغذائية والسمك والدجاج، ولاحظت ورشات اللحامة والنجارة التي بدأت تظهر هناك بفضل فك العزلة وتوفير الكهرباء، ولاحظت الأشغال الجارية في شبكة المياه لتوزيع آلاف الأمتار المكعبة المتدفقة من " فم لكليتة " عبر سهول وأودية كامل" آفطوط "، ودخلت على صاحب صيدلية وطلبت منه دواء، فقال إنه غير موجود لكنه في الطريق وسيكون في الصيدلية مساء، تبسمت ضاحكا من قوله، فقال لي ما يضحكك؟ قلت ضحكت لأنك في باركيول في عز فصل الأمطار، والأودية تغمرها المياه وتقول لي إن الدواء في طريقه إليك وسيكون متوفرا بعد ساعات، فقال: فعلا لقد كان ذلك مستحيلا!
مكنني ذلك من قياس كافة أوجه وطبيعة الحياة والأنشطة الإنتاجية والتجارية والصحية والتعليمية في هذه المدينة قبل وبعد فك العزلة عنها، ببقية مناطق البلاد التي وصلتها الطريق اليوم مثل ( مال، السواطه، أمبوت، مونكل، فم لكليته، عدل بكرو، آمرج، أوجفت، العين الصفرة، بوعبون، الرشيد، افديرك، اتواجيل، نوامغار، المذرذره، اركيز، كرمسين وعشرات القرى والبلديات على هذه المحاور) وبالمناطق التي تمخر الطرق الكثبان والأودية والسهول في اتجاهها الآن مثل ( باسكنو، فصالة، جكني، كنكوصه، بومديد، مقامة، شوم، ازويرات وعشرات القرى والبلديات على هذه المحاور كذلك) ففي أي حقبة شهدت موريتانيا العمل في هذا العدد من المحاور الطرقية بشكل متزامن؟!
ألم يشهد كل شارع وكل زقاق من العاصمة مد آلاف الكيلومترات من الأنابيب من مختلف الإحجام والأقطار لتعميم الماء على أحيائها وعصرنة طرق التزود به، ويتم تشييد مئات شبكات المياه في القرى والأرياف، أو لم تتدحرج مياه " أظهر " لتسقي إقليما بكامله، على غرار أمثال ذلك المشروع في آفطوط الشرقي و" كري " وألاك ومقطع لحجار وصنكرافه، ألم تتضاعف القدرة الكهربائية خمس مرات؟ ماذا تنتج المحطات الحرارية والشمسية والهوائية الجديدة والمرئية رأي العين، الكهرباء أم " الزبادي "؟!
ألم يتم تشييد عشرة مراكز استطباب كبيرة، خمسة منها في العاصمة وخمسة في عواصم كبريات الولايات وتجهيزها بمستلزماتها من الأجهزة وما هو متوفر من الأطباء والممرضين لتكون أقطابا صحية جهوية تتكفل بالخدمات الصحية لسكان ولاياتها وجوارها من الولايات الأخرى، وبناء وترميم وتجهيز عشرات المراكز الصحية والمستوصفات، وفاق عدد سيارات الإسعاف عدد السيارات الحكومية التي كانت ترعى قطعان المسؤولين وتزودها بالأعلاف وتجلب لملاكها الزبدة والحليب الطازجين من الصحراء كل صباح.. ثم ألم تتم عصرنة المباني الإدارية للولاة والحكام والمقار الأمنية و القيادات العسكرية لتتماشى وهيبة ومعنى الدولة، ويتم تشييد الملاعب الجهوية ودور الشباب، ألم يتم تشييد وتوسعة الموانئ وتشييد مطار دولي عصري بدل محطة النقل البري أو على الأصح " برصت الخد " الموجودة اليوم في قلب العاصمة، وذلك بصفر أعباء على ميزانية وموارد الدولة التي أعياها البحث له عن تمويل على مدى عقود دون جدوى؟!
ألم يتم تشييد جامعتين عصريتين، والعديد من المعاهد والمدارس الفنية المتخصصة ومدارس الصحة وتكوين المعلمين، وعشرات المدارس والاعداديات والثانويات في مختلف أرجاء الوطن، من منكم حالفه الحظ وأسعد مثلي برؤية مدرسة تجمع " بورات " يصطف أمامها ما يزيد على ألف تلميذ بأيديهم الدفاتر والألواح، وما كانوا ليخطوا حرفا لولا العناية والرؤية الجديدة بخصوص هذه المناطق التي تم تجميع سكانها عريشا عريشا من شتاتهم وتيههم في مناطق كانت تعيش خارج الدنيا والتاريخ، والعبارة لهؤلاء السكان؟! ما سرى على هذه المنطقة سرى على العديد من مناطق البلاد كانت تعيش هي الأخرى نفس عوامل ومصائر البؤس والضياع.
ومع ذلك كلما تسنى اقتطاع جزء من مخصصات هذه المرافق الملحة لتغطية جوانب اجتماعية أخرى كان ذلك، فزادت الرواتب والعلاوات، وخصصت المليارات سنويا لدعم المواد الأساسية في أوساط الطبقات الفقيرة، وخططت الأحياء ووزعت عشرات آلاف القطع الأرضية على المنتظرين عقودا في العشوائيات هاهم اليوم يبنون بها مساكنهم كل حسب طاقته...
كل هذه المرافق الأساسية والمنجزات التي قلنا إنه لا يمكن الحديث عن تنمية بدونها، والتي لم تكن في منغوليا ولا هاييتي وإنما على الأرض الموريتانية، إما أن ننكر وجودها وتلك قضية أخرى، أو أن نعترف بوجودها وهنا يأبى المنطق والعقل السليم أن لا يكون لها أثر ملموس على حياة الناس ووضعية البلاد بشكل عام في انتظار تعميمها والانتقال إلى ما بعدها. خصوصا أنها، في مجملها، كانت مطالب قديمة وملحة لدى السكان لا يتحدثون عن أية مطالب قبلها.
عجبا، ولد عبد العزيز الذي هو أول رئيس موريتاني يدخل كوخا في " الكبة " أسبوعا بعد وصوله للحكم، وجاب البلاد شبرا شبرا، صيفا وخريفا وشتاء، ووقف على واحاتها ومزارعها ومراعيها ومدارسها و مؤسساتها العمومية ومستشفياتها ومحطاتها المائية والكهربائية ومناجمها وموانئها ومصائدها وآبارها وسدودها ومخازن أغذيتها وأنهارها وبحيراتها وتعاونياتها ومسالخها ومدنها الأثريه ومكتباتها ومساجدها ومحاظرها ونقاطها الحدودية و حامياتها وثكناتها.. وعقد عشرات النقاط واللقاءات الصحفية، لم يعد بإمكانه الخروج من مكتبه في زيارات جديدة، أو الإدلاء بأي تصريح إلا إذا كان ذلك ردا على نشاط " شظية " من المعارضة رمت بها قوة الانشطار وذكرتها بمناطق من البلاد تناستها سنينا، لتقيم مهرجانات لم تحمل الأخبار ولا الصور الواردة من هناك ما يقلق أو يفزع بشأنها!
" اتبشليك " باللام والكاف المغلظتين مصطلح شعبي، وهو أسلوب يستخدم عادة في المجالس العامة، من أجل تحييد شخص معين عن هدوئه ووقاره بجعله يفقد السيطرة على أعصابه ويشك في شخصيته و يرتبك في تصرفاته ويحيد عن نهجه، وذلك بعد الفشل في تحقيق تلك الأهداف بأساليب أخرى، ويعهد بهذه المهمة عادة لأشخاص مهرجين متخصصين في فنون الاستفزاز والابتزاز من خلال العبارات والحركات والغمزات، وبقدرما يكون الشخص مهزوز الشخصية، قليل الرصيد من الثقة النفسية، تفوق نقاط ضعفه نقاط قوته،لا يحظى بتقدير وتوقير الجلساء في مجلسه، فإنه يقع في هذه الشراك وينسحب من المجلس مهزوما مرتابا شاكا في ذاته وفي كل شيء حوله. وبالعكس، كلما كان الشخص قوي الشخصية يحظى بتقدير ومهابة الجلساء، كان المهرجون هم المنسحبون بعد استنفاد وفشل كل الحيل والأساليب..
هذا، وإلى حد بعيد، هو ما يطبع ساحتنا اليوم في حملة " اتبشليك " هذه التي يخوضها خصوم النظام ضده، دعاية استخدم فيها كل ما خطر على البال مما تعج به وسائل الإعلام والاتصال. الشائعات، التقول على المسؤولين، الشحن والتوتير والتحريض، الجعل من الأمور والأحداث البسيطة التي تحدث في كل زمان ومكان فضائح مدوية وكوارث ماحقة، أبواق وصفارات الإنذار بالهاوية والانهيار والانفجار الوشيك الذي لا تزال بحوزتنا بيانات للمعارضة خلال تسعينات القرن الماضي تنذر به منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم.. الاحتجاجات المطبوخة والمسلوقة في مكاتب سياسية معروفة وكأن " المراجل الخاوية " لم تسبقها " الصحون الفارغة " ومعروفة النقابة المسيرة لتلك المسيرة حينها، أو لم يسبقها إقحام طلاب السنة الأولى والثانية ابتدائي في معركة الرحيل، وربط أياديهم الغضة على لافتات تقول لن نقبل التهميش بعد اليوم وهم لا يدركون بعد ماذا يعني التهميش، ولا ننسى قضية المصحف، لم يتم إهمال أي وسيلة حتى أغاني الراب " المكومدة " وفديوهات " نانا توباك " المسجلة مقابل لفافة سيجارة! وغير ذلك مما لا يراعى فيه حتى تشويه سمعة البلاد ونزع لباسها عنها والتنفير منها ومن شعبها خدمة لأغراض سياسية بحتة!
كثيرون هم من يتساءلون عن السر في عدم نفاذ وسيريان الخطاب المعارض رغم تنوع فنونه وتعدد وسائله وقنواته، ولا يدركون أن لا سبب في ذلك غير بعد ذلك الخطاب عن الواقع، يكون واقعيا مرة ودعائيا غير واقعي مائة مرة، وتتذكرون أن منتدى المعارضة نظم في إحدى المرات مؤتمرا صحفيا خصيصا ليقول إن وضع البلد اليوم أشبه ما يكون بكارثة هيروشيما وناكازاكي، ترى أي عباقرتهم تفضل عليهم بمثل هذه الفكرة، وأقنعهم بأنها ستشكل الضربة القاضية؟ هذه الكارثة التي لم يسجل التاريخ بعد كارثة بحجمها!
لهذا لا أرى ضرورة لتساؤلات سمعتها تقول أين هم المدافعون عن النظام في وجه الهجمة التي يتعرض لها من مناوئيه، كما لا أرى حاجة كذلك لما أعلنه بعض الكتاب عن تشكيل ما أسموه " مدونون مع النظام "، لا أستخف بالدور التهويلي والتضليلي، بل والتخريبي للإعلام إذا ما تم تجييره لذلك، لكنني لا أجد خطرا على النظام من مثل هذه الهجمات والسبب دائما هو افتقارها للواقعية والموضوعية وذرها للرماد والتراب في أعين الناس، فلن تخدم النظام أقلام أو تدوينات أكثر مما ستخدمه مكتسباته وما حققه على الأرض، وعليه ألا ينشغل، أو يُدفع للإنشغال بالمعارك في العوالم الافتراضية، لأن النصر فيها لن يكون هو الآخر إلا افتراضيا، إنما النصر الحقيقي هو ذلك الذي يتحقق في ساحات وميادين النزال الحقيقية، لا بالحشد والمهرجانات وأيها أكبر، ولا بالبحث في القواميس عن أقسى مفردات التحامل والسباب، وإنما في السير والثبات على النهج في العمل ووضع اللبنات على اللبنات لأن ذلك هو أساس اكتمال الصرح، أما الناس فقد أثبتوا في أكثر من اختبار أنهم ليسوا مستعدين للقفز للمجهول، ولا لاستخدامهم ك" عود زان " لقفز الآخرين..
فإذا كان لهؤلاء الكتاب والمدونين والهيئات بشكل عام من وقت وجهد يتطوعون بهما، فليكن ذلك في حملات ميدانية نشطة لتفقيه المجتمع حول ما تحقق، وأين كان البلد وإلى أين وصل بعيدا عن المن والدعاية طبعا، وحول التنمية ما هي أسسها وأولوياتها وتحدياتها وإكراهاتها، وما هو دور الفرد والمجتمع في القيام بجانبه من أعبائها، وما هي موارد البلد وماذا يتطلبه استغلالها ماديا وفنيا وبشريا؟ فانطلاقا من تجربتي مع الكثيرين ممن ألقاهم وأناقشهم يوميا تبين لي حاجة العامة لمثل هذا الجهد، وذلك لكي لا يظل المنظرون يجلسون في مكاتبهم المكيفة في الداخل والخارج يرددون المُعطى المسطح والقديم " نحن بلد لا يتجاوز سكانه ثلاثة ملايين ولدينا الأراضي الزراعية و الثروة الحيوانية والمعادن والسمك "!
محمدو ولد البخاري عابدين