نسي الموريتانيون موالاةً ومعارضةً قضية الحوار الشامل الذي كان شغلهم الشاغل وأملهم في حل الأزمة السياسية والذي فشلت الأغلبية والمعارضة معاً في تنظيمه كما يؤكد ذلك آخر استقراء للأوضاع؛ فقد توقفت الحكومة لحد بعد ظهر أمس عن دعوات جس النبض التي كانت توجهها للمعارضة من حين لآخر، كما قرر منتدى المعارضة مواصلة ضغوطه على النظام بنقل مهرجاناته السياسية التعبوية من العاصمة إلى كبريات مدن الداخل. وأعلن المنتدى المعارض أنه سينظم ثلاثة مهرجانات سياسية ضخمة في ولايات الحوض الشرقي والحوض الغربي والعصابة ذات الكثافة السكانية وذلك أيام 11 و12 و13 آذار/ مارس الجاري. ويؤكد مصدر في المنتدى «أن الهدف من نقل المهرجانات للداخل هو تبصير مواطني الأعماق بفشل السياسات الحكومية في جميع المجالات وبخاصة في مجال الأسعار والغلاء وتدني خدمات الصحة والتعليم». وفي سياق ذي علاقة وجه أحمد ولد داداه في تصريحات أخيرة له انتقادات شديدة اللهجة لسياسات نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز وبخاصة ما سماه «صفقة بيع عبد الله السنوسي مدير مخابرات القذافي». وقدم رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أكبر أحزاب المعارضة في موريتانيا «اعتذاره باسم الشعب الموريتاني للشعب الليبي بعد ثبوت ما وصفه ولد داداه بـ»بيع الحكومة الموريتانية لرئيس مخابرات القذافي عبد الله السنوسى بمبلغ 200 مليون دولار لحكومة عبد الرحمان الكيب». وأكد ولد داداه «أن صفقة بيع السنوسي جريمة أخلاقية وعار يجب الاعتذار عنه»، مضيفاً «أنها فضيحة لا تمثل إلا الذين قاموا بها والذين أجرموا في حق الشعب والوطن»، حسب تعبيره. وتناول ولد داداه الذي يقود فصيلاً معارضاً متشدداً قضية التلكؤ في تجديد الفئة «ب» من مجلس الشيوخ التي كان ينبغي تجديدها في سنة 2011، حيث أكد «أن المؤسسات البرلمانية الموريتانية أصبحت فاقدة للشرعية وقراراتها باطلة كلها بما فيها تعديلات الدستور لأن ما بني على باطل فهو باطل»، حسب توصيفه. وقال «لقد تلاعب النظام بالمؤسسات الدستورية لتصبح إرادة الفرد هي القانون وليجمع رأس النظام بيده كل السلطات في ظل تغييب مقصود للقانون». وتوقف ولد داداه عند قضية الاتفاق بين موريتانيا وتنظيم القاعدة حيث أكد «أن الكشف عن تعامل النظام الموريتاني مع تنظيم القاعدة، يعتبر تواطؤاً مع الإرهاب». وقال «إن اتفاق الحكومة مع القاعدة، اتفاق مشين ومخالف للقوانين والمواثيق الدولية، كما أن التواطؤ مع هذه المجموعات هو على حساب الجارة مالي التي يعتبر أي اعتداء عليها تهديداً لموريتانيا». وضمن توسيع المعارضة لحراكها دعا يعقوب ولد امين رئيس حزب التحالف الديمقراطي وهو حزب معارض جديد في مهرجان شعبي أمس الأطراف السياسية في موريتانيا للجلوس إلى طاولة الحوار». وأعلن «أن حزبه يعد لتقديم وثيقة تقترح الحلول لبعض القضايا الهامة وسيعرضها على أطراف المشهد السياسي للتحاور حولها». وانتقد ولد امين مقارنة أسعار الوقود في موريتانيا بأسعارها في فرنسا (رداً على وزير المالية)، مؤكداً «أن الراتب الأدنى في فرنسا يزيد على 1000 أورو أي حوالي 400 ألف أوقية بينما يصل الراتب الأدنى في موريتانيا إلى 30 أوقية أي أقل من 100 أورو». وطالب «السلطات الموريتانية بخفض سعر الوقود وأسعار المواد الأساسية مع التفكير الجاد في حل الأزمة الاقتصادية بطرق علمية ومدروسة». وبينما يتواصل التجاذب بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعارضيه أصدر السفير المختار ولد داهي كتاباً يعكس مراحل من هذا التجاذب تحت عنوان «موريتانيا التي لا تغرب عنها شمس المراء السياسي». واشتمل الكتاب على خمسين مقالاً تتناول موضوعات الساعة تحت عناوين مختلفة بينها «النقد الناعم أصدق الشكر وأعذبه» و»السياسة الصفراء» و»النخب المُكِبًةِ علي وجوهها»، و» الإدارة المريضة»، و»التقليد المؤسسي الأعشي»، و»الحوار الحرون»، و»التعليم المفخخ»، و»الإعلام الحر الظالم والمظلوم». ويؤكد المؤلف أن ما سماه «مُخَدِرَ التجاذب السياسي العنيف العقيم والسرمدي بين الموالاة والمعارضة قد عَطًلَ و أَضَلً العقل النخبوي الموريتاني عن الانتباه للألغام الاجتماعية العديدة التي تتربص بالمجتمع الموريتاني».
القدس الع بي