تخلد غداحركة تحرير وانعتاق الحــــراطـيـــــــن " الحــــر" الذكرى الثامنة والثلاثين لتأسيسها في وقت تمر فيه بلادنا بمنعطف غير مسبوق ميزته أزمة خانقة متعددة الأوجه باتت تهدد في الصميم وحدة و استقرار البلد و تماسك وانسجام نسيجه الاجتماعي، ضمن تحولات جذرية، محلية، إقليمية و دولية باتت تفرض على الجميع إعادة النظر في الأسس والضوابط الناظمة لأساليب التعايش الهادف إلى بناء مجتمع منسجم ينعم بالسلم والأمن وسبل العيش الكريم.
فقد برهنت العقود السالفة على النوايا المبيتة للأنظمة المتعاقبة على الحكم في البلد اتجاه الحراطين، وعلى التعامل العنصري لنظام البيظان المهيمن، و الحاضن الفعلي للمنظومة القبلية الجهوية الرجعية اتجاه كل ما يمت بصلة لاسترجاع الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للحراطين، ما يستوجب مضاعفة الجهود بغية بناء أجيال قادرة على تجاوز الأفكار الرجعية، وكسر طوق الاسترقاق و ما ينجر عنه من مظاهر التهميش والغبن والظلم والبؤس والقهر والحرمان التي يخضع لها الحراطين وغيرهم من المكومات والشرائح المهمشة في البلد.
إن مواصلة النظام الحالي في نكران وجود العبودية، و إصرار رأس النظام في تصريحاته شهر نوفمبر الماضي في أنواذيب على نفي وجود العبودية، والتنكر لوجود الحراطين والتهكم عليهم، يلقي بظلال من الشك حول نواياه الحقيقية و مدى جديته في وضع حد لهذه الممارسة البشعة،وهو ما يجسده غياب الاستعداد لدى هذا النظام و اكتفائه بسن القوانين دون تفعيلها في مسعى مكشوف لذر الرماد في العيون والتستر على المسلكيات التي بات نظام البيظان الاقطاعي ينتهجا اتجاه الحراطين.
لقد شكلت قضية الحرطانيات العاملات في السعودية، و ما أثارته من حراك وطني و دولي، خير دليل على استمرار الرق في البلد، و على عدم جدية النظام في تفعيل مخزونه من الترسانة القانونية ذات الصلة و على غياب التمييز الايجابي اتجاه ضحايا العبودية الذي يوازيه غياب تام لعقاب وجزر الاستعباديين أنفسهم، بل حمايتهم في بعض الأحيان والتستر على أفعالهم المخالفة للشرع و للقانون.
إن تضافر الأسباب والعوامل السالفة، يجعل البلد في مهب الريح ويعرضه للوقوع في شرك تيار التغيير الجارف الذي يجتاح عالمنا اليوم، والذي يتطلب تجنب سلبياته مزيدا من التضحية ونكران الذات وتغليب المصالح العامة على الأنانيات الفردية الضقية، كما يقتضي التنازل بغية اشراك الآخر وتمكينه من أسباب القيادة والثراء في جو من الشفافية والثقة المتبادلة صونا للوحدة والوئام الوطنيين.
إن موريتانيا بحاجة اليوم، و أكثر من أي وقت مضى إلى لفتة حقيقية تجنب البلاد والعباد سلبيات الصراع ومضار الفتنة والاختلاف التي يشكل الاستعباد والغبن و الاقصاء وقودها الحقيقي، كما يشكل التجاهل والتغافل والتصامم الذي يواجه به النظام هذا الواقع سبيلا نحو التعجيل بمستقبل لا تحمد عقباه.
إن حركة تحرير وانعتاق الحراطين " الحر" وهي تحيي ذكرى تأسيسها الثامنة والثلاثين، لتؤكد على مايلي:
تأكيدها على المضي قدما في نضالها السلمي الهادف إلى إعادة تأسيس الدولة الموريتانية وفق الضوابط الهادفة إلى استئصال الرق و بناء مجتمع منسجم تسود فيه قيم الحرية و العدل والمساواة.
دعوتها الرأي العام إلى تحمل مسؤولياته كاملة غير منقوصة اتجاه القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها مسألتي العبودية والحراطين.
دعوتها الحراطين أنفسهم إلى اليقظة ورص الصفوف والوقوف في وجه كل المحاولات الساعية إلى النيل من نضالهم السلمي.
مطالبتها بالإطلاق الفوري لسراح النشطاء الحقوقيين.
عاشت حركة الحر
عاش نضال الحراطين من أجل الحرية و العدل والمساواة
عاشت موريتانيا حرة عادلة ومزدهرة
أنواكشوط 4 مارس 2016
اللجنة المركزية