إن جمعية الدكاترة العلميين الموريتانيين تعبر عن أسفها البالغ و استياءها من الإرادة المتهافتة لدى وزارة التعليم العالي و البحث العلمي لتمييع مسابقات دخول التعليم العالي من خلال مرسوم يلغي ويحل محل المرسوم رقم 064-2012 المحدد للنظام الخاص لمسابقات اكتتاب مدرسي التعليم العالي. زيادة على عوره البائن، يحتوي المرسوم الجديد على العديد من الاختلالات والتجاوزات الفجة مما ينبؤ عن نتائج كارثية على منظومة تعليمنا العالي في حالة تطبيقه. نجمل في ما يلي بعض النقاط التي تبرر رفضنا القاطع لمهزلة المرسوم الجديد:
1- يلغي المرسوم الجديد وبشكل غير مبرر دور اللجنة الوطنية للمسابقات في الإشراف على مسابقات اكتتاب اساتذة التعليم العالي مما ينتج عنه إيداع التظلمات لدى وزارة التعليم العالي لكي تلعب في هذه الحالة دور الخصم و الحكم.
2- بموجب المرسوم تُمكٌّنُ لجنة معينة من طرف الوزير من منح ثلث مجموع النقاط (50 نقطة من اصل 150) بصفة تقديرية، مما ينسف كل ادعاء للموضوعية او الشفافية ، حيث انه في مقدور اللجنة بتحكمها في ثلث النقاط ان ترجح كفة من تشاء بانتشال مرشح من اسفل ترتيب الاستحقاق او ابعاد آخر عن مقدمة الترتيب. نشير إلى انه في مثل هذه الحالات يتم عادة اعتماد لجنة تقويم مكونة كليا من خبراء مستقلين مما يسمح بقدر من الموضوعية و تجنب تبعات الزبونية و المحسوبية في حالة لجنة معينة من قبل الوزارة كما ينص البيان للأسف.
3- لم يعد لمرتبة الشهادة العليا المتحصل عليها (أهلية إدارة البحوث، دكتوراه، دكتوراه سلك ثالث، ماجستير...) أي دور في التمييز بين المترشحين !!
4- تكريسا للقطيعة مع المصداقية في تقدير مؤهلات المترشحين، تُعتَمد الخبرة البيداغوجية في تقييم التدريس في السنوات الاربع فقط قبل سنة المسابقة و يستبعد من تلك الخبرة تأطير الطلاب (ماستر وليسانس...) و لا تمثل النسبة الممنوحة للتجربة في التدريس في التخصص سوى 20% من مجموع نقاط الخبرة العامة المقدر ب 100 نقطة، في المقابل تم بغرابة و في سابقة من نوعها تخصيص 10% من مجموع نقاط الخبرة العامة لتجربة التدريس خارج مجال التخصص!
5- تم الأخذ بعين الاعتبار لمعامل التأثير للمجلات العلمية وهو أمر جيد في حد ذاته، لكن حصر التدرج في التنقيط على المجال من 1 إلى 3 يعد ظلما و حيفا لمترشحين بذلوا جهدا في نشر بحوثهم في مجلات ذات معامل تأثير يفوق بكثير هذا المجال (من المعلوم ان معامل تأثير المجلات العلمية الذي يعبر غالبا عن مدى اهميتها يتراوح ما بين صفر و 45). زيادة على ذلك اعتمد في المرسوم علي تنقيط المترشح على اساس المركز الأول و الأخير على حساب بقية المشاركين في البحوث المنشورة، دون الأخذ في الحسبان ان بعض المجلات تعتمد على الترتيب الأبجدي للمشاركين في البحث.
6- يستحدث المرسوم نسبة معتبرة من التنقيط (20 نقطة) لإتقان اللغات الأجنبية (الفرنسية و الإنكليزية). رغم تساؤلنا عن عدم اعتبار إتقان اللغة العربية ذا أهمية، فإن التساؤل يبقى مطروحا عن عدم الإشارة الى الكيفية التي سيتم بها التقويم.
7- بكل غرابة وانعدام للموضوعية يميز المرسوم الجديد بشكل مبالغ فيه بين المترشحين على اسس بعيدة عن المستوى العلمي او الخبرة الاكاديمية بل على أساس النوع والعمر، وذلك في تحد سافر لمبدأ المساوات بين المترشحين الذي تكفله المادة 2 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية و المادة 15 من القانون رقم 09-93 الصادر بتاريخ 18 يناير 1993 المحدد لنظام الموظفين و العقدويين للدولة. حيث تُمنح كل مترشحة هدية بقيمة 20% من مجموع نقاطها (من اصل 100 نقطة) على حساب المتنافسين معها. و هو ما ينم عن قراءة خاطئة لمبدأ "التمييز الإيجابي". كذلك، يعاقب تدريجيا و دون وجه حق كل مترشح يزيد عمره على 32 سنة ( من 5 الى 15%) في حين ان نفس المرسوم يقر الحد الأعلى للسن القانونية المرسَّمة سلفا لولوج مسابقات التعليم العالي والمحددة ب 45 سنة.
إننا في جمعية الدكاترة العلميين الموريتانيين إذ نؤكد إصرارنا علي استخدام جميع الوسائل المشروعة من أجل إنارة الرأي العام الوطني وفضح كل الممارسات الهدامة لتعليمنا العالي، نؤكد مناشدتنا للسلطات العليا في الدولة بإعادة النظر في القرارات غير الموفقة التي تم اتخاذها مؤخرا من اجل الوقوف على اختلالاتها و نتائجها الهدامة على منظومة التعليم العالي في وطننا. وتتقدم جمعيتنا للمجلس الدستوري الموقر بطلب البت في دستورية هذا المقرر داعية إلى إلغائه على أساس الحيثيات الآنفة.
نواكشوط 18 فبراير 2016، عن جمعية الدكاترة العلميين الموريتانيين – المكتب التنفيذي