عندما يتجرَّد الوطن من انتماء أهله له، وعندما تختلف أولويات الحب له.. عندما يضيع اسم الوطن ليتربع فوقه كل أنواع الانتماءات.. فذلك لا تشخيص له، سوى ان الوطن ينتحر. عندما ترشّح النائب فلان والنائب فلان من النواب التسعة الذين قاطعوا الجلسة، احتجاجا او تعبيرا عن موقف لهم من احكام خلية العبدلي.. لم يكتب على اعلان ترشيحه انه مرشح تلك الفئة او هذه الفئة، او ان دوره ومسؤوليته عن الوطن الذي احتضنه يعتمد على امور اكبر منه. كانت اعلانات ترشحهم تتغنى بالكويت فقط وحبها، ولكن ما ان شاب مقاطعة هؤلاء النواب للجلسة من لغط وضعنا في موقع التساؤل والاستغراب من حقيقة ان نواب الامة يمثلون الكويت بشخوصها واهتماماتها ومصالحها بالدرجة الاولى.. وان لا شيء فوق الوطن، ولا مصلحة فوق مصلحة الوطن. كما صدمنا كلنا.. صدم العالم مما حصل.. كيف لنائب بالبرلمان يقاطع جلسة احتجاجا على احكام صدرت بحق اشخاص اتهموا بجمع وتخزين السلاح في مناطق متعددة، ما يشكل خطرا على الكويت واهلها، خاصة ما اعلن عن تخابر وانتماءات لجهات خارجية كانت لها الاولوية في الانتماء بقلوبهم، مقارنة بالكويت التي ينتمون لها وفق جنسياتهم وهوياتهم، التي كان لها الفضل الاول والاخير في توفير كل سبل الحياة الكريمة لهم. فتآمروا على تهديد امن وطننا واهله.. وأتحدى شخصيا ان يقنعني اي من هؤلاء النواب التسعة.. انا وغيري ان يكون هناك مبرر وطني واحد لتصرفه.. ولمصلحة الكويت. السنة كما الشيعة، انتخبوا فلانا وفلانا من هؤلاء التسعة، لانهم وثقوا بولائهم وحبهم للوطن (وهذا واجب ويفترض ان يكون اليوم وكل يوم)، لان شعاراتهم الانتخابية كانت تضرب على وتر الوطنية وحب الوطن، ككل المرشحين آنذاك. عندما رفضنا الاحتلال العراقي، رفضناه سُنة وشيعة، رفضناه ككويتيين ولم نرفضه كسنة وشيعة، ولو ان ايران هي التي احتلت الكويت آنذاك بدل العراق، لكنا كلنا ايضا سنة وشيعة وقفنا ضدها بنفس الروح والقوة.. ماذا حصل لتنقلب الموازين ويجسّد بعض نواب الامة ميولهم بهكذا موقف؟ لو ان اي احكام صدرت بحق اي شخص ينتمي الى فئة داخل الكويت احتج نواب ينتمون الى نفس الفئة او الطائفة، لخلت الجلسات من الاعضاء، ولتحول عمل الاعضاء من التشريع لمصلحة الوطن الى صراعات لمصلحة هذا البلد. امنيتي لعام 2016 ان نحتفل بعودة الوطن الى قلوبنا بعد ان هجره طويلا لاسباب كثيرة ومؤلمة.. وأخوف ما أخاف ان يكون ما حصل صورة من هذا الهجر.. فخطورة مرضنا بالكويت ان المرض انطلق من جزء مهم جدا في جسد الكويت، الا وهو قلبها (مجلس الامة)، فلا يمكن بأي حال من الاحوال بتره، انقاذا لهذا الجسد، كما لو كان اصبعا او يدا او ر.جلا.