يقول الجاحظ يستوي عود التعصب كلما ارتفعت أصوات المتجادلين فلا يعرف الحق من الباطل و يقول السياسي والحكيم الهندي المعروف المهاتما غاندي: كل إنسان يحب أن يسمع كلامه وتفهم أفكاره حتى ولو كانت بسيطة وغير مؤثرة لذلك أتجنب الحديث في بداية الموجة.
الموجة التي يعني المهاتما غاندي في ــ رأيي ــ هي ما نسميه اليوم بحديث الساعة وفي رأيي ــ أيضا ــ أن الحديث حول مطار انواكشوط الدولي يصدق عليه هذا المعنى فقد تصدر المشهد الإعلامي وسال فيه من حبر ما لم يسل في غيره خلال السنة المنصرمة أما الآن فقد هدأت العاصفة لذلك سأتحدث في الموضوع لا لثقتي بأن أفكاري ستؤثر ولا لاعتقادي بأن ما سواها باطل وإنما لرغبتي في أن أعبر عن رأي قد يجد من يستمع إليه في وقت هدوء العاصفة.
المطار المسيس:
يجدر التنبيه إلى أن الديمقراطية في غالبية البلدان العربية والإفريقية بما فيها بلادنا خرجت من رحم الصراع والعداوة والأنانية وعاشت في أحضان مجتمع السيبة الذي لم يتعود الخضوع لضوابط النظام لذلك حكمتنا ديمقراطية التضاد والمقابلة مابين مؤيد يمدح ومعارض يقدح هذا التفكير السياسي المشوه الذي يناقض الوحي والعقل يكاد يحتل ساحتنا السياسية اليوم ويحولنا إلى طوائف سياسية وشرائح اجتماعية يسعى كل منها لنفي أي سمة إيجابية عن الآخر.
من هنا يمكن أن نفهم كيف اختطف الموضوع من دائرة الاقتصاد وسحب إلى دائرة التسييس. حيث ربط المشككون في سياسة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بين مشروع المطار وما يرون من سلبيات في تلك السياسة لأنهم انطلقوا من دائرة التضاد التي أشرنا إليها سابقا في حين أن موضوع المطار موضوع اقتصادي قبل أن يكون موضوعا سياسيا يناقش من حيث مردوديته على قطاع النقل وعلى قطاع الاقتصاد عموما كما يجب أن يناقش من حيث مكوناته وأجزائه ومدى استجابته لمعايير السلامة والجودة وهو قبل كل ذلك معلم وطني ورمز من رموز السيادة الوطنية التي يملكها المعارض والمؤيد على السواء ولا يجوز تسييسها ومع أن الواقع أثبت أن مطار انواكشوط الدولي أم التونسى مشروع ضخم وإنجاز وطني هام فإن ذلك لا يعني أن الدولة قد تفشل في مشاريع أخرى وأن القطاع الخاص قد يخفق هو الآخر ونحن ملزمون جميعا باحترام كل رأي ورد في الموضوع وافق هوى في نفوسنا أو خالفه لأنه من صميم الشأن العام الذي يعني الكل إن الميزان العادل في كل ذلك هو قوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
تحصيل الحاصل
باعتبار أن رئيس موريتانيا الحالي الذي اتخذ القرار ووفر الإرادة السياسية والاقتصادية لإنشاء هذا المطار هو السيد محمد ولد عبد العزيز فمن الطبيعي ان يكون في ميزان إنجازاته شأن المسؤول الأول عن الشأن العام في أي أمة ولا عبرة بالقولة الشائعة لا شكر على واجب فهي قولة غير مؤسسة لأن الله شكر عباده على الطاعة وهي واجبهم وهو غني عنهم فشكر من أسدى معروفا وقام بواجب من صميم تعاليم ديننا وثقافتنا لكن الشكر على الواجب يجب أن يبعد عن شوائب التزلف والنفاق والقيام بالواجب يجب أن يفصل عن المن والأذى المذمومين شرعا وعرفا كما أن مؤسسة النجاح للأشغال الكبرى التي أنجزت هذا المطار يجب أن تتسع صدور المهووسين بتسييس كل شيء والمنافسين الاقتصاديين إلى أنها نجحت نجاحا نوعيا في المهمة لاعتمادها الإرادة الحقيقية التي لا تأبه بتكاليف الإنجاز لأنها تطمح إلى تحقيق الإنجاز نفسه كلف ما كلف مما أعطاها مصداقية كبيرة ومكانة اقتصادية هامة فهي بهذا تستحق الشكر والاحترام وعلى شركة النجاح أيضا أن تعرف أن النجاح محفوف بمخاطر من أبسطها المضايقات الإعلامية إذ من المعروف أن الناجح يضايق ويحسد لأنه دخل ميدان المعركة ومركز الزحام على قصب السبق كما يجدر التذكير بأن الصفقة التي تمت بين الطرفين (الدولة وشركة النجاح) والتي تتمثل في بيع الدولة للشركة مساحة أرضية مقابل بناء الشركة للمطار جنبت خزينة الدولة دفع سيولة نقدية كما جنبت المواطن تحمل كل التبعات الاقتصادية للمشروع فلم يتحمل أي تكلفة وباستصلاح الشركة لتلك المساحة الأرضية رمت عصفورين بحجر واحد حيث رفعت من قيمة القطع الأرضية وزادت من نسبة دخلها المنتظر من جهة وهيأتها لتكون صالحة للاستغلال بالنسبة للمشتري من جهة أخرى كما وفرت دخلا معتبرا للعديد من المواطنين العاملين في مجال بيع العقارات.
بطاقة تعريف فنية للمطار
تقدم شركة النجاح للأشغال الكبرى مطار انواكشوط الدولي أم التونسي من خلال المعلومات التالية:
أولا مدرجات المطار: يتوفر هذا المطار على مدرجين ضخمين أحدهما هو المدرج 3416 وهو المدرج الرئيسي للمطار ويبلغ طوله 3400 متر وعرضه 60 مترا وقد روعيت في بنائه معايير السلامة والجودة حيث أن 80 سم منه مدعمة بمواد مختارة و15 من الخرسانة و38 من الخرسانة المسلحة المدعمة بروابط فولاذية وبمعدل 4 روابط في المتر الواحد ويسمح هذا المدرج بنزول جميع أنواع الطائرات المستخدمة عالميا في الوقت الراهن بما فيها الطائرات العملاقة 380 و747 والمدرج 2406 وهو المدرج الثانوي المعد لنزول الطائرات في حالة هبوب رياح شديدة ويضيق المقام عن سرد ما يتوفر عليه من بنى تحتية كبيرة.
ويتوفر على 4500 متر لممرات الطائرات مع أربعة مناطق توقف ضخمة بمساحة إجمالية قدرها 127000 متر مربع وهي تتوفر على طبقات للمدارج وممرات للطائرات
ثانيا: محطة ضخمة للركاب بمساحة 22000 متر مربع ويوجد بها 18 كشكا لتسجيل الركاب و8 مكاتب للشرطة بمنطقة المغادرة و8 مكاتب لشرطة الوصول و2 عربة للتحقق من الوصول والمغادرة و3 بساط لتوصيل الأمتعة و6 ممرات للركاب و3 مصاعد و15 مكتبا لشركات الطيران الدولي وعدة مناطق تجارية وقاعتان للصلاة و1 صالون للشخصيات الخاصة وموقف للسيارات تستوعب 600 سيارة و1 عربة للتحقق من الأمتعة وهذه المحطة قادرة على استيعاب مليوني مسافر سنويا ويمكن رفع طاقتها الاستيعابية إلى عشرة ملايين مسافر سنويا.
ثالثا: برج للمراقبة من 12 طابقا يتوفر على كل التجهيزات المتعلقة بالملاحة الجوية
رابعا: محطة ضخمة للشحن
خامسا: جناح رئاسي روعي فيه الأمن والابهة وكلما هو مطلوب من قاعات ومراكز للمؤتمرات ومواقف للسيارات تستوعب 200 سيارة.
وقد أشرفت الدولة الموريتانية على رقابة الأشغال في هذا المطار من خلال مكاتب دولية معتمدة في مقاييس الجودة أبرزها مكتب Agis – AVIA.
محمد الأمجد بن محمد الأمين السالم