أكد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني أن تراث موريتانيا التاريخي، الماديَ منه واللامادي "يمثل، في ثرائه وتنوعه، تعبيرا أصيلا عن هويتنا الحضارية، وقيمنا الدينية والثقافية".
وأوضح الرئيس ولد الشيخ الغزواني، في خطاب ألقاه اليوم (الجمعة) في مدينة ولاته الناريخية بولاية الحوض الشرقي، خلال إشرافه على افتتاح مهرجان مدائن التراث في نسخته الـ12، ان هذا التراث التاريخي يشكل "الذاكرةُ الأمينةُ التي تحفظُ قيمنا وأعرافنا، وطرائق عيشنا وتخلد ايامنا المجيدة".
و قال إن مدينة ولاية شكلت، على مدى حقب متتالية، "محور َالتبادلات التجارية في فضائها الجغرافي، ومركز إشعاع ثقافي بارز، استقطب العلماء من مختلف الأقطار".
وهذا نص خطاب رئيس الجمهورية :
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
✓ السيد زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية،
✓ السادة والسيدات الوزراء،
✓ السيد الوالي،
✓ السادة رؤساء المجالس الجهوية،
✓ السادة النواب والعمد،
السادة والسيدات أعضاء السلك الدبلوماسي،
✓ السادة والسيدات رؤساء الأحزاب السياسية،
✓ السادة والسيدات ضيوف مدائن التراث،
✓ السادة والسيدات المدعوون،
✓ أيها الجمع الكريم.
يطيبُ لي أن أتوجَهَ إليكم، سكانَ مدينةِ ولاته، بالشكر الجزيل، على حفاوةِ الاستقبال، وعلى كرم الضيافة الذي هو في ساكنة هذه المدينة، وفي الموريتانيين عموما، سجيةٌ، وطبعٌ راسخٌ.
كما أشكر، كذلك، كل الذين لم يُثْنِهم بعدُ المسافة، ولا عناءُ السفر، عن الحضور اليومَ لمشاركتنا فعالياتِ هذه النسخة الثانيةِ عشرةَ من مهرجان مدائن التراث.
أيها السادة والسيدات؛
إن تراثَنَا التاريخي، الماديَ والمعنويَ، يمثل، في ثرائه وتنوعه، تعبيرا أصيلا عن هويتنا الحضارية، وقيمنا الدينية والثقافية.
إنه الذاكرةُ الأمينةُ التي تحفَظُ قيمنا وأعرافنا، وطرائِقَ عيْشِنا، وتخلِّد أيامنا المجيدةَ وحقَبَنا التاريخيةَ المضيئةَ.
ولا أدَلَّ على ذلك من مدينتكم هذه، مدينةِ ولاته التاريخيةِ، التي لا تزال، رغم عادياتِ الزمانِ، صامدةً في حِفظ هويتنا الحضاريةِ، عبر مخطوطاتها النفيسةِ، ومكتباتها الزاخرةِ، وآثارِ بَدِيعِ عمرانها، وأنماطِ زخرفتها الأخًاذةِ، وصِيتِ علمائها الذي طَبَّقَ الآفاقَ،
ولقد شكلت، هذه المدينةُ، على مدي حِقبٍ متتاليةٍ، محوَرَ التبادلات التجارية في فضائها الجغرافي، ومركزَ إشعاعٍ ثقافيٍ بارزٍ، استقطبَ العُلماءَ من مختلفِ الأقطارِ.
كما كان لها دورٌ متميزٌ في نشر تعاليمِ ديننا الإسلامي السمحِ، شمالَ الصحراء وجنوبها.
إنها بحقٍ كنزٌ تراثيٌ فريدٌ.
وإن من المُتعينِ علينا جميعاً صونَ هذا الكنزِ التراثي، والحرصَ على أن يظلَ ما يزخر به من قيمٍ ومعانٍ، وما يفوحُ فيه من عبقِ تاريخٍ زاهرٍ، دائمَ الحضورِ في وجداننا الجمعي، ترسيخا لهويتنا الحضارية، وتعزيزا للحمتنا الاجتماعية ووحدتنا الوطنية.
أيها السادة والسيدات:
إن صونَ هذا الكنز التراثي، علاوةً على دائمِ استحضاره، والاحتفاء به، يتطلب منا تعهدا مستمرا لمظاهرِهِ الماديةِ، من عمرانٍ، ومخطوطاتٍ، وتحفٍ فنيةٍ، بالترميم والصيانة المنتظمةِ، درءًا لاندثارِهَا.
كما يتطلب كذلك، توفيرَ الشروط الإنمائية الضرورية لترقية المدينة، والمحافظة على عَرَاقَتِها التراثية.
ولذا، حرصنا على أن يكون مهرجان مدائن التراث، مناسبةً تراثيةً وإنمائيةً، في الآن ذاته.
ولقد تضمنتْ المكونةُ الإنمائيةُ لهذه النسخةِ العديدَ من البرامجِ المتعلقةِ بفك العزلةِ، وبتحسين مستوي النفاذِ إلى الخِدْماتِ الأساسيةِ، كالماء والكهرباء، والصحة، والتعليم والاتصالات...
وكذلك بدعم قدرةِ المواطنين على الصمود، بتَوسيع استفادتهم من شبكة الأمانِ الاجتماعيِ، والعملِ على ترقيةِ إنتاجِهم المحلي، وأنشطتهم المدرة للدخل، موازاةً مع دعم قدراتهم في مجال صيانة المخطوطات والمحافظة على العمران الاثري.
وإنني إذ أتمنى لسلسلةِ البرامجِ، هذه، أن تُسهِمَ في ترقية المدينة، وتعزيز صمودِ أهلها، لأعلن على بركة الله، افتتاحَ هذه النسخة الثانيةِ عشرةَ من مهرجان مدائن التراثِ، راجيا لكم جميعا مهرجانا ممتعا، مفيدا، ومسهما، في تعزيز هويتنا الحضارية ووحدتنا الوطنية..
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.