حصل لي الشرف بتمثيل البلاد صحبة سعادة سفيرتنا في اليونسكو ومحافظ التراث الوطني ووفد من وزارة الثقافة في اجتماع لجنة التراث العالمي المنعقد في جمهورية بوتسوانا، الذي تُوِّجَ اليوم بتسجيلِ المحظرة الموريتانية على القائمة التمثيلية للتراث العالمي لدى اليونيسكو، وهو حدث ثقافي واعتبارِيٌّ كبير، تُواصل به بلادُنا تألقَها في المحافل الدولية، وتألقَها الثقافي والعلمي بشكلٍ خاص، وهي مناسبةٌ مُشَرفَةٌ نقدمُ فيها التهنئةَ لفخامة رئيس الجمهورية، وللحكومة والشعب الموريتاني على هذا الحدث التاريخي.
ونظرا للأهمية الرمزية والاعتبارية لهذا الحدث، فقد ظل فخامةُ رئيس الجمهورية يتابع الملفاتِ المتعلقةَ به ويصدر توجيهاتِه الساميةَ بضرورة كسب الموقف.
وإذا كان هذا الانتصار الدبلوماسي الثقافي، يشكل نقطةً مُضيئةً في تاريخ الدبلوماسية الثقافية للبلاد، فإنه في سياقه الخاص، الذي هو الاحتفاءُ بالمحظرة ودعمُها، ليسَ إلَّا حلقَةً في سلسلةٍ من الإنجازات، استطاع فخامةُ رئيس الجمهوريةِ السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني أن يُنجِزَها لصالح المحظرة، التي ظل الاعتناءُ بها وبِمُخرجاتها همًّا من الهموم الكبرى لدى فخامته.
فما أبرزُ تجليّاتِ اهتمام فخامته بالصرح المحظري؟
للإجابة على هذا السؤال، يمكن أن نُركِّزَ على نقاطٍ بارزة منها:
أولا: الاحتفاء بالمحظرة كوجهٍ حضاري للبلاد وبَصمَةٍ مميزة، يجب أن تظهر بها البلاد في المحافل الدولية، وفي هذا السياق عَبَّأَ فخامتُه جهاتِ الاختصاص وواكبها بتوجيهاته لِحَبْكِ ملفات الترشح لتسجيل المحظرة في المحافل الدولية، وهكذا تم تسجيل المحظرة على قائمة التراث الإسلامي من قبل اللجنة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة سنة 2022
وهاهي اليومَ تدخل بابَ العالَمية من خلال تسجيلها على القائمة التمثيلية للتراث العالمي، لتَكونَ وجها تُرَاثِيًّا وعلمِيًّا مُعرِّفًا بالبلاد في المحافل الدولية.
ثانيا: دعم المحظرة، وتحفيزُها على الصمود ومواصلةِ الأداء، ويتجلى ذلك في عدةِ أمور، منها:
1 - بَعثُ التنافس العلمي الأكاديمي بين خريجي المحظرة وطلبتها الكبار، من خلال إنشاء "جائزة رئيس الجمهورية لحفظ وفهم المتون المحظرية" التي تدخل الآن في نسختها الرابعة، والتي يُشرفُ فخامة رئيس الجمهورية شخصيًّا على حفل تكريم الفائزين فيها، الذين ينالون جوائز قيمة، في حفلٍ مهيبٍ تحضره الدولة بكل رموزها ووجوهها والدبلوماسيين المعتمدين لديها، وهي الجائزةُ التي شكلت فرصةً ثمينةً لاكتشاف كوكبةٍ من العلماء الشباب، كانوا بعيدين عن الأنظار، فكانت فرصةً لاكتشافهم وضمهم لهيئة العلماء الموريتانيين ليكونوا مددًا ورافدا يضمن استمرار المسيرة العلمية الناصعة للبلاد.
وقد لفتت هذه الجائزةُ انتباهَ الكثير من علماء العالم الإسلامي وأشادوا بها باعتبارها نموذجا فريدا من نوعه يستحق الإشادةَ والتثمين.
2 - مُضاعفة المعاهد الجهوية للتعليم الأصلي: وهي معاهد تهتم بمرافقة طلاب المحاظر الذين ينفصلون عنها في المراحل المتوسطة، لتضمن تأطيرَهم العلمي، لِولوج الدراسة النظامية دون أي خلل، وقد أبانت النتائجُ التي تحصَّل عليها طَلَبَةُ هذه المعاهد في الباكالوريا في السنة الدراسيةِ المنصرمةِ عن مستوياتٍ مُشَرفَةٍ سواء من حيثُ نِسبُ النجاح، أو من حيثُ التفوقُ، إذْ حصدت إحدى طالبات هذه المعاهد المرتبةَ الأولى في باكالوريا الآداب الأصلية على المستوى الوطني، وهي الطالبة فاطمة صمبَ من المعهد الجهوي في بوتلميت.
3 - توسيع نطاق الدعم المادي للمحاظر بشكل غير مسبوق، حيث ارتفعت المحاظر النموذجيةُ التي تدفع الدولة رواتب مدرّسيها من أقل من 70 محظرةً قبل مجيء فخامة الرئيس إلى أكثر من 1600 محظرة نموذجية الآن.
كما تم توسيع نطاق الدعم للمحاظر الأصلية، القرآنية، والمتوسطة، والجامعة.
تلك إضاءةٌ عَجْلَى على بعض ما أنجزه فخامة الرئيس لصالح المحظرة ومنتسبيها، وعلى المكانة الرمزية التي تحظى بها المحظرة عنده، باعتبارها صانعة مجد البلاد وصاحبةَ المِنة الحضارية الكبرى عليها.
ومن هذه الإضاءة يتضح أن هذا العهدَ كان عهد المحظرة الزاهر، وأنه مع فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يمكن لشيوخ المحاظر وطلابها أن يرفعوا رؤوسَهم عاليةً، في دولةٍ تحتفي بهم، وتُجلُّهم وتواصل الدعم والتأطير.
والحمد لله أولا وأخيرا.
الداه ولد سيدي اعمر وزير الشؤون الإسلامية