تعيش البلاد اليوم ، حالة مد و جزر على أكثر من صعيد .. حالة مخاض سياسي تصاحبها آلام ولادة حادة ، تلقي بظلالها على كل شيء ..
الوضع على حدودنا من كل الجهات (أعني على كل الجبهات) ، غير مريح : يبدو أن ما يطفو على السطح من أشياء مرئية ، ليس سوى ارتدادات (تفسيرية) لمخطط أخطر يقتضي بكل بساطة ، صرف مداخيل غازنا و بترولنا و بقية ثرواتنا الطبيعية على شراء ترسانتهم العسكرية التي خرجت الخدمة بعوامل الزمن و التقدم التكنولوجي و هو مخطط يستهدف كل المنطقة ، لا أستبعد أن تستجيب له كل أطرافها بسبب قضيتي الصحراء و أزواد ، لأن حروب الأحقاد لا تستجيب لأي منطق وكل الأطراف المحيطة بنا (دون استثناء) ، معنية بها بدرجة أو أخرى ، مباشرة أو غير مباشرة ..
إن وجود موريتانيا جيو سياسيا ، في قلب هذه الزوبعة المنفلتة من القيود ، يفرض عليها التفكير بمنطق آخر كقضية واحدة هي المعنية الأولى بحلها و تأزيمها .!
العقل هو القوة التي تصنع كل قوة و الظروف مواتية للتفكير بمنطق جديد و كل الظروف الدولية تصب في صالحنا ، إذا وجدت من يحركها في الاتجاهات الصحيحة ..
أما أن نُدخَلَ في صراعات بلا حل و لا سقف زمني ، نحن ضحاياها من كل الجهات ، فهذا هو الأسوأ و الأغبى بكل تأكيد ..
كل دول الجوار معادية لقيام دولة المور و معادية أكثر لقيام دول المور و كل الظروف مواتية اليوم ، لنهوض هذا الحلم المزعج للجميع : لماذا تنهض كل الأحلام القومية من حولنا و نَحرِمُ نحن أنفسنا من الرد بالمثل ؟
كل العالم اليوم يفتح خرائط إعادة التشكل بعد انفجار كل القنابل الموقوتة التي زرعها المستعمر عبر خرائط الاستقلال المُعدة على مقاسات سياسات تأزيمه للتحكم في الصراعات البينية و عرقلة تقدم الدول الإفريقية و تحويلها إلى أهم زبناء لشراء أسلحتهم "الخردة" ..
هذا وقت التفكير في القضايا الكبرى و أكبر خطأ نرتكبه اليوم ، هو هذا الانخراط الأعمى في الصراعات الداخلية الساذجة بسبب غياب الأحلام الكبرى ..
ماذا كسبنا من "الحياد الإيجابي" غير العداوات المُحتَقِرة لبلدنا ؛ تارة من هذا الطرف و تارة من ذاك و تارة من الاثنين !!؟
الحياد يعني اللا موقف و إيجابيته الوحيدة هي الخروج - على الأقل - من مأزق الصراع . و هذا ما لم نحصل عليه ؟
حتى هذا لم نحصل عليه !!؟
على العقل الموريتاني ، خارق الذكاء ، أن يتحرك : لقد طالت هذه الاستقالة أكثر من اللازم ..
من صفحة الكاتب سيدى على بلعمش