أكد وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان محمد ولد اسويدات، أن اختيار نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، خلال العام 2023، يجد مسوغاته عبر قرون من المعرفة والعلم والثقافة، "حيث كان علماء موريتانيا يجوبون أصقاع العالم سفراء علم وثقافة وتعايش وسلام"؛ حسب قوله.
وأوضح الوزير، في خطاب ألقاه خلال حضوره، الخميس، فعاليات التظاهرة الثقافية التي نظمتها هيئة "ميد أورو" لدول البحر الأبيض المتوسط في العاصمة الايطالية روما، أن برنامج رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني "يقوم على اعتبار الثقافة عنصرا مركزيا من عناصر قوة البلاد، كما يعتبرها ركنا أساسيا من أركان بذر قيم السلام والمحبة والتسامح، وتجسد ذلك في مشاركة فخامة رئيس الجمهورية قبل أشهر في القمة الأوروـ متوسطية في جمهورية إيطاليا".
وأضاف ولد اسويدات أن "من الطبيعي جدا أن تتواصل شنقيط مع روما.. حيث كتبتا تاريخا يلتقي في الكثير من الجزئيات ومن التفاصيل.. تاريخ صنعه القرطاس والقلم والدواة والطابعة.. تاريخ كتبته المخطوطات والمطبوعات والقصائد والملاحم والموسوعات والكنانيش".
وقال:
"كانت الثقافة دوما إكسيرا للعلاقات الدولية وعصارة للمشترك الإنساني الفاضل؛ ذلك المشترك القائم على قيم الخير والجمال والتعايش والسلام.. إنها الجوهرة الثمينة للآثار البشرية على هذه الأرض؛ ففي ملاحمها قسمات أصولنا ومحدداتنا وخصائصنا الإنسانية، وهي – إلى ذلك – سفارة السلام والشراكة والتعاون بين الشعوب.
إننا فخورون بتاريخ بلادنا المبنى على التفاعل الحضاري والتعاطي الثقافي والانفتاح الإيجابي على كل جوارنا، وعلى شعوب المتوسط وأممه بصورة خاصة؛ حيث كان اتصالنا بالحضارة الرومانية باكرا، ولا تزال بعض آثار ذلك التواصل شاهدا.
إننا فخورون -كذلك- ومعتزون بما حققناه من سمعة طيبة وشراكات عميقة على الصعد الثقافية
والاقتصادية والسياسية في إطار الشراكة الأورومتوسطية الواسعة، وبالخصوص مع دولة إيطاليا ذات التاريخ الحضاري الزاخر بالانفتاح والتعاون والعلاقات الحسنة، الطيبة والممتازة مع مختلف دول وشعوب العالم".
وبين أن "الهوية الثقافية ذات المرجعية المتسامحة والمقدِّسة للمعرفة ساهمت بشكل لافت في نجاعة علاقاتنا القائمة على احترام الثقافات بغض النظر عن طبيعتها؛ تقديرا وتثمينا للتاريخ الإنساني المشترك؛ من هنا تعاطينا دوما مع الثقافة ومع المثقفين إكبارا وإجلالا.. ومن هنا -أيضا- ذاع صيتنا كأمة تتعاطى الثقافة أكثر من سواها من ظواهر الحياة".
وذكر وزير الثقافة، في خطابه، بدور العلماء الشناقطة، عبر التاريخ، في نقل الإشعاع العلمي والحضاري الثقافة الشرقية إلى المجتمعات الغربية؛ حيث قال:
"إننا -في روما اليوم- نسير على خطوات جدودنا.. إننا نعيد تاريخنا غضا طريا كما صنعه الآباء؛ فقبل ما يربو على القرنين حطت سفينة غير بعيد من روما تحمل أكبر مثقفي الشرق أيامها، وكان يتصدر أولئك المثقفين ابن شنقيط محمد محمود ولد أتلاميد الشنقيطي؛ بعد أن وقع عليه اختيار الإمبراطور العثماني ليقود وفد مثقفي الشرق -في رحلة استعراضية باذخة- إلى ملك السويد".
و هذا نص خطاب الوزير :
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم،
————————————-
السيد ماركو مينيتي رئيس هيئة ميد اور
السادة اعضاء السلك الدبلوماسي
السادة المدعوون الكرام
أيها الجمع الكريم
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته،
يسعدني بدءا أن أقدم لكم أحر التهانئ وأصدقها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك؛ شهر المحبة والتسامح والتآخي؛ حيث نلتقي تحت ظلال ذات القيم وذات المثل؛ قيم الخير والبذل والسلام.. قيم الثقافة والعلم والمعرفة والتاريخ.. نلتقي في عناق حضاري صرف يستمد روحه من قرون عديدة، وعبر مسافات شاسعة.
إنه من الطبيعي جدا أن تتواصل شنقيط مع روما.. حيث كتبتا تاريخا يلتقي في الكثير من الجزئيات ومن التفاصيل.. تاريخ صنعه القرطاس والقلم والدواة والطابعة.. تاريخ كتبته المخطوطات والمطبوعات والقصائد والملاحم والموسوعات والكنانيش.
أيها الحضور الكريم؛
كانت الثقافة دوما إكسيرا للعلاقات الدولية وعصارة للمشترك الإنساني الفاضل؛ ذلك المشترك القائم على قيم الخير والجمال والتعايش والسلام.. إنها الجوهرة الثمينة للآثار البشرية على هذه الأرض؛ ففي ملاحمها قسمات أصولنا ومحدداتنا وخصائصنا الإنسانية، وهي - إلى ذلك - سفارة السلام والشراكة والتعاون بين الشعوب.
إننا فخورون بتاريخ بلادنا المبنى على التفاعل الحضاري والتعاطي الثقافي والانفتاح الإيجابي على كل جوارنا، وعلى شعوب المتوسط وأممه بصورة خاصة؛ حيث كان اتصالنا بالحضارة الرومانية باكرا، ولا تزال بعض آثار ذلك التواصل شاهدا.
إننا فخورون -كذلك- ومعتزون بما حققناه من سمعة طيبة وشراكات عميقة على الصعد الثقافية َوالاقتصادية والسياسية في إطار الشراكة الأورومتوسطية الواسعة، وبالخصوص مع دولة إيطاليا ذات التاريخ الحضاري الزاخر بالانفتاح والتعاون والعلاقات الحسنة، الطيبة والممتازة مع مختلف دول وشعوب العالم.
أيها الحضور الكريم؛
إن هويتنا الثقافية ذات المرجعية المتسامحة والمقدِّسة للمعرفة ساهمت بشكل لافت في نجاعة علاقاتنا القائمة على احترام الثقافات بغض النظر عن طبيعتها؛ تقديرا وتثمينا للتاريخ الإنساني المشترك؛ من هنا تعاطينا دوما مع الثقافة ومع المثقفين إكبارا وإجلالا.. ومن هنا -أيضا- ذاع صيتنا كأمة تتعاطى الثقافة أكثر من سواها من ظواهر الحياة.
إننا -في روما اليوم- نسير على خطوات جدودنا.. إننا نعيد تاريخنا غضا طريا كما صنعه الآباء؛ فقبل ما يربو على القرنين حطت سفينة غير بعيد من روما تحمل أكبر مثقفي الشرق أيامها، وكان يتصدر أولئك المثقفين ابن شنقيط محمد محمود ولد أتلاميد الشنقيطي؛ بعد أن وقع عليه اختيار الإمبراطور العثماني ليقود وفد مثقفي الشرق -في رحلة استعراضية باذخة- إلى ملك السويد.
أيها الجمع الكريم؛
إن اختيار نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي يستمد مسوغاته من قرون من المعرفة والعلم والثقافة.. قرون كانت فيها صحراؤنا الكبرى محط رحال كل طالبي العلم وطالبي الثقافة؛ كما كان علماؤها ومثقفوها يجوبون أصقاع الدنيا سفراء علم وثقافة وتعايش وسلام؛ بعد أن كانت الصحاري نقيضا للعلم والثقافة والمعرفة.
إن نواكشوط اليوم تبعث تاريخ كومبي صالح وأودغوست وتينيكي وآزوكي.. وتاريخ اسم شنقيط وسما على الثقافة وعلى التواصل الحضاري.. إنها تسترجع تاريخنا مع السفارة الثقافية، ومع سفراء ثقافتنا الذين عُرفنا بهم أول ما عرفنا.
أيها الحضور الكريم؛
صحيح إن هذه السانحة فرصة للتذكير بتاريخنا الثقافي الضارب في الزمن؛ لكن الصحيح -أيضا- أنها فرصة للحديث عن واقع ثقافتنا اليوم؛ حيث يقوم برنامج فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على اعتبار الثقافة عنصرا مركزيا من عناصر قوة هذه البلاد، كما يقوم على اعتبارها ركنا أساسيا من أركان بذر قيم الخير على هذا الكوكب المهدد بالكثير من المخاطر والمزالق، نسأل الله السلامة والعافية. من هنا تتنزل مشاركة فخامته -قبل أشهر قليلة- في القمة الثامنة للحوارات الأورومتوسطية بجمهورية إيطاليا؛ تلك الزيارةالتي قررت بعدها الحكومة الايطالية مشكورة كل الشكر افتتاح سفارة لها بعاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية انواكشوط.
وتجسيدا لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية الثقافي سعت حكومة معالي الوزير الأول محمد ولد بلال ولد مسعود جاهدة إلى تقديم كل ما في وسعها خدمة لذلك البرنامج وتجسيدا له.. وهو السياق الذي يتم خلاله تنظيم هذه الاحتفالية بالتعاون بين هيئة مادور وقطاع الثقافة؛ حيث نأمل أن نعيد ألق سفارتنا الثقافية ودورها جسرا للمحبة والتسامح والتعاطي بين أمم وشعوب البحر الأبيض المتوسط.
إننا إذ نعيش احتفاليات وابتهاجات نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2023، نسترجع تاريخنا الثقافي وتاريخ تواصلنا وتعاطينا مع الثقافات الأخرى؛ حيث ندين لعلمائنا ومثقفينا وسفارتهم الثقافية بتلك المكانة التي تبوأناها بين الأمم والشعوب؛ حيث أصبح اسم شنقيط رمزا للثقافة والعلم والمعرفة.
أيها الحضور الكريم
إن نواكشوط اليوم تحيي إرثنا القائم على التعاطي وعلى التواصل الثقافي وعلى الحوار الثقافي.. إنها اليوم قنطرة ثقافية بين ثقافات الجنوب والشمال، وثقافات الشرق والغرب.. إن تسمية انواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي للعام 2023 هو سانحة لتلاقح الثقافات البشرية سعيا إلى تعزيز المشترك الإنساني خدمة للتسامح والنعايش والسلام؛ فشكرا جزيلا لهيئة مادور على جهدها المشهود في تنظيم هذه الأيام، والشكر موصول للحكومة الإيطالية، ولكل من ساهم من قريب أو بعيد في هذه التظاهرة؛ وبالأخص طاقم سفارتنا المحترم بالجمهورية الإيطالية.
وختاما، نبارك هذه التظاهرة وكل التظاهرات المعبرة عن هويتنا والمسوقة لتاريخنا وذلك باعتبارها سفارتنا وعصب دبلوماسيتنا القائمة على خدمة السلام والاستقرار العالميين.. كما نرجو ونتمنى أن تكون هذه التظاهرة بداية للعديد من مظاهر التواصل والتعاطي والتعاون مع هيئة مادور ومع الجمهورية الإيطالية.. ومع كل الهيئات والجهات الأورومتوسطية؛ بما يخدم أمن وسلام وتعايش شعوبنا وأممنا.. وبما يزرع قيم التآخي والمحبة والتسامح بين كل ثقافات العالم وشعوبه.. أشكركم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته