يُمكننا وبشكل عام أن نقسم الأغلبيات الداعمة للأنظمة الحاكمة المتعاقبة إلى ثلاثة أقسام أو أصناف :
الصنف الأول : هو ما يمكن أن نسميه بالأغلبية السلبية، وتضم هذه الأغلبية السلبية كل داعمي الأنظمة الحاكمة الذين يقتاتون على الرصيد الشعبي للرئيس، ويسحبون منه باستمرار، ودون أن يضيفوا أي شيء إلى ذلك الرصيد.
إن هذا الصنف من الداعمين السلبيين يشكل خطرا حقيقيا على الرصيد الشعبي للرئيس، وذلك لكون المنتسبين له يسحبون باستمرار من ذلك الرصيد ودون أن يضيفوا إليه شيئا، ومن هذا الصنف يمكننا أن نذكر :
ـ ذلك الوجيه أو السياسي الذي تبغضه النسبة الأكبر من المواطنين في دائرته الانتخابية.
ـ ذلك الموظف السامي الذي لا يؤدي واجبه الوظيفي، ولا يقرب خدمات الإدارة من المواطن، والذي هو منشغل في أكثر الأوقات في نهب المال العام وفي تحقيق مصالحه الضيقة الخاصة على حساب المصلحة العامة؛
ـ ذلك المدون أو الصحفي الذي تجده يستميت في الدفاع عن موظف ما أو سياسي ما أو رجل أعمال ما في النظام لا لحسن أداء، وإنما بحثا عن مصالح خاصة.إنه يستميت في الدفاع عن هذا الشخص أو ذاك، ومع ذلك لا تجد له منشورا واحدا يدافع فيه عن النظام في مجموعه أو عن الرئيس بشكل خاص.
ـ ذلك الموظف أو الوجيه أو السياسي الأناني الذي يحاول أن يحتكر كل الامتيازات الممنوحة لدائرته الانتخابية أو لمدينته، يحتكرها لصالح شخصه أو لوسطه الضيق جدا، وسواء كانت تلك الامتيازات سياسية أو انتخابية، أو كانت تتعلق بتعيين أو صفقة. إنه يعمل جاهدا على حرمان كل الداعمين الآخرين في دائرته الانتخابية أو في مدينته أو ولايته من أي امتياز سياسي أو انتخابي أو وظيفي؛
ـ ذلك السياسي أو الوجيه أو الموظف أو رجل الأعمال الذي يعمق الخلاف بين الداعمين، ويعمل على صناعة الأحلاف وخلق التخندقات المتصارعة داخل الحزب الحاكم.
إن كل من يتصف بصفة من هذه الصفات أو بها جميعا يمكن أن يصنف على أنه داعم سلبي للنظام، ضره أكثر من نفعه، وهو في كل الأحوال مجرد عالة على النظام، يقتات على الرصيد الشعبي للرئيس، ويسحب من ذلك الرصيد دون توقف، وعندما تسحب منه الامتيازات التي كانت ممنوحة له، سواء كانت تلك الامتيازات امتيازات سياسية أو وظيفية أو انتخابية، حينها ستنكشف حقيقته، وسيظهر ضعفه وعجزه، وسيتضح أنه كان مجرد عالة يقتات على الرصيد الشعبي للنظام، وأنه بلا شعبية ولا تاثير.
المؤسف أن هذا الصنف من الأغلبية السلبية يشكل النسبة الأكبرداخل الأغلبية الحاكمة.
الصنف الثاني : الأغلبية المحايدة، والحياد هنا لا نقصد به الحياد بمفهومه المعروف الذي قد يتبادر لأول وهلة إلى الأذهان، فمن انتسب للأغلبية أو للمعارضة لم يعد ممكنا وصفه بالحياد. إن الداعم المحايد الذي نقصده هنا هو ذلك الداعم الذي لا يمكن تصنيفه بالداعم الإيجابي، ولا بالداعم السلبي.إنه ذلك الداعم الذي لا يرتكب أخطاء شنيعة من شأنها أن تؤثر سلبا على رصيد الرئيس الشعبي، ولكنه في المقابل لا يقوم بأي فعل إيجابي من شأنه أن يزيد من شعبية الرئيس ورصيد النظام.
ومن هذا الصنف يمكن أن نذكر كل أولئك الموظفين ورجال الأعمال والمثقفين الذين يحسبون أنفسهم على الأغلبية، ولكنهم لا يبذلون أي جهد لصالح تلك الأغلبية، فهم وبكلمة واحدة، لا ينفعون الأغلبية ولا يضرونها في الوقت نفسه.
هؤلاء يشكلون نسبة متوسطة من الأغلبية الداعمة في مجموعها.
الصنف الثالث : الأغلبية الإيجابية، وتضم الأغلبية الإيجابية كل أولئك الذين لا يكتفون فقط بتجنب ارتكاب الأخطاء التي من شأنها أن تؤثر سلبا على شعبية الرئيس، بل إنهم فوق ذلك يعملون على زيادة تلك الشعبية.
ومن هؤلاء يمكن أن نذكر :
ـ الموظف الذي يؤدي عمله الذي كلف به على أحسن وجه، ويخصص جزءا من وقته خارج العمل للعمل السياسي الجاد لصالح النظام؛
ـ السياسي أو الوجيه أو رجل الأعمال القريب من المواطنين في دائرته الانتخابية أو في مدينته أو في ولايته؛
ـ السياسي الذي يعمل على توحيد الأغلبية لا على خلق الصراعات والأحلاف داخلها والتي تتنافس تنافسا غير إيجابي.
ولعل الميزة الأهم لدى أهل هذا الصنف هي قدرتهم على تحقيق مكاسب سياسية للنظام، حتى في تلك الأوقات التي لا يمنحهم فيها النظام امتيازات وظيفية أو انتخابية تعينهم على العمل السياسي.
للأسف هؤلاء يشكلون النسبة الأقل داخل الأغلبية الحاكمة.
خلاصة القول :
يوجد بكل أغلبية حاكمة ثلاثة أصناف متمايزة : صنف سلبي يجب الحد منه قدر المستطاع، وصنف محايد يجب العمل على إخراجه من حياده السلبي، وصنف ثالث وهو الصنف الإيجابي، هذا الصنف هو الذي يستحق أن يتصدر الواجهة السياسية والإعلامية للنظام.