أوضح مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، الشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، أن موريتانيا تقوم بجهود حثيثة، على المستوييْن الدولي والإقليمي، للمساهمة الفعلية في حل النزاعات، واستقبال وإيواء النازحين وطالبي اللجوء، ورفع التحديات عن طريق سياسات متنوعة ومقاربة أمنية شاملة سعياً للتصدي للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود خاصة في إطار مجموعة دول الخمس بالساحل.
وأضاف في خطاب ألقاه مساء أمس الثلاثاء بالعاصمة الغامبية بانجول أمام الدورة الثالثة والسبعين للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، أن رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، ووعيا منه بالصلة الوثيقة بين ثلاثية الأمن والتنمية وحقوق الإنسان، يولي عناية خاصة لحفظ وصيانة كرامة الإنسان، مشيرا إلى أن ذلك يتجلى واضحا من خلال برنامجه السياسي الرامي إلى توطيد اللحمة الوطنية وتجاوز رواسب التقاليد البالية ومواكبة التقدم الكوني الحاصل في مجال حقوق الإنسان.
وهذا نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيد رئيس اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب،
السادة والسيدات أعضاء اللجنة،
السادة والسيدات الوزراء، أصحاب السعادة السفراء ومندوبي الدول،
السادة والسيدات ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية،
السادة والسيدات رؤساء وممثلو المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني،
أيها السادة والسيدات،
إنه لمن دواعي سروري أن أشارككم اليوم، باسم حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، انعقاد الدورة الثالثة والسبعين للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. كما أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لحكومة غامبيا على احتضانها لهذه الدورة وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظيت بهما الوفود المشاركة منذ قدومها إلى أرض جمهورية غامبيا؛ بلد الأمن والسلام.
كما يطيب لي أن أهنئ باسم وفد بلادي السيد الرئيس وأعضاء اللجنة الموقرة على العمل الجبار الذي يقومون به للنهوض بحقوق الإنسان والشعوب على مستوى قارتنا، معبرا كذلك عن ارتياحنا لمستوى التعاون المتميز مع اللجنة وآلياتها الخاصة.
السيد الرئيس،
السادة والسيدات،
على الرغم من الجهود الكبيرة وحجم المنجز في مجال حقوق الإنسان، لاتزال قارتنا الافريقية تواجه مجموعة من العوائق والتحديات الجمة التي تقف حجر عثرة دون تحقيق مستوى من النمو والاستقرار في بلداننا ودون تمتع البعض بأبسط حقوقه الأساسية والضرورية. ولعل من بين تلك العوائق والتحديات -على سبيل المثال لا الحصر-النزاعات والتهريب والإرهاب، والتطرف العنيف، والهجرة السرية، والتأثير ات المناخية، والمتاجرة بالبشر.
وفي هذا الإطار، لم تزل بلادنا تقوم بجهود حثيثة، على المستوييْن الدولي والإقليمي، للمساهمة الفعلية في حل النزاعات، واستقبال وإيواء النازحين وطالبي اللجوء، ورفع التحديات عن طريق سياسات متنوعة ومقاربة أمنية شاملة سعياً للتصدي للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود خاصة في إطار مجموعة دول الساحل الخمس.
ومن أجل المساهمة في رفع هذه التحديات، ووعيا منه بالصلة الوثيقة بين ثلاثية الأمن والتنمية وحقوق الإنسان، يولي فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني عناية خاصة لحفظ وصيانة كرامة الإنسان. يتجلى ذلك من خلال برنامجه السياسي الرامي إلى توطيد اللحمة الوطنية وتجاوز رواسب التقاليد البالية ومواكبة التقدم الكوني الحاصل في مجال حقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، أعلنت الحكومة مؤخرا إطلاق العمل بالمدرسة الجمهورية، التي تهدف إلى تعزيز الجهود الحكومية الرامية إلى ترسيخ مبدأ الإنصاف والمساواة، عن طريق استعادة مؤسساتنا التعليمية للعب دورها كحقل للقيم الجمهورية ودعامة للوحدة الوطنية.
كما أطلقنا في 13 من هذا الشهر قافلة وطنية للتوعية، بالاستعانة بمنظمات المجتمع المدني، تجوب جميع أرجاء التراب الوطني، تُعَبّئُ المواطنين حول خطورة تلك المسلكيات المشينة وعواقبها، علاوة على إشراك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وتحميلها مسؤولية نشر الوعي، وقطع الطريق أمام المزايدات السياسية والمتاجرة بالقضايا الحقوقية.
السيد الرئيس،
تتعاطى بلادي بصفة إيجابية مع الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المقررين الخاصين، الأمر الذي عكسته زيارات بعضهم لموريتانيا، بما في ذلك مقررين من هيئاتكم الموقرة. وقد استقبلت بلادنا خلال شهر مايو الماضي زيارة المقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للرق، الذي تمكن خلالها من الاطلاع عن كثب على التقدم الكبير الذي أحرزته بلادنا في مجال مكافحة الأشكال المعاصرة للرق وأسبابها ومخلفاتها، كما أشاد المقرر خاصة بجو الانفتاح والشفافية الذي طبع جميع لقاءاته مع المسؤولين الحكوميين، معبرا عن إعجابه بالقطيعة مع منطق النكران الذي أكد له فخامة رئيس الجمهورية أنه لا يمثل المقاربة المثلى للقضاء على مخلفات الرق وأشكاله المعاصرة. كما أشاد بالتغييرات الهامة التي قيم بها لتعزيز قمع الممارسات الاسترقاقية في إطار العدالة الجنائية والجهود المبذولة لتعزيز قدرات الفاعلين وزيادة الوعي بالتشريعات المناهضة للرق.
السيد الرئيس،
شهد الإطار القانوني والمؤسسي لترقية وحماية حقوق الإنسان تطورا نوعيا من خلال المصادقة على نصوص تشريعية جديدة عززت حماية الحقوق والحريات، كالقانون 004-2021 المتعلق بالجمعيات والهيئات وبالشبكات، الذي يكرس لأول مرة، نظام التصريح للجمعيات بدل الترخيص، ومن خلال إنشاء المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة.
كما تم ولأول مرة، إطلاق مسار إعداد استراتيجية وطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان في البلاد، وفق مسار تشاوري، بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بلادنا. علاوة على استحداث جائزة وطنية لتشجيع المدافعين عن حقوق الانسان وتعزيز اللحمة الاجتماعية.
وفي إطار تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واصلت الحكومة تنفيذ برنامج أولوياتي الموسع، الذي يحتوي على أكبر عدد من المشاريع المتزامنة في تاريخ البلد. يهدف هذا البرنامج إلى رفع القوة الشرائية للمواطنين وتحسين الولوج للخدمات الأساسية وخلق فرص للعمل. وقد استفاد منه ما يقارب 50% من السكان.
كما تم توسيع الرعاية والتأمين الصحييْن ليشملا ما يقارب 16% من الأسر المتعففة، وتدشين عشرات البنى التحتية المدرسية المكتملة، وإطلاق برنامج الكفالات المدرسية، وهو ما يعكس بوضوح الأهمية التي توليها السلطات العليا لترقية التعليم والصحة ولتقليص الفوارق الاجتماعية ومكافحة الغبن والتفاوت بين فئات المجتمع.
السيد الرئيس،
إن الحكومة الموريتانية ما فتئت تؤكد على تمسكها بالتزاماتها الإفريقية في مجال حقوق الإنسان وباستعدادها الدائم للتعاطي الإيجابي والفعال مع جميع آليات اللجنة. وستتعزز هذه الشراكة بتقديم تقرير بلادنا حول تنفيذ الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب خلال هذه الدورة، في السادس والعشرين من الشهر الجاري. ونتطلع إلى المزيد من التعاون من خلال تبادل التجارب ما بين مؤسساتنا المختصة واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
أسمحوا لي ختاما أن أعرب لكم عن حرص السلطات العليا في بلادنا على المضي قدما في مواكبة كافة الجهود الرامية إلى حفظ وصيانة كرامة الإنسان على مستوى القارة، متمنيا لأعمال دورتنا التوفيق والنجاح.
أشكركم، والســلام عـليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.