تباينت تقييمات الجهات الرسمية الموريتانية وجهات حقوقية مستقلة لحالة حقوق الإنسان في موريتانيا خلال سنة 2015، فبينما اعتبر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم «أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق للعاشر من ديسمبر حل هذا العام وموريتانيا تحقق الانتصارات تلو الأخرى في مجال حماية وترقية حقوق الإنسان»، أكد المرصد الموريتاني لحقوق الانسان أن «حالة حقوق الإنسان في موريتانيا كانت أسوأ في السنة الجارية منها في السنة الماضية».
وأكد بيان لحزب الاتحاد «أن الإرادة الصادقة والشجاعة المتبصرة للرئيس محمد ولد عبد العزيز مكنت من تحقيق مكاسب هامة في مجال حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها سبيلاً إلى صيانة وتعزيز الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي وإنصاف الفئات الهشة من المجتمع».
وتحدث الحزب عن جملة من الإنجازات بينها «المعالجة الناجعة لملف الإرث الإنساني، ودسترة تجريم الاسترقاق وتصنيفه جريمة ضد الإنسانية والمصادقة على العديد من القوانين والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة التعذيب والاتجار بالأشخاص وتقديم المساعدة القانونية».
وتوقف الحزب الحاكم عند العناية الكبيرة بالفئات الهشة المتثمل، حسب تأكيده، «في إنشاء الوكالة الوطنية التضامن وانتهاج التمييز الإيجابي لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة في ميدان التوظيف والمساعدات المادية بالإضافة إلى تمكين المرأة وإتاحة الفرصة لها لتلعب دورا أساسيا في تقدم المجتمع والولوج إلى دوائر صنع القرار».
وأكد حزب الاتحاد «أن اعتراف المجتمع الدولي بل تنويهه بهذه الجهود الجبارة أمام الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان الذي نظم في جنيف في 3 نوفمبر 2015 من طرف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يعتبر شهادة واضحة أمام الرأي العام الوطني والدولي حيث تبين للمشاركين أن الحكومة الموريتانية قد وفت بجميع التزاماتها ما دفع 85 دولة مشاركة من أصل 90 للتنويه بالتحسن الكبير الذي حصل في هذا المجال».
وذكر الحزب الحاكم في موريتانيا «بالقرارات الأخيرة التي اتخذت لتجسد حلم ظلت بعض الفئات الاجتماعية تتطلع إلى تحقيقه حقباً طويلة، حيث أعلن الرئيس الموريتاني بمناسبة تخليد الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال الوطني استفادة الحمالين والبحارة من التأمين الصحي وتكفل الدولة بمصاريف علاج كبار السن وإنشاء صندوق خاص بمساعدة أبناء وبنات شهداء القوات المسلحة وقوات الأمن الوطنية».
وعكساً لهذه الرؤية أكد عبدالله بيّانْ رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان «أنه ما من شك في ان السنة الحقوقية الماضية في موريتانيا قد شهدت سنّ بعض القوانين التي طال انتظارها، وبخاصة تلك المتعلقة بتجريم التعذيب والاعتقال التعسفي، وبالقوانين العقابية لممارسة العبودية، ولكن ما الفائدة من قوانين لا تنعكس على الواقع الإنساني؟».
«فالمتابع للوضعية الحقوقية في موريتانيا، يضيف رئيس المرصد، يدرك بأن السنة المنصرمة كانت أسوأ من سابقتها في ما يتعلق بواقع الحريات العامة وحقوق الإنسان».
وقدم رئيس المرصد أمثلة على تأكيداته هذه بينها «الحكم بالسجن على صاحب المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وأبرز شخصية حقوقية في البلاد (يقصد بيرام ولد الداه)، بسبب ممارسة حقه المشروع في التظاهر السلمي».
«وتم خنق حرية الإعلام بشكل كبير»، يضيف الأستاذ بيان، «حيث قامت السلطات بإيقاف أحد البرامج الإذاعية المستقلة، وعمدت إلى القيام باستجوابات متكررة لعدد من الصحافيين، كما تم إيقاف البث المباشر للتلفزيون العمومي من قبل رأس النظام، في محاولة منه للتضييق على رأي أحد المحاورين».
وأضاف «واستمرّت الاعتقالات التعسفية والاختطاف، والتي شهدت البلاد أحدها منذ أيام، حين تم اختطاف العقيد ولد ابيبكر، بعد الإدلاء برأي تسمح له به حرية التعبير، وسُجِّلت عدد من حالات التعذيب والإهانة داخل مفوضيات الأمن والشرطة، ومن أمثلة ذلك ما تعرض له نشطاء حركة 25 فبراير ومتظاهرو «بلد ينزف».
ومن الأمثلة التي ساقها رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان «منع عدد من الأحزاب والجمعيات من حقهم في الترخيص، وممارسة العمل السياسي والحقوقي، واستمرار القمع الوحشي للتظاهرات السلمية للسياسيين والحقوقيين، واستخدام العنف غير المبرر ضد الاحتجاجات الطلابية والعمالية، وهو الانتهاك الذي تعيش البلاد على وقعه منذ أيام، حتى وهي تخلّد هذا العيد العالمي».
فلا داعي إذن، يضيف رئيس المرصد للاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان ولا بما حدث في موريتانيا من «تقدم» قانوني حقوقي، الهدف منه، على ما يبدو، هو الاستهلاك الخارجي، طالما أن وضعية الحريات العامة وحقوق الإنسان تتدهور على أرض الواقع»، حسب تعبيره.
القدس العربي