كشف المترجم العراقي فراس أحمد، أسرار سقوط بغداد، وما أعقبها من أحداث دامية، تتوالى، بعد 12 عاماً على الاحتلال الأمريكي للعراق، إضافة إلى خبايا السقوط المدوي للتجربة الأمريكية في العراق.
لم تكن عودة أحمد إلى منزله في بغداد سهلة، كما توقع، إذ وجد أنّ منزل والده قد تحوّل مقراً لإحدى المليشيات المسلّحة الممولة إيرانياً، بعد ترك أشقائه له بسبب وضع المليشيات اسم أحمد ضمن قائمة المطلوبين بتهمة العمالة والتآمر، ما اضطره إلى المبيت في منزل خالة له عدّة أيام، قبل أن يقرر مغادرة العراق من غير رجعة هذه المرّة.
ليلة سقوط صدام
يكشف أحمد بعض خبايا ليلة القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والذي نفّذته قوة خاصة من مشاة البحرية "المارينز" استقدمت من قاعدة عسكرية للمهمات الصعبة في ولاية فرجينيا لاعتقال القادة العراقيين الخمسة والخمسين المطلوبين آنذاك، بحسب ما يؤكّد أحمد.
وفي حديث لأحمد مع صحيفة العربي الجديد، يقول: "بعد يومين من اعتقال صدام حسين جرت حفلة في قصر الرحاب للقادة الأمريكيين، وكنت موجوداً لغرض الترجمة، إذ كانوا بانتظار سياسيين عراقيين، وعلمت أن الرجل لم يكن في حفرة، وأن الرواية التي أعلنتها الولايات المتحدة كانت مزيفة، وأن صدام كان داخل سرداب محصن تحت الأرض، بُني فوقه منزل ريفي متواضع اتخذه مقراً له ومكاناً للاجتماع بعدد من المساعدين له، وتم الاستدلال على مكانه بسبب خيانة مرافقه الشخصي الذي اعتُقل وأبلغ الأمريكيين عن مكان وجوده".
وتابع: "السرداب أو الغرفة التي اعتقل فيها صدام حسين كانت تحوي قطعتي سلاح خفيف وسريراً وسجادة صلاة ومصحفاً وبعض الأطعمة المجففة وعلبة تبغ، ولم تحصل مقاومة من قبله، إذ أطبق على المكان عشرات الجنود وبدؤوا بضرب الباب بأقدامهم، عندها فتح صدام الباب فألقوا مباشرة قنابل مخدرة في المكان أفقدت الرجل وعيه".
إفقاد صدام هيبته
ولفت فراس أحمد إلى أنّ ضابطاً برتبة نقيب في الجيش الأمريكي أبلغه أن "الهدف من رواية الحفرة والتقاط صورة له مع حفرة وجدوها قرب المنزل تستخدم لوضع مضخة الماء المنزلية، كما اعتاد العراقيون في المدن التي ترتفع عن نهر دجلة، كان لإفقاد الرجل هيبته ومكانته".
ويضيف أن "الجنود الأمريكيين تصرفوا في هيئة "صدام" بينما كان مخدراً بالغاز، ولما اقتنعوا بالهيئة التي أرادوها التقطوا الصور وأرسلوها إلى واشنطن مباشرة".
وتمكنت قوات أمريكية خاصة من اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين في 13 ديسمبر 2003 خلال عملية أطلقت عليها الفجر الأحمر، غرب مدينة الدور في محافظة صلاح الدين.
ويروي المترجم فراس أحمد، بحسب الصحيفة، تجربته التي تكشف الكثير من الأسرار، قبل مغادرته بغداد إلى أربيل للعودة من حيث أتى، إلى واشنطن، ويقول: "مع الأسف أنا أعود الآن إلى الذين دمروا بلادي (الولايات المتحدة)، لكن لا حيلة لدي، العراق لم يعد بلداً صالحاً للعيش، الكل يقتل الكل، والمدنيون هم الحلقة الضعيفة".
ويضيف: "بعد كل تلك السنوات لا يزال العراقيون يستخدمون بنى تحتية موجودة قبل الاحتلال، ومن حقهم أن يتساءلوا أين مئات المليارات التي كانت في خزينة العراق؟ وأين أموال النفط؟ وأين أموال الدول المانحة؟".
وحول أسرار سقوط بغداد، يقول أحمد: "ليس عندي الكثير، لكن الذي توصلت إليه أن الخيانة لعبت دورها، والأمريكيون حالفهم الحظ أو أن القدر أراد ذلك للعراق".