يمارس مسعود ، منذ اكتشف حاجة الأنظمة إلى موالاته المعارِضة أو معارضته الموالية، سياسة "حَبُّوني ولَّ انعودلكم طفلة".
و على هذا المنوال ، يشترط منذ أشهر ، لمشاركته في الحوار أو التشاور الوطني، تثبيته في "مؤسسة" المجلس الاجتماعي الذي لم يصدر عنه أي تقرير منذ نشأته حتى اليوم و لا يعرف عنه أي إنس و لا جان سوى أنه جريمة مالية و اجتماعية ، تشهد على انحراف نهاية مسعود و يشهد الجميع على سوء حظها..
اليوم قرر مسعود الالتحاق بركب الحوار بعد كبوة برام في لعبة الأجنحة المستمرة منذ نهاية الثمانينات ، المتلاعبة بمصالح من يدعون الدفاع عنهم و النضال من أجل "قضيتهم"..
ما كان ليس بعيدا.. ما صار ليس غريبا : كان بعض الزنوج في المنطقة يبيعون أبناءهم بوطأة قدم أحدهم من الملح ، فأيهما أبشع ؛ البائع أم المشتري ؟؟
و أين هذا و ذاك مما يفعله برام و مسعود اليوم؟
علينا هنا أن نذكركم (للتاريخ) بأننا كنا أشجع و أصدق و أنبل منكم ، في نضالنا عن الفئات المطحونة و كانت الظروف أصعب و الحديث عن الديمقراطية جريمة و عن المساواة من الموبيقات العشر..
لقد استلمتموها باردة ، سهلة البطولة ، مدرة للدخل ، لتفسدوا ما أصلحت أجيال التنوير (حركة الكادحين ، البعثيون، الناصريون)، بمعاناة ليس من بينكم من يستطيع تحمل سماع بشاعتها ؛ فكانت أجيال السبعينات و الثمانينات المثقفة، المتنورة ، المتصالحة مع ذاتها ، المعتزة بوحدتها ، المجمعة على ثقافتها ، الوفية لوطنها، القوية بتعاضدها، المؤمنة بوحدة مصيرها ..
لم يكن من بيننا أبيض و لا أسود ..
لم يكن من بيننا قبلي و لا جهوي..
لم يكن من بيننا حر و لا عبد..
لم يكن من بيننا بائع و لا مشتري..
إن جهلكم للتاريخ هو سر معاداتكم للحقائق الكبرى.. هو سر تحدثكم بهذا الغرور المضحك.. هو سر احتقاركم لمن لا يحتاجونكم في غير تنحيكم عن واجهة تمثيلهم التي لم تستحقوها بصدق و لا بوفاء و لا بأي درجة من الأمانة..
لقد بدأت أصوات "الحراطين" الواعية، الناضجة، المتكلمة باسم جميع المطحونين، الحانية على الوطن، المتحملة لمسؤولياتها الدينية و الأخلاقية و الوطنية ، تتبلور في خطابات راقية ، لا تتغذى على الحقد و الكراهية و الدعوة لمواجهة لم تنتصر فيها غير المآسي عبر التاريخ.
ماذا باع بيرام حين قال : "الآن وجدت صاحبي"
ماذا باع مسعود حين أعلن الالتحاق بركب الحوار في آخر لحظة ، بعد تمنع يتحدث الجميع عن جشع أسبابه؟
ليس من مصلحتي أن أثير هكذا مواضيع الآن، لكن الحياة علمتني أن لا أترك اللحظة التاريخية تفلت من يدي ..
الآن تتضح كل الخلفيات بكل وضوح ..
الآن تبرز كل الحقائق بكل تمرد..
الآن تتداعى كل أركان المشهد في أروع تجلياتها ..
مع كامل احترامي للوالد مسعود أطال الله عمره الذي نحمل النظام أي تقصير في تكريمه و كامل احتقاري للدعي بيرام ، الحاقد ، العنصري ، الأفاك ، الآثم..