كثيرا ما كان يسألني بعض الذين لا يفعلون شيئا مفيدا لصالح هذه البلاد، ومع ذلك لا يتوقفون عن طرح الأسئلة المثبطة على الآخرين، كثيرا ما كان يسألني أولئك في العهد السابق أسئلة من قبيل : ماذا حققتم في حراك "ماني شاري كزوال"؟ لماذا تستمرون في عبثكم هذا ؟ هل تمكنتم من تخفيض سعر "كزوال"؟
كنتُ أجيبهم دائما بنفس الجواب : لقد حققنا الكثير، صحيح أننا لم نتمكن من تحقيق مطلبنا بخفض أسعار المحروقات، ولكننا مع ذلك تمكنا من تحقيق شيء في غاية الأهمية لصالح المواطن الموريتاني، قد لا يدرك الكثيرون أهميته. لقد تمكنا بفعل وقفاتنا الأسبوعية التي امتدت لأكثر من سنة وشملت العديد من ولايات الوطن أن نوقف ـ وبشكل نهائي ـ الزيادات التي كانت تحصل في أسعار المحروقات بشكل متكرر ومستمر، وذلك على الرغم من انخفاض أسعارها عالميا.
ولتدركوا حجم ما كان يحدث من زيادات في أسعار المحروقات من قبل ظهور حراك "ماني شاري كزوال"، فسأعود بكم إلى فقرة من مقال سابق تحدثت فيه عن "السرقة بالتقسيط"، وقد جاء في تلك الفقرة من المقال المذكور أن الزيادات في سعر "كزوال" قد بلغت في مجموعها في السنوات الأربع من المأمورية الأولى للرئيس السابق حدود 40 زيادة، أي بمتوسط قدره 10 زيادات في كل سنة. ولأنه لا يمكننا أن نستعرض كل تلك الزيادات في مقال واحد، فإليكم ست زيادات تم تسجيلها في الأشهر التسعة الأولى من العام 2011. في آخر يوم من شهر مارس من العام 2011 تم الإعلان عن زيادة بلغت 7.5 أوقية للتر ليصل بذلك سعر لتر "كزوال" في نواكشوط إلى 292.9 أوقية، وفي يوم 2 مايو تم الإعلان عن زيادة أخرى في حدود 4 أوقية ليصبح سعره 296.8 أوقية، وفي 19 من نفس الشهر تم الإعلان عن زيادة جديدة بلغت 6 أوقية ليصل السعر إلى 302.7 أوقية، وفي يوم 26 يونيو أعلن عن زيادة أخرى في حدود 5 أوقية فوصل بموجبها سعر اللتر إلى 307.6 أوقية، وفي يوم 28 يوليو 2011 أعلن عن زيادة جديدة في حدود 5 أوقية وصل بموجبها سعر اللتر 312.2، وفي يوم 19 سبتمبر أعلن عن زيادة أخرى بمقدار 4.5 أوقية فوصل سعر اللتر إلى 316.7 أوقية،
وهكذا ظلت الأمور تسير بهذه الوتيرة إلى أن وصلنا إلى زيادة يوم الجمعة 6 سبتمبر 2013، والتي كانت بمقدار 1.8 أوقية فوصل سعر لتر "كازوال" في العاصمة نواكشوط إلى سعره الحالي أي 384.6 أوقية.
لقد توقف النظام السابق عن الزيادات في أسعار المحروقات، ولا أظن أن النظام الحالي سيقدم على أي زيادة في سعر المحروقات رغم الحرب على أوكرانيا وما تسببت فيه من زيادة في أسعار المحروقات على المستوى العالمي، ويرجع الفضل في كل ذلك إلى الجهد التوعوي والنضالي الكبير الذي لعبه حراك "ماني شاري كزوال" من خلال أنشطته التي استمرت لفترة طويلة نسبيا، والتي، وحتى إن كانت لم تتمكن من خفض سعر المحروقات، إلا أنها جعلت من زيادتها مخاطرة كبيرة يصعب على أي نظام حاكم أن يُقدم عليها.
لقد خلقنا في حراك "ماني شاري كزوال" وعيا كبيرا بخطورة رفع أسعار المحروقات، وجعلنا من الحديث عن ارتفاع أسعار المحروقات من أهم المواضيع المتداولة في الخطاب السياسي المعارض، وفي أحاديث المواطنين في الصالونات، وقد كان هذا الموضوع شبه غائب في تلك الأحاديث، وهو الشيء الذي أدى في المحصلة إلى جعل النظام السابق يوقف الزيادات في أسعار المحروقات، وإلى جعل النظام الحالي يستشعر خطورة التفكير في أي زيادة في سعر المحروقات رغم الارتفاع العالمي في أسعارها.
أعرف أن أكثر الذين يسألون اليوم عن حراك "ماني شاري كزوال" ويتباكون عليه بالغدو والآصال بدموع خداعة، لا يفعلون ذلك حبا في الحراك، فأغلبهم لا صلة له بالحراك، ولم يخرج يوما في أي وقفة من وقفاته، بل على العكس من ذلك فبعض أولئك عرفناه وهو يُحاول أن يفشل الحراك في أيام عزه، وبكل الوسائل المتاحة لديه.
فيا من تتباكون اليوم على حراك "ماني شاري كزوال" : لماذا لم تذرفوا دمعة واحدة عندما أوقفنا الحراك في عهد الرئيس السابق؟ لماذا لم تتذكروا الحراك عندما اختفى ـ وبشكل كامل ـ في آخر سنتين من عهد الرئيس السابق؟..لماذا تتذكروه الآن فقط؟
من المؤكد أنكم لا تمتلكون إجابة مقنعة، وأنا لا أنتظر منكم أصلا أي إجابة مقنعة أو غير مقنعة، وإنما أنتظر منكم المزيد من التعليقات المسيئة، فذلك هو ما تمتلكون، ولا يُلام الشخص إذا أنفق بكرم وسخاء مما يملك.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن السؤال قد يذكر بالسؤال، فسأختم هذا المقال بالرد السريع على سؤال آخر كثيرا ما تم طرحه علي في الأخيرة: أين محاربة الفساد؟ ولماذا لا تتحرك ضد الفساد؟
لن تتأخر الإجابة كثيرا إن شاء الله، وأرجو أن تأتيكم هذه الإجابة في ثوب حراك توعوي قادر على أن يترك أثرا إيجابيا وملموسا في مجال محاربة الفساد.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل