في استراتيجيتها الاستعمارية في إفريقيا نظرت فرنسا إلى بلادنا من منظور جغرافي بحت فأسندت إليها مهمة ( Le trait d’union)، وهو ما ترجمناه ب"همزة الوصل" بين شمال القارة وغربها. وقد كانت الترجمة موفقة إلى أبعد الحدود؛ فهمزة الوصل خط، والخط بلا أبعاد، لذلك أهمل المستعمر أبعاد وطننا الاقتصادية والتاريخية والثقافية، فلم ير منه إلا الامتداد الجغرافي بين نقطتين هما محط اهتمامه. أربت همزة الوصل على مساوئ الخط في أنها تفيد الادغام؛ إدغام الهوية وذوبان الشخصية…
بعد الاستقلال ركبنا، مع آخرين أكثر منا مالا وولدا، "عبارة" تتردد بين ضفتي نهر صنهاجة ونهر السنغال فأصابنا "دوار الهوية" الذي خلف "شقيقة" مزمنة المناكفة والمصاولة... فحلمنا بقنطرة نقف عليها واثقين، أو جسر نعبر عليه في طمأنينة وسكينة.. شيء صلب، مثل اليابسة، بر أمان، لا نخاف غرقا في ثقافته وبضائعه، ولا تعصف أمواجه البشرية بكياننا الفتي. فجاء الجسر وطنيا بامتياز؛ وقعت اتفاقية إنشائه على أرضنا، ووضع حجره الأساس على ضفتنا، يفتح حين تشرق شمسنا، ويغلق بتوقيتنا المحلي... وبذلك أصبحنا "البوابة" المتحكمة في المبادلات الاقتصادية والعلائق الثقافية، لتنقلب "همزة الوصل" "أواخر الكلم" حيث يتم "الإعراب" عن الهوية المتميزة، و"البناء" على المصالح المشتركة.
فشكرا لصاحبي الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني وماكي صال على تآزرهما لإنجاز جسر التبادل والتعاون؛ "جسر جمبت التروزية"...