الدول الغربية في حيرة من أمرها حول تعاطيها المستقبلي مع حركة طالبان التي بسطت نفوذها على أفغانستان بعد عشرين عاما من طردها من الحكم. وقامت الحركة الإسلامية المتشددة بتوجيه رسائل تطمين إلى المجتمع الدولي، لتعطي الانطباع أنها غيرت من عقيدتها السياسية في طريقة حكم البلاد.
ولقيت الحركة ترحيبا دوليا من بعض الجهات، لم تحظ به خلال فترة حكمها السابق التي اتسمت بالعنف (1996-2001)، إذ إن روسيا والصين وتركيا رحبت بتصريحات قيادييها الأولى.
وحدها ثلاث دول هي باكستان والإمارات والسعودية كانت تعترف بنظام طالبان السابق، الذي فرض رؤيته المتشددة للشريعة الإسلامية.
هذه المرة، استبق رئيس الوزراء البريطاني الأمر لمنع باكستان الداعمة التاريخية لحركة طالبان، من الاعتراف بحكومة جديدة، قائلا لنظيره الباكستاني عمران خان إن مثل هذا الاعتراف ينبغي أن يُمنح "على أساس دولي، وليس بشكل أحادي".
تريث أمريكي
فيما يفاوض الأمريكيون حركة طالبان حول "الجدول الزمني" لعمليات الإجلاء، يؤكد البيت الأبيض أنه سينتظر في المقابل ليحكم على أفعالها خصوصا بشأن احترام حقوق الإنسان قبل اتخاذ قرار حول طبيعة العلاقات مستقبلا معها.
وقال مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جايك سوليفان: "سيكون على طالبان أن تظهر لبقية العالم من هي". وأضاف "التقييم ليس جيدا، لكن سيكون من السابق لأوانه" القول من الآن ما سيكون الوضع في المستقبل.
إلا إن واشنطن أبدت استعدادها لإبقاء وجودها الدبلوماسي في مطار كابول بعد الموعد النهائي للانسحاب العسكري المقرر في 31 آب/أغسطس، بشرط أن يكون الوضع "آمنا"، وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس.
بريطانيا تحذو حذو الولايات المتحدة
وحذت المملكة المتحدة حذو الولايات المتحدة تماما كما فعلت في قرار سحب قواتها من أفغانستان، فقد أكد رئيس الوزراء بوريس جونسون أن بلاده ستحكم على نظام طالبان بناء "على أفعاله وليس على أقواله".
وكان وزير الخارجية دومينيك راب قد أكد أن لندن "بطبيعة الحال" لن تعمل مع طالبان. لكنه اعتبر أن مع المفاوضات الجارية في قطر للتوصل إلى حكومة أكثر تمثيلا للمجتمع الأفغاني، "نريد تقييم ما إذا كانت هناك إمكانية لتعديل نوع النظام الذي سنراه قائما".
وصرح وزير الخارجية لقناة "سكاي نيوز"، "هم الآن في الحكم وعلينا التعامل مع هذا الواقع". وأقر بأن الفرص قليلة جدا لرؤية حكومة جامعة في أفغانستان.
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن بلاده "لا تعتزم الاعتراف بحكومة طالبان".
استعداد الاتحاد الأوروبي "للتحدث إليهم"
وأقر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالأمر بشكل صريح الثلاثاء، فقال "طالبان ربحت الحرب في أفغانستان. إذن، علينا أن نتحدث إليهم".
اعتراف دبلوماسي لممارسة الضغوط
تتمتع القوى الغربية بقدرة تأثير أقل بكثير الآن بعدما باتت طالبان في الحكم. لكن الولايات المتحدة لا تزال تمارس تأثيرا لا مثيل له على الجهات المانحة الدولية، ويمكن أن تفرض عقوبات قاسية أو حتى شروطا على المساعدات الضرورية لإعادة إعمار هذا البلد المدمر جراء الحرب.
وتعتبر ليزا كورتيس المستشارة السابقة للبيت الأبيض المكلفة بشؤون وسط وجنوب آسيا في عهد دونالد ترامب، أن على واشنطن استخدام اعتراف دبلوماسي محتمل بطالبان لتمارس عليها ضغوطا وتفرض اتباع سلوك أفضل.
وتقول هذه الخبيرة في مركز الأمن الأمريكي الجديد "بما أنه سينبغي علينا توصيل مساعداتنا الإنسانية إلى هناك، سيجري التعامل معهم ربما على مستوى ما".
وتضيف "لكن في ما يخص الاعتراف الدبلوماسي، فإن ذلك لا ينبغي أن يُمنح بدون مقابل".
فرانس24/ أ ف ب