موريتانيا: لا جديد… الكل يسأل عن الحوار الموعود والوساطات متواصلة

خميس, 11/05/2015 - 11:51

«البعث» يحذر من عواقب تبخر الحوار بطريقة غير مقنعة

 

 

 الكل في موريتانيا اليوم يسأل عن الحوار الموعود، ولا أحد يجد جوابا مقنعا عن أسباب تأخر انطلاقة هذا الاستحقاق السياسي الكبير الذي يجمع كلا من النظام والمعارضة بشتى أطيافه على ضرورته لموريتانيا التي يرى أنصار ولد عبد العزيز أنها تسير على الطريق الصحيح، بينما يرى المعارضون أنها تعيش أزمة سياسية منذ انقلاب آب / أغسطس 2008.
فقد تبخر الأمل الذي لاح في الأفق الأسبوع الماضي بعد ترحيب الأغلبية بتصريحات الرئيس الدوري الجديد للمعارضة، وبعد المكالمة الهاتفية التي تلته بين الوزير الأمين للرئاسة ورئيس المنتدى المعارض والتي أكد فيها الوزير استعداد الأغلبية لاستئناف الحوار مع المعارضة من حيث انتهى. 
وكان المفروض أن يجمتع أقطاب منتدى المعارضة من أحزاب ونقابات وشخصيات مرجعية آخر الأسبوع المنصرم، لتحديد رد المنتدى على الاستعداد الذي أبداه الوزير الأمين العام للرئاسة. وحسب معلومات مستقاة من مصدر مطلع في المعارضة أمس فإن «القطب السياسي في منتدى المعارضة الذي يضم الأحزاب، لم يجتمع لحد الآن بسبب عرقلة يقوم بها حزب تكتل القوى الديمقراطية بقيادة أحمد ولد داداه الرافض لأي لقاء أو حوار مع النظام قبل توصل المنتدى المعارض برد مكتوب من الحكومة حول وثيقة ممهدات حسن النية التي سلمتها المعارضة للأغلبية في سبتمبر / ايلول الماضي».
ويؤكد المصدر في توضيحات لـ«القدس العربي» أن المواقف إزاء عودة الحكومة للقبول باستئناف الحوار مع المعارضة، مواقف مختلفة داخل المنتدى المعارض. فالحمائم ترى أن نظام الرئيس ولد عبد العزيز يواجه مشكلات اقتصادية ومالية كبيرة ستؤدي بين أمور تقشفية عدة ستفرضها هيئات بريتون وودس، لخفض قيمة العملة المحلية، وهو ما قد تكون له انعكاسات على الشارع الموريتاني المطحون بالغلاء. وبالتالي فرغبة الرئيس في استئناف الحوار مع المعارضة رغبة حقيقية تدفع إليها الظروف ويجب التعامل معها بإيجاب. أما صقور المنتدى فرأيها أن قرار استئناف الحوار مع المعارضة لا قيمة له. فهو مناورة من مناورات النظام التي لا طائل من ورائها، ولذا فعلى المعارضة أن تتوحد أكثر وتبقى على مواقفها السابقة حتى يرضخ النظام لشروطها ويقبل بحوار جاد يخرج البلد من أزمته». «لكل من الحمائم والصقور»، يضيف المصدر، «حججه القوية في تحليل موقف الحكومة الذي يعتبر مستغربا لكونها تخلت عن التفاوض مع المنتدى بلا سبب ثم قررت العودة إليه بلا سبب أيضا».
في هذه الأثناء تتواصل وساطات، بعضها يجري بطرق مكتومة ويقودها أشخاص من المحيط المقرب من الرئيس وبعض الآخر علني تتولاه أطراف سياسية محلية بينها منتدى التناوب الديمقراطي (معارضة الوسط) والمسعى المدني من أجل الحوار، وهو إطار سياسي جديد مهتم بالحوار يقوده نقيب المحامين الموريتانيين الشيخ ولد حندي.
والملاحظ أن أوساط الموالاة في الأغلبية الحاكمة مصابة ببعض الارتباك بعد أن تخلى النظام عن الاعتماد عليها وحدها بدون المعارضة في تنظيم الحوار السياسي وقرر العودة للتفاوض مع المنتدى. 
وضمن ردود الفعل على قرار استئناف التفاوض مع المعارضة، رحب رئيس الوزراء الأسبق، يحي ولد الوقف، القيادي في المنتدى المعارض بهذه الخطوة في تصريحات صحافية أمس أكد فيها أنه لا يملك إلا الترحيب بهذا القرار إذا كان بالفعل سيكون مختلفا عن المواقف السابقة.وقال: «إذا ردت الأغلبية على وثيقة المعارضة فإن المنتدى سينظر في الرد وسيكون بالإمكان استئناف التفاوض إذا كان الرد إيجابيا». وأضاف أنه يجد «صعوبة في فهم مواقف النظام الحاكم في موريتانيا وبخاصة في قضية الحوار». فالنظام، يضيف رئيس الوزراء الأسبق، «ظل يؤكد أن موريتانيا تعيش وضعا طبيعيا وأن الأزمة التي تتحدث عنها المعارضة مجرد وهم في أذهان بعض التائهين».
وأضاف: «بدلا من أن يسعى النظام للتفاوض مع منتدى المعارضة فإنه يركز الجهود على تقسيم المنتدى عبر الضغوط المختلفة على مكوناته وأفراده، وهذا موقف يتناقض مع إرادة الحوار التي تقوم أولا على الإجماع. «لقد أدت الأيام التشاورية الأحادية والضغوط التي سبقتها إلى تكريس التباعد بين النظام والمعارضة وللمعارضة الحق في أن تتشكك في نوايا النظام بعد التصرفات التي قام بها». 
وقال: «إذا كان النظام يسعى بالفعل لتنظيم حوار سياسي شامل يقود لإجماع وطني فإن عليه أن يبدأ أولا بتهدئة الوضع السياسي بتحرير السجناء السياسيين والكف عن استخدام أجهزة الدولة لصالح طرف وعلى حساب طرف آخر».
ومع الأسف، يقول يحي ولد الوقف، «ليس هناك ما يشير لاقتراب التوصل لحل حقيقي للأزمة السياسية».
وتحت عنوان «أين الحوار؟» حذرت صحيفة «الدرب» التابعة لحزب البعث في موريتانيا في افتتاحية لها أمس مما سمته «تبخر الحوار بطريقة غير مقنعة».
وأكدت أن «جمهورا معتبرا من المهتمين بالشأن السياسي الوطني تتملكهم الدهشة حيال الحوار، الذي لم ينعقد لحد الآن بعد أن كان من المقرر أن تنعقد أولى جلساته في العشرين من أكتوبر / تشرين الاول الماضي، و»بمن حضر» من الفرقاء والأطراف السياسية المعنية بالتجاذب السياسي الذي يضرب البلاد، منذ العام 2009، إثر انقلاب الرئيس الحالي على الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله».
وأضافت الصحيفة: «حيرة المراقبين، ليست في عدم انعقاد جلسات الحوار في حد ذاتها، بل في الصمت الرسمي المطبق حوله. فأركان النظام كانوا يبدون إصرارا كبيرا على عقده «بمن حضر»، وفي تنفيذ مخرجاته، مهما كان حجم وأهمية المتغيبين عنه». 
«إن تبخر الحوار»، تضيف الصحيفة، «بهذه الطريقة غير المقنعة، كما هي العادة، أنعش أصحاب القيل والقال ومهد الطريق سالكا أمام الشائعات، التي لا طائل من ورائها، وليس لأحد القدرة على فحصها والتثبت من مصداقيتها.»
وختمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة: «ان ما تملكه كل الأطراف، اليوم، وربما يتفلت منها غدا، هو ترك المناورات بمصير وطنها عبر عقد حوار حقيقي وجاد يجنب البلاد ما لن يكون في مصلحة أي منها، إذا استمرت الأحوال على ما هي عليه».

القدس العربي