اللاجئون السوريون بموريتانيا.. حياة هادئة رغم الجراح
الأحد, 19 أبريل 2015 11:24

altalt

لم تكن اللاجئة السورية ميساء (40 ربيعا) وطفليها "محمد" و "علاء" يدركان أن هربهما من جحيم الحرب في مدينة "حمص" بسوريا سينتهي بالوقوف عند أبرز ملتقى طريق بالعاصمة الموريتانية نواكشوط طلبا للمساعدة وسط زحمة السيارات المتجهة لقلب المدينة وتلك المغادرة باتجاه ضواحيها حيث يتحدثون مع المارة بابتسامة هادئة تحمل في طياتها المزج بين الأمل والألم ويفهم من خلالها صدمة الواقع المزري للاجئين.

قالت اللاجئة السورية "ميساء" لمراسل ـ مصر العربية ـ إن واقعها هي وأطفالها نفسه ينطبق على عشرات من اللاجئين السوريين هم فقط من استطاع البقاء في موريتانيا من بين المئات، مؤكدة أن معظمهم السوريين قرر مغادرة البلد باتجاه دول افريقية منها المغرب، ومالي، والسنغال، بينما غمرت ثلة أخرى جنة أوروبا، ونجنح البعض في مواصلة الهجرة ووقع آخرون في شرك عصابات التهريب التي تفتك بالمهاجرين باستمرار على ضفاف المحيط الأطلسي.

 

لم تسمح ظروف العيش الصعبة لميساء أن تدرس أطفالها الذين تتراوح أعمارهم ما بين (14 ـ و 10 سنوات)، بل فرض عليها الواقع المزري اصطحابهم إلى الشارع للمساعدة في تحصيل ما يتيحه التوسل من رزق تجود به أيادي الخيرين في موريتانيا.

 

انفتاح رسمي لم يطل

لم تتأخر الحكومة الموريتانية عن اللاجئين السوريين في الأيام الأولى من مقامهم ممثلة في وزير الداخلية ومفوض الأمن الغذائي متوعدين بتولي مفوضية الامن الغذائي تزويدهم بالغذاء والخيام ، غير أن تل الوعود البراقة سرعان ما اختفت مع ترك المئات من اللاجئين للمخيمات التي خصصت لهم بسبب استمرار المعاناة الانسانية.

altalt

بعد أيام قليلة قررت السلطات طي المخيمات التي بينت لصالح السوريين بعد أن قرروا ترك المكان ورفضوا البقاء به منذ الوهلة الأولى لسوء وضعيته معتبرين أن الوعود التي اطلقتها الحكومة لم تتحقق. وظل قدر السوريين بموريتانيا أن يتوزعوا على أسر سورية تعيش سابقا في البلد أو ينزلوا للشارع للتسول والاقتيات على ما يحصدونه من الشعب الذي ظل لحد الساعة متعاطفا معهم ومدركا لحجم مآسيهم بشكل دقيق.

 

احتضان شعبي

قا عدد من اللاجئين السوريين بموريتانيا لـ مصر العربية ـ إن الشعب الموريتاني احتضنهم وظل يقدم لهم المساعدات حسب المستطاع، وهو ما جعلهم يعيشون في جو من الهدوء والسكينة رغم بعض المصاعب التي يواجهونها والتي ابرزها انتشار الفقر والبطالة في المجتمع بشكل عام".

 

ويرى الباحث الاجتماعي أبوبكر ولد أحمدو الإمام إن عدة عوامل أعاقت توفير لجوء مناسب للسوريين من أبرزها رداءة الخدمات الرسمية التي قدمت لهم، والتي لم تسمح لهم بالقباء في مخيماتهم، إضافة إلى كون ظروف مجيئهم للبلد تزامنت مع اقبال الحكومة والجمعيات الإنسانية على اللاجئين الماليين وهو ما جعل التعاطي الرسمي معهم أقل من المطلوب.

altalt

وقال ولد أحمدو الإمام لـ مصر العربية، إن السوريين لم يقبلوا بالسكن في المخيم الذي شد لهم من قبل السلطات الموريتانية باعتبار أنه لا يلائم رغباتهم ومتطلبات العيش بالنسبة لهم، وهو ما جعلهم يقررون إما مغادرة البلد، أو التسول في الشوارع بحثا عن ما يوفر لهم العيش في أماكن تختلف شكلا ومضمونا عن مخيمات اللجوء الرسمية.

 

العبور إلى الضفة الأخرى

استنادا إلى وضع اللاجئين السورين يمكن القول إن موريتانيا لم تكن من بين الدول العربية والإفريقية التي احتوت السوريين ، بل كانت مجرد نقطة عبور لهم نحو دول افريقية وأوروبية، مع بقاء قلة قلية منهم تمتهن التوسل ويعمل نزر قليل منها في مطاعم بالعاصمة نواكشوط مع تدني أجور عاملي المطاعم في البلد ورغم كل ذلك تحاول أسر سورية قليلة العيش في موريتانيا في ظل استمرار الحرب في بلدهم وانعدام فرص عمل مقبولة في دول عديدة افريقية وعربية كانت ملاذا للهاربين من الجحيم.

altalt

وتشير إحصاءات غير رسمية أن مئات السوريين عبروا المحيط الأطلسي من بوابة موريتانيا متوجهين إلى دول أوروبية أبرزها إسبانيا وفرنسا.

 

وتقول مصادر في جهاز مراقبة الحدود الموريتانية إن السورين العابرين إلى أوروبيا بحرا هم الأكثر من بين جميع الدول العربية.

 

ومؤخرا سلم نحو 15 سوريا أنفسهم للسلطات الأمنية بموريتانيا متهمين مهربين موريتانيين بمحاولة اغتيالهم من خلال وضعهم في حاويات ضيقة بأحد زوارق الهجرة السرية بمدينة نواذيبو الساحلية بشمال البلاد.