ولد داداه : لانعطي أهمية للبرلمان الجديد .. ويبقي الحوار الشامل والبناء السبيل الي الديمقراطية البناءة
الأحد, 01 ديسمبر 2013 20:11

altaltيدلي الموريتانيون اليوم بأصواتهم في صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد ومجالس بلدية جديدة؛ وذلك بعد تأجيل الانتخابات لأكثر من ثلاث سنوات؛ لكن هذه الانتخابات تأتي في ظروف سياسية متأزمة في ظل مقاطعة منسقية

المعارضة التي تضم عشرة أحزاب لهذه الانتخابات؛ وذلك في الوقت الذي أكد فيه زعيم المعارضة ورئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أنهم قرروا مقاطعة هذه الانتخابات، لأنها «لن تزيد الأزمة السياسية القائمة إلا تفاقما».

ولد داداه اتهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز برفض الحوار مع أحزاب منسقية المعارضة؛ ووصف الأزمة التي تعيشها البلاد بأنها «أزمة ثقة» بين المعارضة والنظام؛ قبل أن يؤكد أن «الحوار الشامل والصادق والبناء هو الوسيلة الوحيدة لإيجاد إجماع وطني يؤسس لقيام نظام ديمقراطي عادل» في موريتانيا.

ونفى ولد داداه وجود أي اتصال «في الوقت الحالي» بين المعارضة والنظام من أجل تقريب وجهات النظر؛ كما قلل من شأن البرلمان الذي ستسفر عنه انتخابات اليوم، ووصفه بأنه «باطل بني على باطل»؛ مؤكدا أن منسقية المعارضة ستواصل «النضال على جميع الأصعدة، لأجل إخراج موريتانيا من المأزق». وفي ما يلي نص الحوار..

* تأتي الانتخابات التشريعية والبلدية بعد سنوات من الصراع السياسي بينكم وبين النظام؛ وقد انتهى بكم الأمر إلى مقاطعتها، هل لكم أن تشرحوا لنا الأسباب التي دعتكم إلى اتخاذ هذا القرار؟

- ينبغي التذكير بأن الجنرال محمد ولد عبد العزيز قام بانقلابين عسكريين سنتي 2005 و2008. وقد أدخل الانقلاب الأخير البلد في أزمة سياسية عميقة تمخضت في ربيع 2009 عن اتفاق بين كل الأطراف السياسية الوطنية سمي بـ«اتفاق دكار». وضمن المجتمع الدولي هذا الاتفاق، الذي ينص على تشكيل حكومة توافقية تشرف على انتخابات رئاسية، كما نص على إجراء حوار وطني عام، مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية، يشمل مواضيع جوهرية، كالنأي بالجيش عن السياسة، والاتفاق على القوانين والنظم المسيّرة للانتخابات، والإصلاحات الدستورية الضامنة لتوازن المؤسسات الجمهورية، واستقلاليتها إلخ.

وأفرغ الجنرال ولد عبد العزيز في الواقع اتفاق دكار من مضمونه، باستعماله وسائل الدولة وسلطانها ومؤسساتها لصالح حملته الرئاسية، ليتوج ذلك بعملية تزوير ممنهجة ومحكمة للعملية الانتخابية برمتها، والتي ضمنت «فوزه»، في ظل رفض من أطراف رئيسة في المعارضة قدمت طعونا لم يُصغ إليها. وفورا تنكر الجنرال لهذا الاتفاق، الذي أوصله إلى السلطة، وعد الشق الثاني من الاتفاق؛ على الخصوص؛ وكأنه لم يكن، مما زاد الأزمة السياسية حدة، وأفقد المعارضة الثقة بالنظام.

وتم إنشاء منسقية للمعارضة تضم اليوم عشرة أحزاب، دعت منذ الوهلة الأولى إلى حوار شامل، كما ينص عليه اتفاق دكار، يفضي إلى إجماع وطني يمكن–من بين أمور أخرى–من إجراء انتخابات شفافة ونزيهة يشارك فيها الجميع ويقبل بنتائجها. وبما أن السلطة القائمة رفضت الدخول في مثل هذا الحوار مع المعارضة، طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، وفضلت البقاء على أجندتها الأحادية والتفرد بالسلطة، فقد قررت المنسقية مقاطعة هذه الانتخابات، التي ترى أنها لن تزيد الأزمة السياسية القائمة إلا تفاقما.

* توعدتم منذ أسابيع بإفشال الانتخابات، فيما أكدت الحكومة أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد، وهو ما جرى بالفعل؛ ولم تقدروا على إفشال هذه الانتخابات.. ما حجم التجاوب الشعبي مع خطابكم؟

- توظف المنسقية جميع الوسائل الديمقراطية المتاحة من أجل إفشال هذه المهزلة التي يهدف النظام القائم من خلالها إلى الحصول على مشروعية زائفة، على الرغم من فشله الذريع في خلق توافق وطني ينهي حالة الانسداد السياسي، وعلى الرغم من انفلات الأمن في ظل هذا النظام، سواء في الداخل أو على الحدود، وعلى الرغم من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة جراء سوء التسيير فإن المراقب ليعجب من المفارقة الصارخة، بحالة هذا البلد، الذي يزخر بشتى أنواع الموارد البشرية والطبيعية، بينما يعيش أهله تحت وطأة الفقر والجهل والمرض، ومن دون نظام تربوي مؤهل، ولا نظام صحي يلبي أدنى حاجيات المواطنين.

ولتعرية مهزلة الانتخابات ونزع الصدقية عنها نظمت المنسقية مسيرات وعقدت مهرجانات شعبية ووقفات احتجاج، رغم ما واجهها من قمع وتنكيل، كما حصل أخيرا لمظاهرة نظمها شباب المعارضة ونساؤها، حيث قامت الشرطة بضرب النسوة في سابقة مشينة، بعيدة كل البعد عن شيم الشعب الموريتاني الأصيل. وهذه التحركات أثبتت نجاعتها في كشف حقيقة المهزلة الانتخابية، التي قاطع الشعب حملاتها التي لم تتجاوز وسائل الإعلام الحكومية.

* طيلة السنوات الماضية التي بلغ فيها الصراع بينكم وبين النظام أوجه، كانت هنالك دائما محاولات تقوم بها بعض الأطراف لتقريب وجهات النظر، وصلت في بعض الأحيان إلى اتصال مباشر بينكم والنظام.. هل توجد الآن اتصالات بينكم وبين الحكومة للخروج من الأزمة؟

- لدى منسقية المعارضة الديمقراطية القناعة التامة بأن الحوار يبقى الوسيلة الوحيدة لحل كل المشاكل التي يعاني منها البلد، إلا أنه من الملاحظ أن هذا المبدأ الراسخ لا يلقى–للأسف الشديد–آذانا صاغية من الطرف الآخر. وعليه، فلا وجود في الوقت الحالي لأي اتصال بين السلطة القائمة والمنسقية.

* تبدو السلطات الموريتانية ماضية في تنظيم الانتخابات، والبعض يتحدث عن إقبال شعبي عليها، ألا يشكل ذلك إقصاء لكم من المشهد السياسي بعد أن فقدتم البرلمان كمنبر سياسي مهم؟

- نرى في منسقية المعارضة أن «ما بني على باطل فهو باطل». ومن هذا المنطلق فإننا لا نعطي أي قيمة لما سيتمخض عن هذه الانتخابات، وسنواصل إن شاء الله نضالنا على جميع الأصعدة، لأجل إخراج موريتانيا من المأزق الذي وضعها فيه الجنرال ولد عبد العزيز.

* كيف يرى زعيم المعارضة آليات الخروج من الأزمة السياسية الحالية؟

- يبقى الحوار الشامل والصادق والبناء الوسيلة الوحيدة لإيجاد إجماع وطني يؤسس لقيام نظام ديمقراطي عادل، يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الدينية والثقافية لهذا البلد، ويضمن العيش الكريم والرقي والأمن والاستقرار لشعبه.

المصدر: الشرق الأوسط