ولد احمد الوقف : انتخابات خارج التوافق الوطني مرفوضة .. وتفتيش الجمعية الوطنية ومؤسسة المعارضة لامعني له
السبت, 03 أغسطس 2013 05:12

altaltقال الوزير الاول السابق ورئيس حزب "عادل"، يحي ولد احمد الوقف، ان الظروف الفنية والسياسية غير متوفرة اليوم لتنظيم الانتخابات في موريتانيا، مؤكدا  ان تنظم اية انتخابات خارج وفاق وطني ستكون اضرارها فادحة.

واوضح  في مقابلة شاملة مع موقع "ديلول"،  ان البلاد تعيش ازمة حقيقية تتطلب من جميع اقطاب الساحة الوطنية، الركون الي التشاور وضرورة حصول وفاق وطني يجنب البلاد المخاطر.

وتحدث ولد احمد الوقف عن مواقف حزبه ومواقف تنسيقية التناوب والتحالف من الانتخابات الجاري الحديث عنها وشروط مشاركتهم فيها، كما تحدث عن علاقاتهم بمنسقية المعارضة والنظام ومآخذهم علي اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابت.

وفي هذه المقابلة وصف رئيس حزب "عادل" استغلال النظام القائم لوسائل الدولة لأغراضه السياسية بأنها الأسوأ في تاريخ البلاد وان حديثه عن محاربة الفساد كذبة، مبرزا ان الفساد اليوم مستشر بصورة غير مسبوقة، و قلل من اهمية المشاريع التي يتحدث النظام عن انجازها خلال فترة حكمه وانتقد سياسة تسيير علاقات موريتانيا بجوارها.

كما تحدث ولد احمد الوقف في مقابلته عن اخطاء ارتكبها الرئيس الاسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله اثناء حكمه وعن استشرافه لمستقبل المنطقة علي ضوء احداث مصر وتونس وليبيا ومالي.

  نص المقابلة:

 س: السيد يحي ولد احمد الوقف، كيف تقرؤون المشهد السياسي الموريتاني الحالي؟

ج: المشهد السياسي منذ فترة يتميز بضبابية كبيرة تزداد حدتها في المرحلة الحالية، ويتجلى ذالك في أن مؤسساتنا الدستورية تجاوزت مأموريتاها المحددة وفي عدم الجاهزية السياسية لانتخابها، وهذه بالقطع أزمة سياسية كبيرة ولذا نحن من جهة مطالبون بالإسراع بتنظيم الانتخابات من اجل أن نحصل على مؤسسات شرعية ومن جهة أخرى فإن أي انتخابات لا تضم كافة الموريتانيين وتستوفي الشروط اللازمة لذلك، فلن تحل هذه الأزمة.

وعلى هذا الأساس ينقسم المشهد السياسي حاليا بين قوى سياسية لديها مواقف متباينة، يمكنني الحديث عن مواقف منها الكتلة التي تتمثل في تنسيقية المعاهدة والتحالف والتي عبرت عن مواقفها مؤخرا في بيانات نشرتها الصحافة، وهذه المواقف تتجسد أولا بالتشبث بمبادرة الرئيس مسعود المبنية على تصور إيجاد تفاهمات تمكن من تنظيم الانتخابات في ظروف مقبولة لدي الجميع، وترى أن أطراف المشهد السياسي الأخرى المتمثلة في النظام ومنسقية المعارضة، لم يتوصلا حتى الآن للتنازلات التي تمكن من هذا التفاهم ونحن في منسقية المعاهدة والتحالف، نطالب الجانبين بالتمعن في مصلحة البلد وتجاوز المصالح الخصوصية والأنانية من أجل الوصول لحل السياسي، يخدم المصلحة العامة.

وهنا أقول أن عملية تنظيم الانتخاب نفسها تعاني من نقاط تقنية صعبة أولها أن التقييد لم ينتهي بعد ولم يشمل عموم موريتانيا، ثانيا مستوى سحب بطاقات التعريف لم يتجاوز 60 بالمائة وثالثا بدأ تقييد المواطنين في الخارج في ست دول فقط من بين 25 دولة توجد فيها مكاتب اقتراع للمغتربين الموريتانيين، إذا من الناحية الفنية توجد معوقات جذرية لا يمكن تنظيم الانتخابات قبل التغلب عليها، كما أن اللجنة  الوطنية المستقلة للانتخابات، التي تأسست من اجل كسب ثقة الفاعلين السياسيين ومن ضمنهم المنسقية ـ التي لم تكن  بطبيعة الحال شريك في تأسيسها ـ لكنها كانت هي مطالبة بأن تحدد معايير ومنهجية  تمكنها من كسب ثقتها، للأسف لم تستطع هذه اللجنة تحقيق مهمتها بعد والأخطر من ذلك أنه حتى المشاركين في تأسيسها والذين من بينهم تنسيقية المعاهدة والتحالف، بدأت تشك في قدرتها على خلق جو للتفاهم الحقيقي يمكن من إجراء انتخابات وهذا ما أبدينا فيه رأينا للجنة خلال اجتماعنا الأخير معها، بالتالي هناك ضعف في أداء اللجنة المستقلة للانتخابات وضعف في ظهورها كهيئة مستقلة عن النظام لأنها لحد الآن لم تجد وسائل مادية معتبرة ولم تقم بعمل إعلامي يوضح للرأي العام أن لديها استقلالية تامة وهذا هو المشهد الذي نحن فيه اليوم وبطبيعة الحال هو مشهد صعب.

س: نري اليوم قطب النظام قد دخل بصورة فعلية في عملية تنظيم الانتخابات في وقتها الذي اعلنت عنه اللجنة المستقلة للانتخابات والتي نراها هي الاخري بدأت عدتها لإجرائها كجهاز مستقل مسؤول عن تنظيمها  في الوقت الذي نري قطب المنسقية يجدد رفضه لأية انتخابات لا تتوفر فيها شروط الشفافية علي اساس توافق وطني يسبقها، انتم في تنسيقية المعاهدة والتحالف كقطب سياسي بين القطبين ما هو موقفكم اليوم من مواقف كل منهما من هذه الانتخابات الجاري الحديث عنها؟

ج: نحن مواقفنا كقطب من الانتخابات، هي التي عبرت لك عنها وهي أننا لم نرى مؤشرات جدية لتنظيمها، فمن الناحية الفنية عبرت لك عن العجز الحقيقي على مستوى التقييد، إضافة إلى عيوب الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي الذي تشرف عليه اللجنة المستقلة للانتخابات والتي منها ثغرات كبيرة وواضحة، منها أولا شكي الشخصي في قانونية المنهج المتخذ، لأنني أرى أن القانون يحتم وجود كل موريتاني بالغ 18 سنة على اللائحة الانتخابية وله هو بعد ذلك حق الاختيار بصفة مستقلة في اتخاذ موقف بالمشاركة من عدمها، وعملية الإحصاء الحالي ستقصي كل من لم يحضر ويقيد نفسه وبالتالي فاللائحة الانتخابية لن تشمل كل الموريتانية، هذه بالنسبة لي هي أولى ثغرة قانونية في هذا الإحصاء.

أما الثغرة الثانية تكمن في استحالة البدء في إحصاء انتخابي ونسبة 40 بالمائة من الناخبين الذين تم التأكد حتى الآن من خروج بطاقاتهم التعريفية لم يسحبوها بعد، مما سيسد أمامهم مجال ممارسة حقهم الدستوري في الانتخاب والثغرة الثالثة في هذا الإحصاء تكمن في أن الفترة التي أقر فيها ومدته الزمنية والمنهجية المتبعة له تجعل من المستحيل بلوغه العدد الكافي من الناخبين، إذا من الناحية الفنية أعود وأكرر وجود صعوبات حقيقية في إجراء هذه الانتخابات وفي نفس الوقت فإن الهيئة المستقلة لتنظيمها لم تبرهن بعد للفاعلين السياسيين أن لديها استقلالية وأن لديها قدرة حقيقية علي تنظيم انتخابات شفافة يرضي بها الجميع وذلك شرطه الأساسي الثقة في اللجنة نفسها وانطلاقا من هذا فموقفنا في تنسيقية المعاهدة والتحالف هو موقف متميز ليس كالمنسقية الرافضة للانتخابات وتقول إنها ستعارضها وليس موقف الأغلبية الغير معروف ولا المعبر عنه بشكل فعلي مع أنه يمكن اعتباره تهيئة للانتخابات.

س: اذا ما هو موقفكم انتم المتميز من هذه الانتخابات؟

ج: موقفنا هو أن هذه الانتخابات التي يجري العمل عليها حاليا، من الناحية الفنية غير جاهزة ولن تحل أزمة البلاد إلا إذا جرت في إطار توافقي وهذا هو رأينا.

س:  يجري الحديث عن عدم وفاق داخل تنسيقيتكم على هذا الموقف هل ذلك صحيح؟

ج: البيانات التي نشرت في الأسبوع الماضي، بيانات متفق عليها من جميع الأطراف وبالتالي تعبر عن موقفنا الجماعي في التنسيقية.

س: هل انتم اليوم مقتنعون بان النظام ما زال متمسك بنتائج حوار 2011، الذي شاركت فيه تشكيلات  تنسيقيتكم كلها، سواء باسم المعارضة أم باسم الأغلبية وما هو تقييمكم لدور اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في تطبيق نتائج الحوار، التي هي من ضمنها ؟

ج: نحن حقيقة نختلف مع اللجنة الوطنية للانتخابات في فهم مهمتها، فهي تعتقد أنها مهمة  فنية بحتة تتعلق بأدوات الاقتراع، أما نحن فنعتقد أن لديها مهمة سياسية بامتياز لأن شفافية ونجاح العملية مرتبطة بمشاركة الجميع وهذا يتطلب مجهودا سياسيا وبالتالي تقييمنا للدور الذي تقوم به اللجنة المستقلة هو أنها لا تفهم الدور الذي عليها القيام به بشكل سليم، كما أنها لم تستطع تقديم رؤية واضحة تميزها عن النظام الذي لا يرى المواطن البسيط اليوم أنها مستقلة عنه، هذا هو تقييمنا لعمل اللجنة المستقلة للانتخابات.

وبالنسبة للنظام فهو يحاول أن يجعل القضية قضية فنية وتعني اللجنة المستقلة للانتخابات والتي قالت إنها جاهزة للاقتراع وفي حال استدعي النظام هيئة الناخبين، كما يجري الحديث عن ذلك في اجتماع الحكومة يوم السبت القادم، وهذا ما سنتأكد منه ففي حال حدث فسيقع النظام في نفس الأخطاء القانونية التي وقعت فيها اللجنة المستقلة للانتخابات، لان الهيئة الناخبة لا تستدعى قانونيا إلا إذا كانت معروفة وهي اليوم غير معروفة ولن تعرف إلا بعد الانتهاء الكامل من عملية التقييد السكاني.

وفي حال أقدم النظام علي خطوة استدعاء هيئة ناخبة غير موجودة سيكرس ذلك النهج المتبع، الذي لا يحل الأزمة السياسية ولا يحترم المسطرة القانونية ومن الناحية الفنية لن يؤدي إلى نتائج تذكر.

س: انطلاقا من منهجية النظام واللجنة المستقلة، التي ترفضونها في تنسيقية المعاهدة والتحالف، هل ما زلتم انتم في التنسيقية تتشبثون بنتائج الحوار وتعلقون عليها أملا؟

ج: نحن في التنسيقية كطرف معني بالحوار ما زلنا نتشبث بالحوار وبنتائجه وبأهميته وفي نفس الوقت لدينا القناعة بأن نجاح العملية السياسية في تخطى الأزمة الحالية مشروط بمشاركة الجميع فيها أو على الأقل حصول قدر كبير من التنازلات والإصلاحات من طرف كافة الأطراف بما يمكن أكبر كم من الناس من المشاركة في الانتخابات ويكون من يرفض المشاركة فيها لا على معايير موضوعية وهذا يجعلنا نتمسك بالحوار وبنتائجه وبمبادرة الرئيس مسعود وقناعتنا أن ذلك هو السبيل الوحيد لخروج موريتانيا من أزمتها الراهنة.

س: ما سر تمسككم بحوار ونتائجه و الطرف الفاعل فيه وهو النظام لم يعد يتشبث بها وحسم الأمر في تنظيم الانتخابات وتؤازره لجنتها المستقلة؟

ج: بالنسبة لنا، حتى الآن لم تقطع خطى كبيرة على طريق تنظيم الانتخابات، ففي نقاشنا مع اللجنة المستقلة للانتخابات الأسبوع الماضي، قالت إن ما تقوم به الآن هو مجرد عملية فنية  ولن تؤدي بالضرورة لتنظيم الانتخابات في فترة محددة بل تهيئ الجاهزية لذلك وأما النظام فلم يعبر عن رأي محدد ,و في حال استدعيت يوم السبت الهيئة الناخبة عندها يجب دراسة الموضوع وتحديد الموقف المناسب وقبل ذلك يبقى موقفنا لتجاوز الأزمة هو الحوار ونتائجه ومبادرة الرئيس مسعود.

س: أين توجد اليوم مبادرة مسعود، التي ترون في قطب تنسيقيتكم، أنها الحل الأنجع للأزمة؟

  ج: مبادرة الرئيس مسعود وصلت إلى الأطراف السياسية التي عبرت عن استعدادها للتشاور ولكن هيئة المبادرة كلفت الرئيس مسعود بتهيئة الظروف المناسبة لنجاح هذا التشاور وبالتالي فهو ينتظر الوقت المناسب الذي يضمن أن يمكن هذا التشاور من الوصول لغايته وحل الأزمة السياسية كي يبدأه.

س:  في ظل التجاذبات الراهنة المتعلقة بالانتخابات وقرب آجالها، هل ما زال لديكم أمل في هذا التشاور؟

ج: حسب رأيي أن العمل السياسي، صاحبه يجب أن لا يفقد الأمل حتى وإن  رأى  الأبواب مسدودة أمامه عليه أن يتشبث بالأمل ويستمر في جهاده لفتحها ونحن أيضا لم نفقد الأمل في أن تتكون مبادرتنا من جر الأطراف السياسية إلى طاولة الحوار وتكون مقبولة كقاعدة للتشاور وحل الأزمة ونتمكن من تنظيم انتخابات ترضي الجميع ويشارك فيها الجميع.

س: في حال استمر النظام في أجندته الحالية لتنظيم الانتخابات، هل انتم في قطب تنسيقية المعاهدة والتحالف ستشاركون فيها؟

ج: في حال أقدم النظام علي أجندة أحادية بدون التجاوب مع الطلبات التي تقدمنا بها، فمن الصعب أن أقدم لك في الوقت الراهن جوابا محددا عن موقفنا، لان ذلك ما ستحدده هيئة التنسيقية، التي ستجتمع وتقيم الوضع وتقرر ما ستفعله.

س: سؤالي يتعلق بمشاركتكم في هذه الانتخابات في حال استمر النظام في إجراءاته المعلنة واستدعى هيئة الناخبين؟

ج: كما قلت لك نحن حالا كقطب سياسي، لم نتخذ من هذه الانتخابات موقفا محددا واتفقنا علي أن أي جديد علي الساحة السياسية سنجتمع لدراسته واتخاذ موقف مناسب منه وفي حال استدعيت هيئة الناخبين سنجتمع كأحزاب سياسية ونتخذ موقفنا من ذلك وفي الوقت الحالي لا أستطيع إعطاء موقف محدد.

س: إلى أين ستقودنا نتائج انتخابات أحادية؟

ج:  أي انتخابات بالنسبة لي لا تراعي الأفكار المطروحة من طرف الرئيس مسعود في مبادرته ولا تضمن مشاركة الجميع فيها، فإنها بدون جدوى بل ربما تزيد التباعد والانشقاق على مستوى الساحة السياسية.

س: هل ما زلتم تتمسكون بجميع بنود مبادرة مسعود بما فيها الحكومة الموسعة؟

ج: طبعا نتمسك بها لكن ذلك لا يمنع في حال حصل تشاور أن يعطى منها ويؤخذ من أجل التوافق وفي انتظار ذلك تبقي التنسيقية متمسكة بالمبادرة.

س: كيف تقيمون موقف منسقية المعارضة اليوم؟

ج:  نحن والمنسقية، نختلف ونتفق في بعض النقاط، فنتفق على وجوب انتخابات شفافة ونزيهة وفي إطار أجندة مشتركة و إشراف مشترك أو على الأقل مقبول من كل الأطراف ونختلف معهم في رؤيتهم لتعاملهم مع النظام ومطالبتهم بالرحيل، فنحن لا نرى أن إستراتيجية المطالبة برحيل النظام واردة سياسيا، لذا نقطة الخلاف الجوهرية هي الموقف من النظام، الذي نحن نعتبره نظام شرعي ونتعامل معه ونطالبه بالقيام بإصلاحات لكي نتوصل إلى انتخابات شفافة ونزيهة.

س: وما هي نقاط الخلاف والاتفاق بينكم والنظام.

ج:  نقاط الاتفاق بيننا مع النظام أولها الحوار الذي نظمنا والنتائج التي صدرت عنه مع ملاحظاتنا لوجود بعض النواقص على مستوى التنفيذ والإرادة الحقيقية لدى النظام الذي في نفس الوقت الذي أقرت الإصلاحات من الناحية القانونية فظلت ممارساته اليومية هي نفسها بدون أي تغيير ومازالت تنم عن أن النظام لم يستوعب بعد الآليات الديمقراطية.

باختصار نحن نتلاقى مع النظام  في قبول الحوار ونتائجه وقبول شرعيته والتعامل معه، لكن نختلف معه في ممارسته للديمقراطية وفهمه لها وعمله علي إقصاء الناس وتوظيفه للدولة من اجل خدمة مشروعه السياسي وهذا يشكل العقبة الاساسية في الديمقراطية، وهذا النظام القائم هو من أكثر الأنظمة التي عرفتها موريتانيا، توظيفا للدولة في خدمة مشروعه السياسي، سواء تعلق الأمر بتعيينه للموظفين أو تخويف الموظفين ورجال الأعمال أو توظيف وسائل الدولة بشكل مباشر في مشاريع بدون مردودية وبدون دراسة وهذه واضحة في مسلكيات النظام و نعتبرها خطيرة وتتنافي مع الديمقراطية.

وهذا ما جعلنا نعبر عن إدانتنا للحملة التي يقوم بها النظام حاليا ، والتي في رأينا لا يمكن في ظلها تنظيم انتخابات شفافة أبدا ولا يمكن أن تسمح للمواطن الموريتاني بالتعبير عن رأيه بصورة حقيقية، لأن الإرادة غير حرة وهذا ما سنظل نندد به.

س: يجري الحديث عن إرسال بعثات من مفتشية الدولة لتفتيش الجمعية الوطنية ومؤسسة زعيم المعارضة، ما هو موقفكم من هذا التفتيش في حال وقوعه؟

ج:  أولا قناعتي بأن هذا التفتيش لن يحصل، لأنه لا معنى له فبالنسبة للجمعية الوطنية لا يمكن تفتيشها إلا من خلال لجنة برلمانية تعينها الجمعية الوطنية في دورة برلمانية وبالتالي لا اعتقد أن المفتشية العامة للدولة ستقدم علي تفتيشها، كما هو الحال لهيئة زعيم المعارضة وفي حال حصل هذا التفتيش فنحن سنندد به.

وانا اعتقد ان الحديث عن هذه التفيشات، يدخل في اطار الشائعات والترهيب، مع اننا شاهدنا سابقا ان مفتشية الدولة استغلت لتفتيش  موظفين ورجال اعمال في اطار توظيف جميع مؤسسات الدولة في خدمة مشروع النظام السياسي.

  س: اذن تشككون في ان مفتشية الدولة جهاز لمحاربة الفساد؟

ج:  المفتشية يوظفها النظام اولا للترهيب، كما حصل فترة الانقلاب وبعده ويوظفها ثانيا لإعطاء صورة ايجابية عن محاربته لفساد وهمي لاوجود له.

س: النظام يقول ان سياسة محاربة الفساد كانت نتائجها ايجابية علي تسيير المال العام، هل تشككون في ذلك؟

ج:  النظام الحالي لم ياخذ من محاربة الفساد سوى شعارشكلي موجه للراي العام البسيط وانا اعتقد شخصيا أن الفساد متفشي على جميع الاصعدة والدولة تشهد منه اليوم مراحل لم تشهدها خلال جميع مراحلها الماضية.

س: ما هو تقييمكم لمشاريع النظام، التي يقول انه حقق منها خلال فترته ما لم يتحقق خمسين سنة قبله؟

  ج: حسب رايي ان هذا النظام وجد فرصة ذهبية من حيث الموارد، التي شهدت مضاعفات كبيرة غير مسبوقة خلال السنوات الاربعة الاخيرة وليس ذلك ناتج عن مجهود النظام وإنما عن طفرة في قطاع المعادن استفادت منها موريتانيا بشكل واضح وحصلت منها علي  موارد لم تكن تحلم بها ولكنها اسيئ توظيفها، ولم يححق بها للموريتانيين شيء يذكر فكل ما يجري الحديث عنه من مشاريع، مجرد تدشينات تنفيذها متعطل ولا وجود علي ارض الواقع لنتائج لها.

بدون شك يوجد بعض المشاريع الا ان مقارنتها بالوسائل التي توفرت وبالدعاية لها،  تؤكد ان حجمها صغير، في حين يقال ان النظام حقق في اربع سنوات ما لم يتحقق في خمسين سنة وهذا غير صحيح ويمكن التأكد من ذلك من خلال تحقيق في اي قطاع يجري الحديث عن مشاريع داخله وخلاصة القول ان ما يجري الحديث عنه من انجازات حققها النظام اقوال اكثر من افعال.

 س : ما هو تصوركم لبناء الثقة بين موريتانيا ومالي في الفترة القادمة خاصة بعد انتخاب رئيس لمالي؟

  ج : النظام وقع في اخطاء اتجاه مالي خلال الاسابيع الاخيرة لحكم امدو تومان توري ،تجسدت في علاقاته مع بعض الناشطين المعارضين لنظامه وخلال ازمة مالي الفعلية ،لم  يوطد علاقاته مع السلطات الانتقالية ،وكانت علاقتنا مع الفاعلين الخارجيين اكثر منها مع الفاعلين المحليين وهذا ادى الى انه حتى مشاركتنا في قوات حفظ السلام الاممية في مالي، والتي انا من مؤيديها ،لم تستطع تجسيد الثقة المطلوبة بين موريتانيا ومالي نتيجة لسوء علاقاتنا مع السلطات المالية ووجود رأي عام يحمل موريتانيا بعض جوانب أزمته.

وأرجو ان تنجح الانتخابات المالية في انتخاب رئيس يرضي جميع الاطراف في البلد ،وان يحدث استقرار حقيقي فيه وان تبادر موريتانيا في استعادة الثقة مع مالي نظرا لعلاقاتنا الخاصة معه ,وأنا في هذا المجال متشائم لأنني لست راض عن علاقاتنا عموما بمحيطنا الجغرافي ولا اراها تسير بصورة ايجابية.

  س : كيف تستشرفون مستقبل المنطقة عموما على اضواء ما يحدث في مصر وتونس ومالي وليبيا؟

ج : ظروف المنطقة الحالية صعبة ،فقد عاشت ربيعا عربيا اعطى ساكنة الدول العربية آمالا ببناء ديمقراطية حقيقية وهذه الآمال اليوم محل استفهام وفي اعتقادي ان بإمكان التونسيين تجاوز ما يحدث وان يكونوا قدوة في المنطقة العربية من خلال حكومة وحدة وطنية تنظم انتخابات حرة قبل نهاية السنة ،اما مصر فيؤسف لحالتها ،التي تعتبر نكسة للديمقراطية نظرا لدعم الانقلاب العسكري من اطراف سياسية كان من المفروض ان يكونوا حماة للديمقراطية والأمم المتحدة لا تزال حائرة هل تسميه بانقلاب ام بشيء اخر.

ولذا فعلينا ان نفهم ان الدول الغربية تتبنى الديمقراطية كأداة داخلية وتطبقها وتجد نتائجها من الناحية الفعلية ولكن في علاقاتها الخارجية تحكم  مصالحها ورايتها لمدى قابلية شعوب دول العالم الثالث للديمقراطية من عدمها وبالتالي علينا ان لا نصدم بمواقف الغرب و يدفعنا ذلك الى الاعتقاد بان لا وجود للديمقراطية ،بل بالعكس علينا ان نسعى للبحث عن الديمقراطية لأنها هي الوسيلة الوحيدة للخروج من الازمات و اتمنى لمصر الخروج من ازمتها وان تثمر جهود القائمين على عودة الشرعية ،للوصول الى حل يرضي الجميع ويخدم مصلحة مصر وكذلك تونس.

س: ما هو تفسيركم لتشابه سيناريوهات ما يحدث اليوم في مصر وما حدث في موريتانيا اغسطس 2008؟

ج : المنطقة تشهد مرحلة تحول ,سواء في مصر او تونس او موريتانيا ،التي عرفت 2005 انقلابا  عسكريا صاحبته آمال كثيرة وانتخابات حرة 2007 ،لكن يجب ان نعرف أن هناك قوة قوية ترفض الوصول للديمقراطية لاستفادتها من الوضع القائم وهذا ما ظهر في موريتانيا 2008 عندما تأكد توجه النظام الديمقراطي و سعيه لقطع الصلة مع الانظمة العسكرية حصل الانقلاب عليه إلا أن الامل الذي حصل 2006 و 2007 تولد عنه وعي سياسي خلق قوة قوية ناهضت الانقلاب لأول مرة وعملت على افشاله وعلى الرغم من كونها لم تستطع القضاء على مظاهر الانقلاب بشكل نهائي لانعدام الوسائل الكافية ذلك إلا أنها استطاعت ان تفشله ظاهريا وفرضت اليوم ديمقراطية في مجال الانفتاح الاعلامي وغيره ،إلا أن النظام من داخله لم يتغير وفي مصر كذلك وقع نفس الشيء و أرجو ان تكون القوة المناهضة للانقلاب فيها اكثر قوة من قرينتها الموريتانية وتحقق تنازلات اكثر وان تكون الانتخابات القادمة مفتوحة  وخاصة أنه حسب اعتقادي احتمال ترشح السيسي ضئيل.

س : ألا ترون أن الانظمة التي انبثقت عن الربيع العربي وقبلها نظام سيدي ولد الشيخ عبد الله ارتكبت ما يبرر مصيرها؟

ج : طبعا..طبعا ,لقد ارتكبت بعض الاخطاء ،سواء في نظام الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد  الله أو نظام محمد مرسي ،اخطاء ناجمة عن سوء تقدير خبث وقدرة القوى الموجودة داخل النظام القديم ،على المساس بالديمقراطية الموجودة حيث اساء الرئيسان تقدير قدرة الجيش على الانقلاب وبالتالي حدثت اخطاء فعلية بدون شك ولكن كانت هناك ظروف موضوعية ساعدت في ما حصل منها أن المرحلة الانتقالية شهدت اخطاء صعبت مرحلة التحول الديمقراطي التي تلتها وكان الخطأ الاول في موريتانيا ومصر هو انتخاب البرلمان قبل انتخاب الرئيس اضافة الى علاقات الثقة الزائدة بين الرئيس الجديد المنتخب بالمؤسسة العسكرية وقد ترتب عن هذه الاخطاء الانقلاب العسكري في موريتانيا وبعدها مصر.

"ديلول"

اجري المقابلة: ماموني ولد مختار