المستهلك الموريتاني: بين تجارة السموم..وغياب الرقابة؟!!
الاثنين, 25 مارس 2013 14:04

 

altaltخلدت موريتانيا اليوم العالمي لحقوق المستهلك منتصف شهر مارس الجاري تحت شعار(حقوق المستهلك أولا).

 وتقول الدولة إنها تبذل جهودا كبيرة لتوفير الغذاء وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين،وما تصفه ب"قمع " الغش وكل المخالفات المتعلقة بحفظ وبيع الغذاء.

بيد أن روابط وجمعيات حماية المستهلك بموريتانيا ترى أن الوضعية خطيرة حيث تكثر في البلد المواد المزورة والمنتهية الصلاحية في ظل فوضى التجارة وغياب رقابة فعالة على استيراد وبيع المواد الغذائية من جهة،ووجود ما تصفه بثغرة كبيرة في ظل غياب قانون يتعلق بحماية المستهلك ويردع المخالفين.

وتطرح فوضوية التجارة وتعدد مصادر استيراد الغذاء وغياب الرقابة الرسمية الرادعة وضعف القدرة الشرائية للمواطنين صعوبات كبيرة في ما يتعلق بضبط وضعية وجودة الغذاء في موريتانيا.

التحقيق التالي يطرح موضوع حقوق المستهلك في موريتانيا بين فوضى التجارة وغياب الرقابة.

الغذاء حق مضمون بالقوانين

 

في عام 1993 طالبت دول العالم بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واضيفت هذه الحقوق بطريقة مساوية وشاملة الى الحقوق المدنية المنصوص عليها في اعلان عام 1948، ومن بين هذه الحقوق الجديدة التي وافقت عليها كل الدول فان حق الغذاء ظهر في المقام الاول وهو حق الحصول المنتظم والدائم والحر على وسيلة الشراء نقداً مباشرة او غير مباشرة لغذاء كاف ومناسب كماً ونوعاً على وفق التقاليد الثقافية للشعب الذي ينتمي اليه المستهلك لضمان حياة نفسية وصحية فردية وجماعية متحررة من القلق حياة كريمة ومُرضية وتأكد هذا الحق في قمة الغذاء العالمية التي نظمتها (فاو).)

التجارة في موريتانيا..عالم الفوضى !

 

عرف الموريتانيون قديما بالمهارة في التجارة بالطرق التقليدية ويبدو أن هذه المهارة كانت في عصور خلت ولم تعد تناسب عصر التجارة الرقمية وحوانيت العرض الحديثة التي تلائم حفظ وعرض المواد الغذائية التي هي في غالبيتها مصنعة.

وقد عرفت موريتانيا فوضى كبيرة لعدة أسباب منها عدم وجود تراخيص لحوانيت العرض وغياب تطبيق أي شروط ملزمة تتعلق بالوقاية والسلامة والنظافة على ملاك هذه الحوانيت،وبعد تحرير الأسعار في منتصف الثمانينات غابت الرقابة بطريقة شبه كلية على هذه الحوانيت من حيث جودة المواد وتاريخ صلاحيتها ومراقبة الموازين (باستثناء حملات موسمية يغالطها الكثير من التجار).

وانسحبت هذه الفوضى ايضا على طرق حمل وتوصيل ابضائع التي لا تراعي عوامل فسادها من حر وقر وعوامل تسمم مساعدة كالدخان والغبار والذباب وغيرها(تحمل المواد الغذائية على عربات الحمير والعربات اليدوية وفي السيارات غير المجهزة بالتبريد والمحكمة الاغلاق ولمسافات بعيدة).

وليست الحوانيت والمخازن وحدها هي مكان فوضى عرض المواد الغذائية فهنالك المطاعم الهوائية في الشوارع التي تبيع الأطعمة في بيئة غير مناسبة قرب المراحيض ومحطات السيارات،كما تنعدم الرقابة على المطاعم العادية،وهنالك طرق الجزارة البدائية في الفلوات ونقل اللحوم في سيارات مكشوفة وبطريقة لا تراعي أبسط قواعد حفظ الصحة.

وإذا كانت شروط فتح المحلات ومراعاة قواعد حفظ الصحة فيها غائبة في التزويد والعرض فإن غالبية من يعملون فيها أيضا لا يهتمون بقواعد حفظ الصحة في آلاتهم ولباسهم بل وحتى نظافة جسهم باعتبار أن ذلك جزء من أسباب وقاية الغذاء من العدوى بالميكروبات والجراثيم المسببة للأمراض المختلفة.

ويرى بعض المراقبين أن غياب سلطة فعالة مكلفة بالرقابة على الأغذية وإتباع قواعد حفظ الصحة ولديها الوسائل الفعالة للردع ولا تسمح بفتح أي محلات تجارية أو مطاعم أو محلات جزارة إلا بترخيص هو سبب الفوضى العامة التي تنخر جسم بعض مكونات غذائنا الوطني .

تجارة السموم ..!

 

هنالك طرق كثيرة يعمد إليها المزورون والمخالفون في موضوع المواد الغذائية منها تعديل التاريخ حيث يعمدون لفتح ورشات لتزوير تاريخ ختم الصلاحية (داهمت الشرطة في ابريل2011 احداها بالعاصمة نواكشوط).،كما يعمد البعض لتهريب البضائع إلى موريتانيا بطرق ملتوية بعيدة عن رقابة الجمارك،في حين قوم بعض التجار ببيع بضاعته الفاسدة في الداخل حيث ضعف الوعي بالثقافة الاستهلاكية منتشر بكثافة.

وترى بعض جمعيات حماية المستهلك أن من أسباب انتشار هذه الطرق هو غياب رقابة رادعة وفعالة من طرف مصالح وزارة التجارة على الحوانيت والمخازن من جهة وغياب مصالح الرقابة لدى البلدية والتنمية الريفية على الأسواق والمطاعم واللحوم من جهة أخرى،الأمر الذي جعل من الشائع وجود أسواق جهارا نهارا لبيع المواد المنتهية الصلاحية(سوق أف) بالمقاطعة الخامسة.

وتؤكد أن هنالك أسباب عديدة جعلت مثل هذه الأسواق تزدهر منها ضعف القدرة الشرائية للمواطنين باستمرار وغياب قوانين تحكم العلاقة بين المستهلك وبائعي الغذاء وترتب العقوبات اللازمة في حالة المخالفة،إضافة لشبه غياب الثقافة الاستهلاكية والوعي الصحى بأهمية الحفاظ على مصدر الغذاء لدى غالبية الشعب الموريتاني.

الحصاد المر..

 

يؤدي تناول المواد الغذائية المنتهية الصلاحية الي أضرار صحية خطيرة، من أهمها التسمم الغذائي والإصابة بالسرطان وأمراض الكلي والعمي وغيرها.

وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن المواد الاستهلاكية بعد انتهاء صلاحيتها تتحول الي مواد سامة بفعل المواد الكيماوية المستخدمة في حفظها من مشتقات البترول والقار ، وكذلك المواد المضافة إلى الأغذية والمشروبات والأدوية

وتعتبرأن المواد الاستهلاكية المنتهية الصلاحية هي السبب الأول في نشر العوامل التي تساعد أو تهيء للسرطان، وأن الأطفال أكثر ضحايا التلوث الغذائي وخطر المواد المضافة للأغذائية والعصائر والحلويات.

ويؤكد كثير من الاطباء والناشطون في جمعيات حماية المستهلك أن نسبة كبيرة من أمراض الجهاز الهضمي سببها في موريتانيا أن تناول المواد الغذائية المنتهية الصلاحية أو التي لم تراع في حفظها قواعد الصحة من نظافة وإبعاد عن الشمس والرطوبة والغبار والروائح المختلفة.

و يضيفون أن أغلب الأمراض المنتشرة في موريتانيا بصورة عامة ناتجة عن استعمال مواد مصنعة بطرق غير قانونية أو منتهية الصلاحية، ويحذر هؤلاء من مغبة التغاضي عن مغامرات التجار على حساب سلامة وصحة المواطنين.

وبحسب الناشطين في مجال حماية المستهلك فإن لائحة كبيرة من المواد الغذائية يطالها التزوير في مقدمتها العصائر والألبان والحلويات واللحوم والتمور والزبادي.

إحصائيات هامة:

 

في كل سنة تدخل 1000 مادة كيميائيّة جديدة إلى حياتنا

تحرق السلطات كل أسبوع 3 طن من المواد الغذاية المنتهية الصلاحية بنواكشوط

المنظمة الدولية للمستهلك تضم أكثر من 600 منظمة لحماية المستهلك تتواجد في 170 دولة

في العالم 91% من السكان يستعملون 150 مليون كلغ من هذه السموم سنويًّا، معظمها يستخدم داخل المنازل.

جمعيات حماية المستهلك "تدق ناقوس الخطر"

 

الجمعية الموريتانية لحماية المستهلك خلدت المناسبة وأصدرت بيانا رأت فيه أن الغلاء والتزوير وارتفاع تكلفة الخدمات الأساسية وضعف شمولية "برنامج أمل" تحديات أمام المستهلك الموريتاني.

وأضافت أنه رغم المصادقة على مدونة للرقابة الصحية فإن السلطات العمومية لم تحرك أي ساكن لتطبيق مقرراتها وتفعليها للحد من الفوضى الضاربة أطنابها على مستوى الترخيص للمطاعم والمرافق الخدمية وبشكل أصبح يهدد حياة المواطن،وينال من حقوقه في منتج ووسط بيئي سليمين.

وأكدت أن السلطات الموريتانية مازالت  تماطل في المصادقة على مدونة خاصة بالمستهلك الموريتاني على غرار المعمول به في العديد من دول الجوار العربي والافريقي مع تهميش الروابط والجمعيات المهتمة بالمستهلك وحقوقه.

الرأي الرسمي

 

أكد  الامين العام لوزارة التجارة عبد الرحمن ولد أحمد عثمان ان الدولة تعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الاساسية من أجل الرفع من المستوى المعيشي للمواطنين وضمان تموين الاسواق بها مع ضمان جودتها بالاضافة الى مصادرة واتلاف المواد منتهية الصلاحية حفاظا على صحة المستهلك

بدوره قال المدير المساعد لادارة المنافسة وحماية المستهلك ومحاربة الغش بالوزارة المصطفي ولد أعليه ان إدارته  تعمل في هذا الاطار على مراقبة الاسواق وتثبيت الاسعار وسحب المواد منتهية الصلاحية واحالة المتاجرين بها الى السلطات القضائية.

وأشار الى عمليات اتلاف كميات كبيرة من هذه المواد خلال السنوات الثلاث الاخيرة بالاضافة الى احالة العديد من المحاضر الى السلطات القضائية.