ولد الميداح : اعتقلت بعد انقلاب 16 مارس وأفرج عني بعد إعدام الضباط
الاثنين, 25 مارس 2013 12:24

 

altaltتتعدد مجالات الإبداع والتميز التي خلدت اسم الفنان والموسيقار والتربوي الحضرامي ولد الميداح، فالرجل الذي ولد "في انيككم" في تخوم إكيدي، لأسرة أدبية وفنية ضاربة الجذور في تاريخ الأدب والثقافة في موريتانيا، هو أيضا مناضل سابق في صفوف حركة اليسار الموريتانية، وأب مرب الآن ينشط بقوة في اتحاد آباء التلاميذ، ساع لرأب ما صدعته سياسات التعليم وتهاون الوزارات المتعاقبة سعيا إلى سد الفجوة المتسعة بين التعليم وحاجيات المجتمع وتاريخ البلد العلمي، والرجل أيضا خبير في فن العلاقات العامة، يحمل فيه إضافة إلى مواهبه الفطرية شهادات راقية عالية.

 

السراج الثقافي زار الأديب الحضرمي ولد الميداح في بيته، حيث البيت الأدبي العامر والأب الحنون المثقف، المضياف..انتقلنا عبر هذه المقابلة في جولة واسعة في "طركوات" الموسيقى الموريتانية وأصولها وروافدها، ولمحات متنوعة من مسيرة الرجل الذي اعتزل السياسة والفن منذ فترة، غير أنهما لم يعتزلاه، فلا يزال في دائرة الضوء حتى وإن لم يكن حريصا على ذلك.

 

 

السراج : لنستعد معكم خطوات الطفولة الأولى في المذرذرة، ونواحيها إلى أي حدأثرت تلك المدينة في تكوينكم الثقافي؟

 

الحضرمي ولد الميداح: أنا ولدت في انكيكم، في تخوم إكيدي، وانكيكم منطقة خلدها الأدب الحساني والفصيح ومن ذلك قول الأديب الأريب والفتى الصالح الولي ولد الشيخ يب رحمه الله في طلعته الذائعة المشهورة.

 وانكد انورد لموردات = لغن واجُ مستوردات

احماي ماهم باردات = انحاي لنحاي

بين انكيكم والماردات = والتيمش والطلحاي

وانكد انواس ذاك هاك = راص ارواي فغناي

غير أل خفت اعود ذاك = فغناي راص ارواي

عشت في أفياء انكيكم عدة سنوات قبل أن أنتقل إلى مدرسة تنيدر وكانت بها مدرسة عند تاشدبيت، وتقع تنيدر عند الكلم 60 شرقي مدينة روصو، على ضفة خليج من خلجان نهر السنغال، وقد مكثت فيها عدة أشهر، وأذكر حينئذ أنني نجوت من تمساح نهري يسمى  محليا "اكرجمة" وقد عدت إليه مع بعض فتية الحي وقتلناه، ثم أحرقناه وربطناه في فرس فعجزت عن جره، لضخامته.

وتنيدر كما تعرفون مذكورة مشهورة في الأدب الحساني ومن ذلك طلعة ولد أحمد يوره الذائعة

اكدم تنيدر من صلاح =اغفرشيت امال يراح

حد امن اعلاب الحاس راح= بعد انفراك ذكد

وانفراك منها ما صاح= اللوتد كون إواجه وتد

احد اعل زيرت لوتد لاح= عين شكند ارخ بعد

ازرات السياح امن امراح= شكند إكد ينعد

احد اعل زرات السياح= ذوك اكدم تنيدر عند

 

مكثت في تنيدر عدة أشهر ثم انتقلت إلى بعض أسرتي عند لكراع لحمر، وكان الوالدان قد اتجها إلى نواكشوط وأقاما بها فترة، لكنني بعد أيام قليلة قررت أن أذهب إلى نواكشوط، لكن ما الوسائل إلى ذلك ... كانت الوسائل شبه منعدمة، قبل أن يمر علينا ذات مرة المرحوم افك ولد ابراهيم فال كان ذلك عام ابريكلي، أو العام الذي بعده أي حوالي 1959، وركبت معه، إلى روصو حيث نزلنا عند المرحومة الخظرة بنت أحمد المختار والدة الأسرة الشهيرة أهل انجاي وصكو، وكان منزلها محطة كريمة للأضياف والنازلين، وطلبت من الخظرة أن تبحث لي عن سيارة إلى نواكشوط فذهبت بي إلى المرحوم السيد محمد ولد اكبار حيث ركبت معه في سيارة لنقل البضائع من نوع T45، وهي شاحنة كبيرة، لكن الرحلة تعرضت لعقبة مهمة عندما تعطلت السيارة عند قرية العايدي عند الكلم 21 شمالي روصو فقلت لولد اكبار : أنا لن أنتظر، فلا يمكننا أن أبيت هنا، وبعد فترة مرت علينا شاحنة كبيرة لشركة "لاكومب"، وطلب من سائقها أن يقلني معه إلى نواكشوط، وركبت معه السائق في المقاعد الأمامية، وأعطاني "علبة من صردين" وخبزة، لقد كانت وجبة شهية، لطفل متعب

في الطريق تعرفت على الرجل وكان أحد أبناء قدور، وقد غضب جدا لأني لم أعرفه على نفسي ولأن ولد اكبار أيضا لم يعرفه علي، وعند وصولنا إلى الدار وجدت المنزل مغلقا، وسلم الرجل وقال لهم " السلام عليكم : هل تريدون الحضرامي" انتوم ما عينكم في الحضرامي" تلقفني الأهل بالترحيب، وقلت لهم إنني مغاضب لهم لأنهم تركوني في تندر وذهبوا إلى نواكشوط.

وصلنا إلى نواكشوط بعد أن تأخر الليل، وكانت منازل البلد قليلة جدا، وكان الناس يرفضون إغلاق أبواب المنازل ويكرهون "رائحة دلوير".

كانت نواكشوط حينئذ منطقة صغيرة، تتوزع بين عدة آبار، وسهول، وأكثر المساكن حينئذ تقع في لكصر " تيارت الحسيان" أي تيارت الحالية، وكانت المنطقة المحاذية للمطار من جهة الشمال تدعى " علب أجوك" أما المنطقة المحاذية له من الشرق فتعرف " اعليب اللفاع"، أما نهاية لكصر فتسمى حينئذ " لحماميات"، وتقع هنالك آبار كثيرة احسي الخالص، و اخشيم حميدي، وانواجيلال، وبيله وانكليدة، وتقع كل هذه المواقع الآن داخل نواكشوط، الحالية، أي في حدود 12 كلم من نواكشوط.

وكانت تيارت قبلة للمنتجعين بما تمتع به من عذوبة في الماء، وتستمر عذوبة الماء أكثر السنة حتى نهاية العام، حيث يضطر المرتادون إلى جلب الماء من الآبار القريبة جدا، وآخر ما كان يشرب منه نواكشوط، بئر بيلة، وعند تأخر الأمطار أو تسرب الملوحة إلى الآبار كان الناس يتجهون إلى "اطويلة" لجلب الماء.

أما في نواكشوط  فإن دخولي إلى المدرسة كانت عن طريق رجل اسمه المختار ولد المختار رحمه الله فقد ذهب بي إلى وزير التعليم حينها سيد محمد ولد الديين رحمه الله (توفي منذ أيام ) فقال له أتيتك بتلميذ معي أن أريد أن تدخله المدرسة وقال له من هذا التلميذ فقال له لا يهم المهم أن تكتب لي رسالة إلى مدير المدرسة فقال له سأفعل لكن لا بد أن أعرف اسم هذا الطالب فقال له المختار هذا الحضرامي ولد الميداح وأمه ياقوته منت اعل وركان وأنا الآن مقيم عندهم هنا في لكصر، فكتب له الديين الرسالة وأعطاني 10 آلاف فرنك أي حوالي ألفين أوقية، وبعد ذلك كان يقول لي المختار رحمه الله يقول لي  أنا هو الذي كنت سببا في دراسة، وكنت أدرس القرآن الكريم على يد الإمام الشيخ ولد مزيد وكان نائب الشيخ بداه في مسجده، وقد أرسلتني والدتي ياقوته رحمها الله إلى هذا الشيخ الجليل وعليه درست ما درست من القرآن

 ومكثت في المدرسة خمس سنوات، أذكر من بين المعلمين من بينهم محمدن ولد سيديا ومحمد البو الذي انتقل بعد ذلك إلى إذاعة صوت أمريكا، رحمه الله.

وفي العام 1966 جئت إلى الإذاعة صدفة واتصلت بصديق لي اسمه عبد الرحمن ولد اليدالي وهو أحد أبناء الأديب الكبير محمد ولد محمد اليدالي وكان مترجما كبيرا ذا مكانة كبيرة،وطلب مني أن أساعده في تنظيم بعض الأعمال وأعد بعض الربورتاجات، وكان أول ريبورتاج أعده عن الافتتاح المدرسي سنة 1967وبعد فترة جاءت بعثة فرنسية للتكوين الإذاعي من بينهم فرنسي اسمه "أرنوج" قد قدم من فرنسا ليؤطر العاملين في الإذاعة ثم بعد ذلك أرسلوني إلى معهد اللغات والفنون الجميلة في كوناكوري.

وبعد ذلك نجحت في مدرسة المعلمين ومدرسة الزراعة في كيهيدي، إضافة إلى امتحان القسم السادس، وعندما جئت إلى مدرسة المعلمين وجدت أغلب الناجحين أكبر مني سنا ولم يستهوني كثيرا ذلك الجو.

وواصلت مع الإذاعة، وأذكر مرة كنت مع عبد الودود ولد الشيخ (الباحث الكبير) وكان معنا في عصر من بينه " الوزير السابق اليدالي ولد الشيخ رحمه الله ومصطفى تفاحي، وامبي فال، وكان عبد الودود في السنة النهائية للثانوية، أما أنا فقد كنت في السنة الأولى الإعدادية، وأذكر مرة كنت ألبس دراعة زرقاء جدا، أما عبد الودود فقد كانت له "لمة "قوية، وكنا رفيقين وشكلنا مثير ولافت للانتباه، وجئت إلى الثانوية وأعددت تقريرا عن الافتتاح المدرسي وفي اليوم الموالي جئت لأتلقى الدروس كطالب فسألني مدير الثانوية الأستاذ والوزير السابق محمذن ولد باباه، وقال : أنت تلميذ أو صحفي".

 

السراج : لاحقا ستنتقلون إلى الجوق الوطني، كيف نشأت هذه المؤسسة وكيف التحقتم بها؟

الحضرامي ولد الميداح : بعد فترة من تعاوني مع الإذاعة طلبت الرئاسة اختيار 14 شابا لتكوين الجوق الوطني، ودراسة الموسيقى في كوناكري، وكانت لي معرفة سابقة مع المرحوم المختار  ولد داداه، فيبدو أنه أعجب بغنائي وأنا طفل حينم كنت أقلد الخليفة ولد الحسن وهو صحفي كان يعمل في الإذاعة، وقد عاش ردحا من حياته في السودان وكان يقلد أغاني السودان حيث كان أحد فناني فرقة الكيوكطة التي أنشأها المرحوم همام.

أذكر مرة أنني ذهبت إلى البحر على دراجتي، وفي الطريق لقيت المختار ولد داداه وحرمه وشخصا أو اثنين معه، وسألنا المختار عن طموحنا في المستقبل، فمن الزملاء من قال إنه يحب أن يكون وزيرا أو مديرا، أما أنا فقلت له : إنني أريد أن أكون فنانا أو مفوض شرطة.

وقد طلب الرئيس المختار رحمه الله أن أكون ضمن بعثة الشباب، وطلب المختار من مدير الشباب حينئذ أحمدو ولد محمود ابراهيم أن يذهب بوفد إلى والدتي ياقوتة بنت اعل وركان من أجل إقناعها بأن تسمح لي بالذهاب، وكانت ترفض خوفا على ديني وأخلاقي من الفساد والتأثر ولكنها قبلت في الأخير.

وبدأت مرحلة التحضير للسفر، وحصلت على بذلة راقية "كوسيتم " من عند المرحوم محمدن ولد سيدي ابراهيم من نوع "بريست ديكال" وكان نوعا راقيا جدا، فيما حصلت على كوستيم آخر من عند المرحوم يعقوب ولد أبو مدين.

وقد سافرنا في الطائرة إلى دكار عند وصولنا إلى دكار لم تكن السفارة على علم بنا، وبتنا في الشارع (ري 5) وقربنا دكاكين لبعض الموريتانيين لم يحتفوا بنا كثيرا، وفي الصباح نقلتنا سيارات السفارة إلى المطار ومنها إلى كوناكري، وفي كوناكري بدأنا رحلتنا مع التكوين الذي شمل التكوين العسكري، ودراسة الموسيقى نظريا وتطبيقيا، على يد أساتذة كبار من بينهم كوري اسمه "كيم كونغ سونغ" وهو موسيقار كبير عظيم الشأن، ذو خبرة عالية في الموسيقى، ومن عجائبه أن لديه قردا، يرسله على من يشوش عليه من الطلاب.

ومكثنا في كوناكري 18 شهرا بدون تقطع، وكانت كوناكيري دولة ثورية، تعيش من منتوجاتها المحلية، كما كانت ميدانا لجميع الحركات الثورية، حتى المناضلون الأمريكيون السود كان لهم حضور قوي في كوناكري، من بينهم "ستوك لي كارل مايكل" رئيس مجموعة "البلاك بولز" وبعد فترة تزوج هذا الفنان الكبير مع الفنانة الإفريقية مريام ماكيبا من دولة جنوب إفريقيا.

وكان معنا 45 شخصا من نيجريا، من بينهم ابنة السياسي النيجري الكبير مسعود آبيولا، إضافة إلى فنانين وطلاب من غينيا، أما في التطبيق فلدينا ثلاثة أجواق وطنية غينية تقوم على التدريب والتكوين.

أذكر من المجموعة الموريتانية التي تكونت حينئذ عثمان ولد اعليلوات رحمه الله، وكان رئيس البعثة، وكوليبالي كاني، وجا تيرنو، وابيليل ولد امبارك، وقد تقاعد قبل فترة من وزارة الشباب، وسليمان انجاي، ومحمد ولد محمود رحمه الله، (المعروف بمحمد نيفارة)، وكان آية في حسن العزف والتقليد، لا يمكنه دراسة الموسيقى نظريا ومع ذلك كان آية في القدرة على التقليد وحسن العزف.

وكان من بينهم صال إبراهيما، وقد قتل في نواذيبو رحمة الله وكان أستاذه الغيني يقول له " لم يعد لي ما أعلمه لك، أنت مجنون"، ومن بينهم أيضا سيداتي ولد سعود رحمه الله، ومحمد ولد كديري، رحمه الله، وسيدي ولد اكليب وسكاب ولد انكذي مد الله في عمريهما، وابراهيم افال رحمه الله وكان عازفا ماهرا، ومحمد محمود ولد امباي، وقد ذهب معنا ثم عاد إلى موريتانيا، إضافة إلى أحمد سالم ولد كعباش، وقد عاد إلى موريتانيا بسبب ما قال له إنه "آتري وآدواخ" إضافة إلى ابوه ولد بوب ولد جدو وقد عاد أيضا قبل إكمال الفترة.

في نهاية التكوين نظم لنا المعهد الذي درسنا فيها حفل تخرج وحضره الرئيس الغيني المرحوم أحمد شيخو توري وألقى خطابا طويلا استمر حوالي 5 ساعات، وطلب منا نحن الموريتانيين تبليغ سلامه لصديقه المختار ولد داداه، وقال : قولوا له إن المهمة التي طلب مني تمت على أحس وجه وأنكم الآن فرقة ممتازة.

ثم عدنا إلى نواكشوط 15في  نوفمبر 1968، حيث رافقنا إلى موريتانيا مسؤول من وزارة الشباب ومسؤول سام من من الحكومة الغينية. ونظمنا أول حفل لنا في الذكرى الثامنة للاستقلال، واستدعانا الرئيس وقدم لنا التهاني، وقال لنا إن البلد كان يلجأ إلى باريس أو دكار أو إسبان للحصول على جوق وطني.

وبعد ذلك التحقنا بالوظيفة العمومية، وقررت إدارة الظيفة العمومية ترسيمنا في درجة مماثلة لرتبة علم في الدرجة الرابعة، وحصلت حينها على أول راتب لي وهو حوالي 7235 أوقية، وكانت رواتب كبيرة جدا مقارنة بما هو واقع اليوم، كان راتب الرئيس حينها 40 ألف أوقية، ولم تكن الرواتب هي أهم شيئ في تلك الفترة، كان الدافع الوطني أكثر ما يحرك الناس حينها.

وقد انطلق الجوق الوطني تحت رئاسة عثمان ولد اعليلوات، بعد وفاته في 1971، ثم توليت الرئاسة بعد ذلك، وقبل ذلك كان أول تمثيل لنا في الخارج في العام 1969 في الجزائر وحصلت حينها على عروض مغرية حينئذ للعمل في فرنسا، ولكنني رفضت، أذكر أن من بين وفدنا حينئذ رئيس الغرفة التجارية والصناعية الحالي محمد محمود، ولد محمدو وهو مفتش شباب حينئذ وقال لي " لقد اهتم بك العالم وآن مستعد لأن أكون كاتبك الخاص، وسأبرم لك اتفاقا مع هؤلاء وستحصل على مال وفير"، لكنني رفضت وعدت إلى بلدي، ذلك البلد الذي جعل تهميش الفنانين سنة لا تتخلف أبدا ومنهجا متوارثا.

السراج : من تذكر من رفاق المدرسة الأولي في المذرذرة؟

الحضرمي ولد الميداح : أنا لم أدخل المدرسة في المذرذرة لكن كان لدي أصدقاء طفولة في المذرذرة أذكر منهم الداه ولد الشيخ ولد باب، الداه ولد ابراهيم فال، اعل ولد نافع، وبقية الزملاء، الرجالة ولد الميداح وأخوه دمب.

 

السراج : تربيتم في كنف الوالد المختار ولد الميداح ذالك الرجل المتميز في أدبه وفنه،حبذا لو حدثتنا عن المختارالوالد والإنسان؟

الحضرمي ولد الميداح : المختار رجل كان الغاية في التمكن في الفن وفي أغلب المعارف المدروسة والمتداولة في عصره وفي التاريخ والأدب، و لن يحدثك عنه إلا أصدقاؤه فنحن أبناؤه وللأسف لم نعرف قيمته إلا بعد أن رحل عنا، وقد كان الرجل مدرسة في المعارف والعلم فلم نكن نأتي بشيء من اللغة والأدب إلا ووجدناه يعرفه، وبالمناسبة المختار لم يتعلم التدينيت مع أنه جدد فيها وأضاف غليها كثيرا من "الطركوات" وقد شهد له عمالقة الفن بمعرفته وإتقانه لها.

من القصص التي تحكى عنه أن خاله أحمد ولد ببان كان مارا ذات يوم بحذاء شجرة فسمع صوت "تدينته" فعرفها فإذا هي عند المختار ولد الميداح، ويبدو أن الطفل كان يسرق التيدينيت ليتدرب عليها.

أما في الجانب المعرفي فحدث ولا حرج فقد كان يسافر إلى السنغال مع صديق له اسمه محمد ولد آمنة فيأتون بالكتب والدواوين فيقرأ عليه ولد آمنة القصيدة مرتين فيحفظها المختار وتحفظها الوالدة من حكايتين.

وذات يوم كنت أستمع إلى برنامج حسن الكرمي "قول على قول" وكنت حينها محبا للشعر وبالمناسبة أنا هو أول من أدخل دواوين نزار قباني وأول من غنيت له سنة 1966، إذا كنت في الاستماع إلى حسن الكرمي وقررت أن أمتحن الوالد المختار وقلت له أنا عندي بيت من الشعر من قال لي قائله وقصته فسأعطيه جائزة فقال لي تفضل:

يبكي الغريب عليه ليس يعرفه

وذو قرابته في الحي مسرور

فقال لي هذا البيت صاحبه اسمه عثير والناس تقول بأن اسمه عثمان بن اللبيب العذري لكن اسمه الحقيقي هو عثير، وحكى علي القصة كما أوردها صاحب قول على قول وهي قصة معروفة لا داعي لذكرها وتعجبت حينئذ من معرفة الوالد، وكان  زملاء المختار يلقبونه بالفرزدق

وحدثني كراي ولد أحمد يوره رحمه الله تعالى أن المختار كان يقول الشعر الفصيح، وكان آية في حسن التمكن والبلاغة والمقدرة على قول الأدب الفصيح

ومن أدبه السائر

اشل لي كاع بذا من الكد    والجد في ش لو شي انحد

واديار اعل حد اسند    واطريح اعليه العولة

وآن نعرف عن كل حد  رزق تحت أيد المولة

وآن والخلق وذاك جاد   للمولى ماهي كولة

ملك ولا فين حد زاد للمولى من حد اولى

ومن أدبه السائر قوله

تشواش الكبل مانزيد= فيه أتل آن مانشيد

بيه أصلان نبغي أبعيد= كبل بي الي بالِ

راه فالكبل منبعيد=والعند من لهال

كبل والعند من الغيد=كبل وال يزهال

كبل والكبل ماتشك=في يكفيه حال

عن سؤال وأفذاك يك=في حال عن سؤالِ

 

كما كان المختار رحمه الله طريفا قاطعا في إجاباته وكلماته السائرة، فعندما قيل له إن "الحكام يوكلو التراب " قال علينا أن نعاملهم كما كنا نعامل الأطفال الذي يأكلون "التراب" فنطلق "رصاصة

 فوقهم.

السراج : انخرطت في صفوف الكادحين وكنت من الشخصيات الفنية البارزة،هل تتذكر تفاصيل ومحطات من ذالك الانتماء وما العلاقة المفترضة بين الفنان والإيديولوجيا؟

الحضرمي ولد الميداح : انتمائي لتلك الحركة كان تلقائيا لأنني أنا خريج من معهد اللغات والموسيقى في كوناكري وغينيا من أول الدول التحرري في إفريقيا وأنت تعرف أنهم في استفتاء 58 صوتوا ب" لا "وأخذوا استقلالهم ومن أبرز زعمائها اسكوتير وهو زعيم تحرري ثوري إفريقي.

 

ثم قدمت إلى كوناكوري وكان تجاهنا جميعا اتجاها ثوريا وكانت تأتيني حينها أخبار موريتانيا وما يدور فيها من أحداث عن طريق بعض الأصدقاء مثل أحمد ولد الحاج ومحمد فاضل ولد البخاري فقد نقلوا لي مرة خبر وفاة زميل لي اسمه أبه ولد الطالب محمد مات في أحداث الزويرات، وقد كان أخي من الرضاعة وصديقا من أخلص أصدقائي وأعزهم إلى قلبي.

ولما رجعت إلى البلد عدت وأنا مفعم بالثورة واتصلت بالكادحين وأنا حينها موظف للدولة كفنان في الجوق الوطني، واتصل بي زملائي أحمدو ولد عبد القادر أحمد شين ولد محمادو وابراهيم السالم ولد بوعليبه وكانت لدي اندفاع وحماس ومشاركة في الخط الفكري والسياسي لحركة الكادحين، وكانت المطالب المرفوعة حينئذ تتعلق بطرد بقايا الاستعمار  الكادحين أفكارنا وإنهاء هيمنته الاقتصادية وتأميم الشركات الكبرى التي تنهب الثروة.

وكان الكادحون قد أحسنوا توظيف التراث الفني، فمن ذلك الشور الذي غناه شباب الكادحين لسنوات وهو

الشعب انت امالك

بي متن التيليت

وهي تحوير لكلمات اشور "الطير انت امالك"

وقد أبدع الكادحون حتى في إضافة بت جديد، من كلماته مثلا :

نظم شباب مسؤول.

خلي النضال يحمى

مافينا حد اكول

تحت التعذيب كلمة

 

وقد كان الشاعر أحمد ولد عبد القادر حينها مطاردا من الأمن وكان يأوي في بيتنا،وقد غنيت له بعض قصائده الثورية، وضمن علاقتي حينها بالكادحين، وزعت صيحة المظلوم في سيارتي على الناس خاصة أن سيارتي معروفة لا تتعرض للتفتيش ولا التوقيف من الأمن.

لقد كانت قناعتي الكبرى ولا تزال أن الفنان إنسان حر، يحمل مبادئ وقيما كثيرة في الحياة ويعرف دوره في صناعة التغيير والتأثير في مجريات الحياة وكان اختياري الفكري والسياسي حينها يقوم على إمكانية الجمع  بين الفن والسياسة، لكنني اعتزلت السياسة منذ فترة طويلة، بعد أن رأيت أن إمكانية الجمع بينهما بالغة الصعوبة بعد أن ضاعت المطالب الوطنية وتراجعت وحدة  الشعب الموريتاني وارتفعت دعاوى الجهوية والقبلية منذ الانقلاب العسكري في 1978

السراج : أديتم أغاني وطنية مهمة ثم اعتزلتم الغناء واتجهتم نحو التعليم والتربية ماذا تذكرون من أهم تلك الأغاني ،وماهي أقربها إلي نفسك ،وما لأسباب التي جعلتكم تعتزلون مسرح الفن؟

الحضرامي ولد الميداح : لقد أديت أغاني وطنية، منها أغنية للأوقية وأخرى حول تأميم ميفرما:

قرارك للتأميم

يالرئيس ال تم

بيه اصبحت الزعيم

إل واحد فالعلم

ولقد كان التأميم سببا في انقسام الكادحين وانضم أغلبية الحركة اليسارية إلى السلطة، قبل أن يرتبك المشروع بسبب حرب الصحراء.

لقد كان تعامل الشعب مع الأغاني الوطنية قويا جدا ومهما وكان عامل الوحدة الوطنية عاملا قويا في عهد المختار ولد داداه، قبل أن تعود الجهوية من جديد مع سلطة الانقلاب، وعادت القبلية بشكل قوي وعادت قوة أشياخ القبايل، فعلى على سبيل المثال لم يقبل المغرب حينئذ التعامل مع سلطة الانقلاب العسكري إلا بعد أن أرسلت وفدا قبليا كبيرا كان من ضمنه أمراء الترارزة وآدرار، وشخصيات قبلية وازنة، وهكذا عادت القبلية إلى دائرة القرار وسلطة النفوذ.

لقد اعتزلت الفن سنة 1975 وانتقلت إلى اسنيم، وعدت إلى نواكشوط 1977 ووجدت هنالك أزمة بين الفنانين ودار الشباب وطلبت منهم الاندماج في رابطة واحدة، وإلا فلن يلغي عنهم الرسوم الكبيرة، وأقمنا رابطة الفنانين الموريتانيين، سنة 1977.

أما سبب اعتزالي للفن هو أنني كنت في رحلة خارجية أشتري شيئا من الآلات الموسيقية للجوق الوطني فقلت نفسي ما هذه المثالية وليس هناك اهتمام بالفن ولا بأهله، فالفن والرياضة في بلادنا مهمشان إلى يومنا هذا بعكس العالم الآخر الذي يعيش على هذين القطاعين، وقد ازدادت هذه القناعة بعد السجن  مع جماعة 16 مارس، خرجت من موريتانيا واتجهت إلى لاس بالماس ، وطلبت من منظمة الفنانين العالميين التي أنا عضو فيها اللقاء كتبوا فيها حول قضيتي وأن السلطة العسكرية حينئذ لم ترع خصوصيتي كفنان وطني معروف.

لقد تركت الفن وانتقلت إلى شركة اسنيم وعملت في إدارتها في نواكشوط، وكنت مع المدير الشيخ سعد بوه كان رحمه الله وطلب مني الالتحاق بالشركة في نواذيبو، ولكنني رفضت الذهاب عن والدتي وبقيت في اسنيم، قبل أن انتقل من اسنيم إلى شركة فرنسية في مشروع "لكلابه" وعملت مع الفرنسي "بيزي كلي" وقد انتخب بعد ذلك عمدة لمدينة "نانت" الفرنسية، وأمضيت في هذه الشركة عامين، وكنت أعمل 15 يوما فقط وبراتب كبير، وتعويضات عن العمل الزائد  على هذه الأيام 15.

السراج : لكن ما سببت اعتقالك مع جماعة 16 مارس؟

الحضرامي ولد الميداح : يوم الانقلاب كنت في منزلنا في لكصر ثم انتقلت منه إلى منزل في منطقة "كبتال" وهنالك أخبرني شخص أنه  رأى أحمد سالم ولد سيدي عند الإذاعة، وذهبت إلى لكنني منعت من الدخول

وبعد فشل المحاولة بدأت الاعتقالات، وكانت الاعتقالات شاملة وعشوائية ، واعتقلت في الطريق ووجدت في طريقي صديقي الشرطي باب ولد ابنك وقال لي : لا تحسد لي  العلاوة التي سأحصل عليها إذا اعتقلتك، وهنالك نقلوني إلى مفوضية الشرطة، ولقيت أحد كبار مفوضي الشرطة وهي يضع أمامه صحنا من المشوي، فأخذت قطعة لحم فقال لي : تأكل المشوي وأنت ستسجن، فقلت له : وهل على المسجون أن يموت جوعا.

لقد اعتقلنا في  مفوضية الإطفاء، كان من بين المعتقلين الوزير والسفير السابق أحمدو ولد عبد الله، والمرحوم محمد ولد هارون وعبد الله ولد سيديا، ومكثت هنالك 10 أيام ونقلنا لاحقا إلى منزل في لكصر معي محمدن ولد اشدو، وأحمد ولد عبد الله وبمب ولد سيدي بابا وشيخة ولد بيديه، وبقي مجموعة أخرى منها محمد ولد هارون الذي نقل لاحقا إلى للإقامة الجبرية في بوتلميت، وبعد أسبوعين أطلق سراح الفوج الأول من بينهم، وكان ذلك بعد تنفيذ الإعدام في منفذي الانقلاب لقد استمرت المحاكمة والاعتقال 11 يوما، وبالتالي نفذ فيهم حكم الإعدام في 27 من نفس الشهر مارس 1981

وقد سمعت حينها أن السلطات رفضت الوساطات الكبيرة من السعودية والعراق ولكن الرئيس حينئذ أجل لقاء الوسطاء إلى ما بعد تنفيذ الإعدام.

وقد أخبرني المحامون حينئذ أنهم الضباط واجهوا الموت بشجاعة نادرة، ورحلوا وتركوا خلفهم ذكرى إليمة، وجرحا لما يندمل بعد، يتجدد حزنه مع كل عام، لقد أخفوا قبورهم لحد الآن... لتكون القبور رهن الاعتقال حتى بعد أن صعدت الأرواح إلى بارئها.

الحضرمي ولد الميداح مع بعض رفاقهبعد الإفراج عني انتقلت إلى روصو وعملت في شركة تابعة للفرنسي الذي عملت معه سابقا في نواذيبو، ولاحقا شاركت في فيلم " فورسكان" وقد مثلت فيه مع "جيرا ردي بارديه"، وبعض الممثلين وكاترين دي نيف

وكان دوري في الفيلم دور الأمانة، وقوة العزم وكان اسمي فيه عبد الودود، وقد أعد لصالح الدفاع الفرنسي، يتعلق الأمر بتحالف وصلح بين قبيلة بيظانية يرأسها عبد الودود (أنا) ووقعنا الاتفاقية، والفيلم كان شبيها في نهايته بانقسام الكادحين، لأن أغلبية القبيلة المفترضة ساندت الاتفاق والأقلية عارضته، وقد استفدت من هذا الفيلم وحصلت منه على مبلغ مالي معتبر.

وبعد ذلك ذهبت إلى لاس بالماس، في نوفمبر 1983، واتصلت ببعض أصدقائي الفنانين العالميين كما أشرت إلى ذلك سابقا.

 

السراج : أزوان" الموريتاني ما هي روافده ،وهل هو قابل للتجديد والتطوير،وما مجالات الثابت والمتغيرفيه؟

الحضرامي ولد الميداح : يصعب تحديد أصول ثابتة لـأزوان الموريتاني، والحقيقة أن أصلها ذوقي توافقي فالبشر بمختلف أجناسهم ولغاتهم يعرفون النمط الموسيقي الجميل الذي يطربهم ويحرك مكامن شعورهم، وبالتالي قد تلتقي شعوب كبيرة في أنماط ومناهج موسيقية وفنية.

وعلى العموم فإن المدرسة الموسيقية في موريتانيا تأثرت برافدين أحدهما قادم من المغرب والأندلس، وثاني قادم من الأفارقة، وضمنه ما يعرف بالمقامات الخماسية، كما أن لدينا طرقا خاصة بالموسيقي الموريتانية" بعضها في ازراك" وبعضها في التحزام، وبعضها المصري الذي أبدعه المرحوم المختار ولد الميداح

وهنالك علاقة قوية بين الأدب الحساني، وبين الموسيقى، إضافة إلى علاقة مماثلة وقوية بين بحور الشعر العربي والموسيقي فعلى سبيل المثال (الوافر/والكامل) ينشدان في مقام كر، الذي يشبهه في الموسيقى العالمية (الجاز ولبلوز) والموسيقى الروحية، ويناسبه غرض المديح النبوي، كما أنه يتناسب مع الموسيقى المالية والغينية، وهما أساس الموسيقى القديمة المنبثقة من حضارة الماندينغ.

ومن المقامات الأخرى، فاغو التحرار وهو مستخدم أيضا عندنا وعند السودان ودول قرن إفريقيا,كما نلتقي مع ذات الدول والشعوب في لكحال، وهو المقام الأكبر في الموسيقى العالمية، ويلتقي فيه العرب والغرب وتعزف فيه أغلب السيمفونيات، وهو أكثر ما تجتمع فيه موسيقى الشعوب.

 

وبعد لكحال، لبياظ، وهو يجمعنا مع قرن إفريقيا وأمريكا والهند الصينية، ويغني هؤلاء في ابياظ اللين، ثم بيكي ونلتقي فيه مع موسيقي أغلب دول قرن إفريقيا.

وعموما فإن أزوان الموريتاني محيط لا ساحل يتأثر ويتقاسم بعض جوانبه الموسيقية لأن العالم يتقاسم الفن، وأذكر من الطرائف في هذا المجال أن بروفيسيرا كوريا أخبرني مرة أن دولا من آسيا تشترك معنا في كر والتحرار ولبياظ، وأنا شخصيا غنيت وعزفت السلام الوطني الكوري عند زيارة الرئيس الكوري إلى البلد، في مقام التحرار.

 وقد تعددت اهتمامات الفنانين الموريتانيين بأزوان وتطويره، وكان للمرحوم سيمالي ولد همد فال دور مهم في عليه اهتم بتاريخ الموسيقى لكنه لم يجد المعين ولا الدعم والمثل الحساني يقول "اليد الواحدة لا تصفق"، وكما يقول أبو الطيب المتنبي رحمه الله

بأي لفظ تقـول الشعــر زعنفة تجـوز عندك لا عــرب ولا عجم

هذا عـتابـك إلا أنـه مقـة قـد ضمـن الدر إلا أنه كلم

ولقد أصبحت اليوم على قناعة عميقة بأن على موريتانيا أن تركز على أن الناس سواسية وأن ترفع من شأن هذه المهنة الراقية التي يتولاها إيكاون فقط، لا بد أن تؤمم وتصبح حالة شعبية متاحة للجميع ويمارسها الجميع.

السراج : كانت لديكم علاقات خاصة مع كل من العميد محمد ولدسيد ابراهيم والأديب المرحوم الداه ولد اباتة هل تذكرون لنا جانبا من تلك العلاقة ،وكيف ترون تأثير الأخير في مجال الأدب الحساني؟

الحضرامي ولد الميداح : محمدن ولد سيدي ابراهيم أعتبره بمثابة والدي أتذكر أنه لما قدم من اندر إلى نواكشوط أقام عندنا في المنزل وقد أعطاني" كوستيما" سافرت بها إلى كوناكور، ذهبت وأنا عندي" فستين "واحدة أعطاها لي يعقوب ولد أبو مدين، والأخرى أعطاها لي كما قلت لك المرحوم محمدن، أما الداه ولد اباته فهو أخي وصديقي وقد تأثرت جدا عند وفاته وهو عملاق من عمالقة الأدب الحساني.

لقد كنت أعتبر أنني لست أقرب إلى والدتي ياقوتة من الداه، ولم يكن الداه يرى أنه أقرب إلى والدته مريم بنت أبو مدين مني، كانا أخوين ورفيقي حياة.

وقد جمعنا عصر  يسمى عصر اطيور وبتسمية من الداه رحمه الله.

وكان لدينا شور كافه الأصلي للمرحومة ياقوتة بنت أعل وركان

يارب دوم ذا الشباب

ال في الليل ابات اطيور

ادوم كوجيل ولعكاب

ولحديه والديك وصاكور

(كوجيل : الحضرامي، لعكاب، عبد الله ولد حسن، ولحديه الداه، والديك :محمد ولد هارون، وصاكور، عبد الله ولد حمادي).

ومن عصر اطيور المستشار الحالي لرئيس الجمهورية محمد يحيى ولد حرمة، واشتهر كافه المشهور.

 طير اكبال ولاهي تفتات

لعدت ال ماني منفور

عندي منقار أسبع وكفات

الا ناقر ولل منقور.

وكان بيننا اكطاعات مهمة من بينها هذا النموذج

الحضرامي

آن هذا واسمي كوجيل

داخل من لحدية لغرور

انج ال اعكاب الليل

واتنقسني هي لفجور.

 

فيرد الداه رحمه الله

الا تم امسع للباع

كوجيل انت راجل صبور

واشمذا راجل يصبر كاع

لمرا لا دخلت لغرور

الحضرمي

نقستيني وآن تاكي

واظلمتني من متن الجور

مان ظالم حد شاكي

من ظلمك للحي الغفور.

من ش مشهور انت عدت

كافك فالشور الا مشهور

واطيري بيه الا طرت

والا دحت يور مكرور.

كان من بين هذا العصر هارون ولد أحمد ولد الشيخ سيديا مد الله في عمره.

السراج : الأدب الحساني بعد الاستقلال إلي الآن كيف تصنفون مدارسه،وهل ترون أنه يعيش بخير،خصوصا بعد رحيل"امغنيين كبار"مثل الشيخ ولد مكي وهمام والطيب ولد ديدي وتقدم السن بآخرين مثل  أحمد سالم ولد الداهي،واعتزال آخرين مثل حضرتكم وابراهيم ولد اكليب وغيرهم؟

الحضرامي ولد الميداح : لن تخلوا هذه الأرض أبدا من الأدب الحساني وكلما ظن الناس أنه اندثر نبغ فيه أقوام جدد فأنا أسمع بين الفينة والأخرى إبداعات جديدة عند الشاب لا تتصور، إضافة إلى ذلك يوجد عمالقة من الأدباء لا يزالون يبدعون وينتجون مثل الأستاذ عبد الله السالم ولد المعلى فهو من أهم وأبرز منتجي الأدب الحساني وأكثرهم قدرة وتمكنا.

وعموما فإن الأدب الحقيقي هو الذي "لا يفرق الجماعة "كما يقول البيظان وهو الذي يقال في كل زمان ومكان، وعلى كل حال فأنا قلقا جدا على الشعر والأدب الحساني في هذا البلد ما زلت أرى أنه فيها نخبة من الشعراء، والشعر فيها بخير.

السراج : لم تظهروا في لجان التحكيم في المسابقات الأدبية أو الفنية المتعاقبة كما لم تظهروا أيضا كضيوف فيها ما تقويكم لتلك المسابقات ،وهل لديكم مآخذ عليها؟

الحضرامي ولد الميداح :الحمد لله على نسيانهم لي فهم لم يدعونني وأنا أعرف إذا دعيت فسأستجيب، لكن ما أريد أن أصل

إليه وأن يطبع أسلوب هذه البرامج أن يكون خدمة الفن والرقي بالفنانين والأدباء هدفه الأساسي وليس الدافع المالي كما هو السائد الآن، إن قطاعات الثقافة والفن والأدب تستقطب رصيدا ماليا كبيرا وتدر بشكل دائم أموالا كثيرة في كل دول العالم وبلدنا منها وتبقى عدم الشفافية وعدم الوضوح أشد ما يواجه تلك البرامج والمبادرات التي تعلن من حين لآخر.

السراج : أنتم الآن في اتحاد آباء التلاميذ يقول بعض الناس إن الرابطة هي "آباء راح"للتلاميذ وأن حضورها في التأثير علي المشهد التعليمي ضعيف جدا هل توافقون علي هذا الطرح؟

الحضرامي ولد الميداح : رابطة آباء التلاميذ أسستها أنا مع لمرابط ولد حمديت عندما رأينا مستويات أطفالنا متدنية فقررنا تأسيس هذه الرابطة وعممناها على عموم التراب الوطني.

ورغم ذلك لا نزال نعاني من تهميش الوزارة الوصية لم تعطنا لا مقرا ولم تبوب لنا في الميزانية أما علاقتنا مع الوزارة مثل  علاقة الفنانين الموريتانيين الذين لم يرتقوا إلى مرحلة العالمية ولم ينقلوا إنتاجهم الفني خارج الحدود، لينالوا الاحترام والتقدير اللازم، وإنما اقتصر عملهم على انتظار المناسبات "الأعراس" و كذلك الوزارة عندما تكون لديها مشكلة تأتينا وحينما تنتهي المشكلة تنسانا.

ويصدق على تلك العلاقة قول المختار ولد الميداح رحمه الله

عيلنا بداعت تتياه   كان أغن محمد محمود

لمولان واشكال امعاه  الليل محمد محمود

لا يوجد لدينا أي باب في أي ميزانية، ونحن أعضاء في الرابطة الإفريقية لرابطة آباء التلاميذ وكل دولة تخصص 5% من ميزانيتها لتلك الرابطة.

 

السراج : ما هو الشيء الذي ندمت عليه في حياتك؟

الحضرامي ول الميداح : حياتي كلها كانت مستقيمة ولله الحمد لم أندم يوما على أنني لم أشرب الخمر، وهذه المسائل قد أتيحت لي أذكر في الجزائر مرة عرضوا علي فرنسيين أن أذهب معهم وأسجل لهم أسطوانة واحدة وأنهم سيعطونني قدرا كبيرا من المال لكنني رفضت.

السراج : ما هي وجهت نظرك في القضايا التالية:

الحضرامي : العيش: مائدة أحبها، وهو عيش كما يقال.

إكيدي: أظن أن شخصا مثلي ولد في انكيكم لا يمكن إلا أن يكون محبا لإكيدي، وقد كانت مجالا لحضارة قائمة على سيطرة الإنسان على شخصيتها وتحكمه في أعصابه.

طريق المذرذرة : كانت مرة اسمها طريق الوفاء، وكان الرئيس قد قال حينها إنها سيعبدها وأن كلامه ليس من كلام الحملة، ونحن الآن نحتاج إلى أن نعرف أي كلام هو.

المتروشه: تيدينيت أحمدو ولد الميداح، وبالمناسبة هو أول من غنى من هذه الأسرة وكان جهوري الصوت فخم الغناء آية في حسن الأداء.

وزارة الثقافة : أوردها سعد وسعد مشتمل   ماهكذا يا سعد تورد الإبل

السياسة : أنا عضو في حزب الوئام، وأرجو أن تكون السياسة سببا للوئام بين الشعب الموريتاني وإن كنت لحد الآن أحد أسباب الفرقة.

 

السراج : شكرا لكم