الإعلان عن جائزة همدي لحرية التعبير وحقوق النشر
الخميس, 29 أكتوبر 2015 08:33

altaltأعلن محد فال ولد سيدى اميله رئيس نادى الصحفيين المهتمين  بنشر قيم حقوق الانسان عن حائزة محمد سعيد ولد همدي لحرية التعبير وحقوق النشر، جاء ذلك في حفل تأبيني  للفقيد نظمه النادي مساء أمس وألقى فيه رئيس 

النادي خطابا هذا نصه، بعد الترحيب بالمدعوين:  

  إننا لا ندري، ونحن نؤبـّـن الفقيد محمد سعيد ولد همدي، هلْ نرثي فيه الصحفي النظيفَ،  المرهَـفَالحس، السريعَ البديهة؟.. أم نرثي فيه الدبلوماسيّ الكيـّــسَ، اللبيبَ، المحنكَ، السمْحَ، الراجحَ العقل؟.. أم نرثي فيه المؤرخَ الموضوعيّ، الثاقبَ الذهن، الفاهمَ، الدارسَ، الملمَّ بخبايا الماضي؟.. أم نرثي فيهالحقوقيّ العنيدَ، المنافحَ عن قيـّـم العدالة، الصابرَ على جور الطغاة، المسالمَ في نضالاته، الداعيّ إلىالمساواة، المشرئبَّ إلى مستقبل خالٍ من الهزات، لا سيـّــدَ فيه غير القانون؟.. نعم، لقد جمع الفقيدُخصال الصحفيين والدبلوماسيين والمؤرخين والحقوقيين، ومضى إلى بارئه وهو لم يخن أبدا أيا من تلكالخصال. هكذا عرفناه، وهكذا شهدت له المنابرُ والأحداث والأوراق والأقلام. كان محمد سعيد رجلَ المهمات الصعبة، لذلك ضرب موعدا مع التاريخ في معمعان نضالات الانعتاق،فاختير- بالإجماع- رئيسا لأول ميثاق يوضع في موريتانيا دفاعا عن حقوق المهمشين وصونا لكرامةلحراطين، فلم يكن بالمُـتلكــّــئ ولا الحَـرون، بل أعطى كل وقته وكل طاقاته من أجل إنجاح ذلك المشروعالمجتمعي الطموح، فكان صَبُورًا أمام سيل الانتقادات الجارفة، وكان متريثا وسطيا معتدلا أمام دعواتالصدام، وكان عنيدا قويا أمام محاولات شيطنة التيار.

والحقيقة أن دور المرحوم لا يقتصر على النشاط الحقوقي المحض، فقد سعى إلى تأسيس مؤسساتتــُـعنى بحقوق الإنسان، وجسد ذلك في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي كان مؤسسها الفعليوواضع أهدافها ومبادئها لتوائم أرقى المواثيق الدولية، وكانت عهدته تعكس إنسانيته وحياديتهواستقلاليته واتساع أفقه، فأمام المخالفين، مهما شذت آراؤهم، ترك الفقيد أثرا تاريخيا كبيرا في كلمواطنيه، ذلك الأثر الذي ظل ويظل لاصقا بأذهان كل من عرفه شخصيا أو شاهد أفعاله أو سمعبمواقفه.. وفي كل تلك المحطات؛ استطاع الرجل أن يجمع الآراء المتنافرة، وأن يوحّد الشخصيات المتناقضة، وأنيضمن سلمية المسار من أجل موريتانيا متصالحة مع نفسها، آمنة من ويلات التشرذم. لقد شكل المسارُ الحقوقي خاتمة مِسْـكاً لأعمال ومساعي هذا الطود الذي لم يعرف في حياته غير البذلوالعطاء في سبيل بناء دولة موحدة، ضامنة لحقوق الكل، وذابّـة عن حرمة الكل، وهادفة إلى مصالحالكل، دون ميز أو تمييز في العرق أو اللون أو الموقف.

إن علينا الآن، ونحن نعيش صدمة فراق أحد أكبر المثقفين عبر كل مفاصل تاريخ موريتانيا، أن ننهل منجداول حكمته وزلال اعتداله وأنـْـهُــر قوته وصلابته كلما تعلق الأمر بحقوق المستضعفين.

إن علينا أننظل على الدرب الذي اختطه لنضالاتنا ولحقوقنا ولمستقبلنا، فلا ننزلق، قيدَ أنملة، إلى الصدام، ولانتراجع، قيد أنملة، عن حقوق المقصيين والمهمشين. هكذا كانت رؤية المغفور له، وهكذا أراد لرفاقه أنيكونوا.

إن إلقاء الضوء على مواقف ورهانات الراحل، وتذكير الفاعلين الإجتماعيين والإعلاميين، وكذا الأجيالاللاحقة، بدور محمد سعيد ولد همدي في خدمة الوطن والمجتمع والثقافة يبقى أمانة في أعناقنا..  و وفاء منا لتلك الأمانة التاريخية، فإن نادي الصحفيين المهتمين بنشر قيم حقوق الإنسان يعلن عن"جائزة سعيد لحرية التعبير وحقوق البشر"، وهي موجهة في الوقت الحالــي للصحفيين فقط،فيما سنعمم- في وقت لاحق- الشروط والمجالات وتاريخ التسليم.

هكذا أردنا نخليد روحه الطاهرة بترسيخ فكره الثائر، وتعميم رؤاه النيـّـرة، والكفاح من أجل بلوغ أهدافهالسامية المتمثلة في العدالة، والمساواة، والوحدة، والإنصاف، وإعادة بناء الدولة والمجتمع على أسسسليمة يَــمَّحي فيها الغبنُ، وتختفي فيها الكراهية، ويسود فيها العدل.. إذن، فلتصعدْ روحه الطاهرةلتعانق مقامات الصدّيقين والشهداء، ولنتشبث نحن بقيـّـمه وأخلاقه ومراميه من أجل الغد المشرق الذيطالما حَـلـُــمَ به. تغمد الله سعيــدا بواسع رحمته وأسكنه الفردوس الأعلى -