الحوار الوطني.. معالم مشهد سياسي يتشكل
السبت, 05 سبتمبر 2015 14:52

altaltأعلنت الحكومة الموريتانية في وقت سابق من هذا العام استعدادها لإجراء حوار شامل مع كافة ألوان الطيف السياسي في البلاد,  لتجاوز المرحلة الحالية، والدخول في مرحلة جديدة تُنهي حالة الجفاء بين النظام والأحزاب المعارضة الراديكالية.

وفي هذا السياق دخلت الأحزاب السياسية في اجتماعات تهدف من خلالها إلى التوصل الي موقف نهائي بخصوص المشاركة في الحوار من عدمها .

 

المواقف الأولية من خلال بعض الإيحاءات السياسية تشير إلى مشاركة بعض الأحزاب المنضوية في منتدى المعارضة بينما تتباين مواقف أحزاب أخرى من الرفض المطلق إلى وضع شروط للمشاركة.

 

جبهة الرفض المطلق

 

ويقودها حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يترأسه احمد ولد داداه ، وكان أول حزب من أحزاب كتلة المنتدي يعبر عن موقفه الرافض للحوار جملة وتفصيلا من خلال بيان اصدره مكتبه التنفيذي قبل يومين , وحمل البيان انذارا ضمنيا لقيادات الحزب بعدم الدخول بشكل فردي في حوار لاينتهجه الحزب، وتوحي لغة البيان بشكل لالبس فيه بعمق الخلافات داخل قيادة التكتل، الذي يصر رئيسه على أن أي حوار يعني مد طوق نجاة لنظام مهرتئ بات يغرق.

 

وتصطف خلف التكتل في هذا الموقف أحزاب صغيرة في المنتدى من بينها: إيناد، اللقاء الديمقراطي، الذي يواجه انقساما في مكتبه التنفيذي حيال الحوار.

 

وعلى نفس المنوال يتخذ حزب "تواصل" نفس الموقف لأسباب ومبررات مختلفة، فالحزب الذي "خدع" المنسقية في نيابيات 2013 وشق عصا المعارضة بمشاركته في الانتخابات يرى أنه حقق الكثير في ظل مقاطعة زملائه، وأي حوار جديد يعني بالضرورة حل المجالس البلدية والنيابية، وخسارة هذه المكاسب، والحزب "البراغمانتي" على غرار نظرائه من الأحزاب الإسلامية في العالم (المغرب نموذجا) لايريد أن يفسح المجال أمام باقي الأحزاب المعارضة لمشاركته في هذه المغانم، خاصة وأنه يقود مؤسسة المعارضة لأول مرة في تاريخه بسبب حضوره المعتبر في البرلمان الموريتاني، وهو حضور ما كان ليتم لولا مقاطعة أحزاب: التكتل، قوى التقدم.

 

ويرى آخرون أن من مصلحة "تواصل" في ظل الوضع الدولي الراهن الذي لا يصب في قالب تيار الإخوان المسلمين أن يهادن النظام ويدخل معه في حوار سياسي لتفادي النتائج العكسية لخروج الحزب من الحياة السياسية للبلد وبالتالي سهولة إختراقه والتضييق عليه أو حتى سحب رخصته، وهو ما لن يشكل محور تدخل خارجي في ظل نزول أسهم الإخوان المسلمين بالبورصة السياسية الدولية.

ويتناغم موقف حزب "حاتم" إلى حد بعيدا مع "تواصل" فهو به يتأثر وينسج المواقف على منواله.

المذبذبون..

 

ويمثلون تيارا عريضا داخل المنتدى ويقودهم حزب "اتحاد قوى التقدم" وهو حزب يواجه انقاساما قويا في مكتبه التنفيذي حيال الحوار وهو نفس الانقسام الذي أوشك على تفجير الحزب عشية انتخابات 2013 بين تيارين يتنازعان الصدارة في هرم هذا الحزب اليساري..

 

ويري الفريق الذي يضم أغلبية المكتب التنفيذي للحزب أن المشاركة في الحوار يجب أن تنبني علي أساس تنازل ولو شكلي من الأغلبية لصالح بعض شروط المعارضة .

 

بينما يري الفريق الآخر أن من مصلحة الحزب المشاركة في الحوار  كأساس لعودة الحزب الي الحياة السياسية في البلاد من خلال المشاركة في الإنتخابات البلدية والتشريعية التي ينتظر ان تكون ثمرة من ثمرات الحوار المرتقب.

 

وسبق لحزب اتحاد قوى التقدم أن انتزع تنازلات لا بأس بها من نظام ولد الطائع عندما دخل معه في حوار ثنائي عام 2002 وهو ما عرف أنذك بسياسة المساومة الوطنية.

 

وعلى غرار قوى التقدم تتبنى أحزاب أخرى مواقف مشابهة من بينها: التجمع من أجل الجمهورية، والحراك الشعبي، والحركة من اجل التأسيس، وهي احزاب صغيرة ويقودها جيل من "المناضلين" الجدد، يقال إن فترة النضال في صفوف المنتدى ومن قبله المنسقية أرهقتهم كثيرا وهم يبحثون عن أي مبرر لاتخاذ استراحة "مناضل" والهروب من إكراهات العمل السياسي في صفوف المعارضة، خاصة وأن من بينهم طبقة من النبلاء وأبناء النبلاء ممن لا يجيدون سياسة شد البطون وحث الخطى في مسارات قد لاتبدو لها نهاية في الأفق القريب..

 

أيا كانت التحليلات والتأويلات فإن الحوار الوطني المرتقب بعد غد الإثنين سيعيد ترتيب خارطة المشهد السياسي في البلاد، على ضوء إعادة التشكل التي بدأت مع رسالة الحكومة إلى الأحزاب السياسية منتصف الشهر الماضي , وعلي الذين يصرون علي مقاطعة الحوار الوطني استخلاص العبر من مواقف مشابه في الماضي و ان سياسة المقعد الشاغر لاتخدم المصلحة العليا للبلد  .

 

محمد فال ولد لمرابط