موريتانيا: حالة من الترقب والتوتر بعد مظاهرات الخميس وحزب التناوب يندد بالقمع
السبت, 01 أغسطس 2015 20:40

altalt(مدونون يتهمون السفير الأمريكي بدعم التظاهرات لتقسيم موريتانيا كما قسم السودان)

 

عاشت موريتانيا أمس حالة من الترقب والتوتر بعد المواجهات العنيفة التي واجهت فيها شرطة مكافحة الشغب ظهر الخميس، العشرات من نشطاء المبادرة من أجل انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا) الذين نظموا تظاهرات طالبوا فيها بإطلاق سراح كل من بيرام ولد الداه ولد اعبيد رئيس الحركة وإبراهيم ولد بلال رمضان نائب الرئيس الموقوفين بحكم قضائي منذ أشهر.

وحسب معلومات لم تؤكد من جهة رسمية فقد تمخضت مواجهات الخميس عن جرح أربعة أشخاص وإصابة العديد من المتظاهرين بالإغماء، كما أسفرت عن اعتقال عشرين شابا من نشطاء حركة «إيرا» يتواصل التحقيق معهم لإحالتهم للقضاء.

وقد لزمت الحكومة الصمت إزاء هذه الأحداث، فيما أكد نشطاء حركة «إيرا» غير المرخصة، أنهم «نظموا وقفة سلمية فقمعتها الشرطة بعنف مما اضطرهم للدفاع عن أنفسهم». وتابعت الشرطة حراستها المكثفة للسوق المركزي في العاصمة نواكشوط الذي اختاره المتظاهرون موقعا لتنظيم احتجاجاتهم، فيما فتح عدد محدود من دكاكين السوق المركزي الأبواب، وهو ما يؤكد حالة التوجس والتخوف من تجدد المظاهرات.

وأدان حزب التناوب الديمقراطي المعارض في بيان وزعه أمس أحداث الخميس ووصفها بأنها «بدأت تأخذ منحنى خطيرا من خلال مصادرة النظام للحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير».

وأكد الحزب «إدانته الصارخة للقمع الوحشي والاعتقالات التي طالت المشاركين في التظاهرة»، معتبرا «ما حدث انتهاكا صارخا للحق في التعبير والتظاهر السلمي الذي يكفله الدستور».

وطالب الحزب السلطات بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين وفي مقدمتهم رئيس الحركة بيرام ولد الداه ولد اعبيد»، محملا في بيانه «نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز المسؤولية الكاملة عن ما قد ينتج عن استعمال العنف من مخاطر على أمن واستقرار البلد». وأعاد الحزب إلى الأذهان «أن ظاهرة الرق ومخلفاته تشكل أكبر تهديد لوحدة وتماسك المجتمع الموريتاني، ولن تحل بالتمادي في ممارسة القمع ومصادرة الرأي».

وأكد حزب التناوب الديمقراطي «أن المبادرة من أجل انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا) نظمت وقفة سلمية للمطالبة بإطلاق سراح قادتها وللتأكيد على مطالبها المتعلقة بالقضاء على العبودية ومخلفاتها والغبن الاجتماعي، حيث جوبهت هذه الوقفة من طرف قوات الشرطة بقمع عنيف أدى إلى سقوط العديد من الجرحى، واعتقال عدد من أعضاء الحركة، وذلك بدل التعاطي بمسؤولية مع مطالب المحتجين، والبحث لها عن الحلول المناسبة».

وقد اتهمت وكالة أنباء الشرق المستقلة السفير الأمريكي بنواكشوط ألان آندري بدعم التظاهرة.

ونقلت الوكالة عن ما سمتهم «مصادر من داخل حركة إيرا العنصرية»، أن ممثلين عن الحركة التقوا السفير الأمريكي قبل يومين وأخبروه بأنهم بصدد الاحتجاج من أجل إطلاق سراح زعيمهم حيث أبلغهم السفير أن الوضع حرج، وأن السفارة الامريكية غير مستعدة في الوقت الحالي ﻷكثر من المفاوضات مع النظام لحل المشكلة، لكنها مع ذلك لن تبخل بأي دعم مادي وهو ما أكده بالفعل حين منحهم مبلغ عشرة ألاف دولار» حسب وكالة الشرق.

واتهم المدون البارز محمد الأمين الفاظل السفير بالسعي لتقسيم موريتانيا، كما فعل في السودان، وتوجه للموريتانيين في تدوينة له أمس قال فيها «أيها الموريتانيون، يمكنكم أن تواصلوا تفرجكم الساذج على تحركات السفير الأمريكي، ولكن عليكم أن لا تلوموا إلا أنفسكم، إذا ما استيقظتم على فاجعة بعد حين، كما استيقظ من قبل ذلك إخوة لكم في السودان على فاجعة، لم ينتبهوا لها إلا بعد أن حلت بأرضهم، رغم أن كل العلامات الكبرى والصغرى لقرب حدوث تلك الفاجعة كانت بادية للعيان».

يذكر أن شريحة «حراطين موريتانيا» التي تعتبر المبادرة من أجل انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا) أحد منابرها، تطرح منذ بداية سبعينيات القرن الماضي مطالب ملحة للإنصاف والمساواة في مقدمتها قضية الرق ومحو آثاره المتشعبة مع التميز عن العائلات العربية والزنجية التي مارست الرق في الماضي.

وبضغوط من سياسيي مجموعة الحراطين، تم إلغاء العبودية ثلاث مرات في موريتانيا آخرها سنة 1981 ثم صدر قانون يجرم العبودية والممارسات الاستعبادية في شهر آب/أغسطس سنة 2007. وحاول الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع احتواء أزمة «الحراطين» التي انفجرت في خضم عهده حيث عين أفرادا منهم في مسؤوليات كبيرة، غير أن الأزمة لم تحل بل بقيت مطمورة جمرا تحت الرماد.

ورغم أن شخصيات من شريحة «الحراطين» تتولى حاليا مسؤوليات كبيرة في الدولة الموريتانية، بينها رئيس البرلمان محمد ولد ابيليل ورئيس المجلس الدستوري الصغير ولد امبارك، إلا أن الفترة الحالية تشهد تحركا واسعا لنشطاء بينهم الساموري ولد بي وبينها بيرام ولد اعبيدي وآخرون.

ويتألف المجتمع الموريتاني من القبائل العربية البربرية ومن ضمنها مجموعة «الحراطين، والقبائل الزنجية «البولار» و»السنوكي» و»الولوف».

هذا ولا توجد إحصائيات متفق عليها لكل واحدة من هذه المكونات، إذ يدعي العرب أنهم مع «الحراطين» يشكلون الأكثرية بينما يرى «الحراطين» أنهم يشكلون وحدهم نصف عدد سكان موريتانيا.

«القدس العربي»