موريتانيا في مواجهة  فساد متعدد الاتجاهات !!

أربعاء, 01/31/2018 - 21:50

ما الفائدة، يا ترى، من معاودتنا للكتابة قي كل مرة عن ذات المواضيع ، التي ، برغم أهميتها البالغة،   لا تجد أدنى إصغاء من لدن حكام البلد الذين ترجع إليهم المسؤولية الأولى في أخذها بين  الاعتبار و البحث عن إيجاد حلول لها ، أو العمل على تخفيف آثارها ، أو الحد من اتساع نطاقها لصالح المواطنين ، الذين يصرخون منها بالليل و النهار، و ينادون هل من مغيث !

 

فلقد كتبنا  في الدرب، على امتداد أربع سنوات متتالية، عن تفشي الرشوة  و المحسوبية ، و عن انعدام روح المسؤولية لدى موظفي الخدمة العمومية  قي كافة مرافق الدولة؛  و كتبنا  عن ارتفاع الأسعار المذهل للمواد الضرورية، و عن الخطورة المزدوجة  لانعدام الأمن الاجتماعي ؛ و حذرنا من استفحال ظاهرة السطو المسلح على الأسر  الآمنة في بيوتها؛ و قلنا  إن التمادي في تجاهل نمو هذه الظاهرة و إغفال أسبابها ، و تركها يتسع نطاقها  و يتعاظم خطرها على المواطنين سيؤدي ، في نهاية الأمر، إلى يأس المواطنين من أجهزة الأمن الوطنية ؛ و هو ما سيترتب عليه ، حتما، سعي الناس إلى اقتناء السلاح ليؤمنوا أنفسهم و يؤمنوا ممتلكاتهم؛  و هو ما سيقود، أيضا في متتالية سلبية، إلى انتشار السلاح بين البسطاء و العامة و الجهلة داخل البيوتات ، مما يعرض الجميع لاستخدام السلاح في أول خصام ، وفي أتفه نزاع ؛ و الأخطر من ذلك خطورة السلاح على الأطفال و ذويهم من الرصاصات الطائشة !

 

إن بوادر ما حذرنا منه قد بدأت، و سنشهد تعقدا  كبيرا لمشهدنا الأمني في قابل الأيام و الأسابيع و الشهور  ، خصوصا و أننا كتبنا عن أن استشراء ظاهرة الخطاب الفئوي التحريضي و تغافل السلطات المريب عنه ، بل و الترخيص السياسي لحملته  بين المجتمع ، ستنشأ عنه، هو الآخر، تعقيدات اجتماعية متطرفة  ذات طابع شرائحي على مستوى كل شريحة؛ مما قد يسفر عن إشعال نيران فتنة أهلية يصعب على الدولة و أجهزتها المهترئة احتواءها. و كنا ، في سياق التحذير من الفساد متعدد الاتجاهات، كتبنا عن انتشار الأدوية المزورة و المنتهية المفعولية و سيئة الحفظ في الصيدليات المنتشرة كالحوانيت الأهلية في كل زقاق بعيدا عن أية رقابة من الوزارة المعنية ؛ و قلنا إن هذه الأدوية  قد تكون من آكد أسباب انتشار أنواع مختلفة من السرطانات  بين مواطنينا... و مع تكرارنا، مع سوانا من أبناء هذه البلاد الذين يألمون لحال شعبهم،  و برغم كتاباتنا على أكثر من صعيد عن هذه الظواهر بالغة الخطورة على السلم الاجتماعي ، فلم يلمس الإنسان الموريتاني ، يوما، أي اهتمام من السلطات الحاكمة لهذه المواضيع ، ولم تتحسن ظروفه على أي مستوى من هذه الظواهر الخطيرة كلها؛ بل يكاد الواقع يؤكد من سلوك هذه السلطات أنها إما عاجزة  تماما عن مواجهة هذه المخاطر، وإما متواطئة.. أو ماضية في تغافلها و تجاهلها  بنية إيصال  البلاد إلى حافة الانفجار لهدف  سياسي  قادم  سيجري استثمار رصيد الخوف  لصالح أجندة معينة في خضمه، و هو ما يستعصي على صاحب عقل التكهن بمآلاته؛  إذ لا يعقل أن تترك سلطة بلدها ينهار أمام عيونها بفعل فساد متعدد الاتجاهات  دون أن تبادر إلى اتخاذ سياسات و إجراءات اقتصادية و اجتماعية و سياسية و أمنية ، وإدارية لمواجهة تحالف هذا الكم الهائل من عوامل الانهيار ؛ أي أن تترك السلطة الأوضاع تسوء باطراد ، والبلاد تتجه نحو هاوية  لا تخشى عليها خطر الضياع ، كأنها تتفرج على مشاهد من مسرحية .. فهذا مما لا يستطيع العقل قبوله ! 

 

من العدد 42 من جريدة الدرب العربي لسان حال حزب البعث - قطر موريتانيا