أزمة الخليج.. هل أزفت لحظة الحسم؟!

سبت, 06/24/2017 - 23:16
محمد سعدن ولد الطالب   رأي اليوم

بعد نحو ثلاثة أسابيع من الانتظار، وإثر حراك دبلوماسي لافت قاده أمير كويت ودخلت على خطه قوى دولية وإقليمية عديدة، قدمت الدول الأربع التي تقاطع قطر قائمة مطالبها، ومنحت الدوحة مهلة عشرة أيام للتنفيذ..

قائمة المطالب التي سربتها وكالات أنباء عالمية شملت بنودا عدة أبرزها إغلاق القاعدة التركية في قطر وإسكات الجزيرة وتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، وبالرغم من أن رد الفعل الرسمي القطري، مازال لم يتضح بعد، إذا أعلنت الخارجية القطرية أنها تدرس الطلبات والأسس التي بنيت عليها لإعداد الرد، إلا أنها استخدمت عبارة “المطالب غير الواقعية” في دلالة واضحة،  كما أن أغلب الأصوات الإعلامية القريبة من صناع القرار  في الدوحة، كلها تجمع على الرفض الكامل لهذه المقترحات، والنظر إليها باعتبارها شروط إذعان وليست مطالب دبلوماسية عادية..

ولعل أبسط نظرة على  البنود الواردة في الوثيقة المسربة تظهر أننا أمام حالة من الدفع نحو  بناء “قطر جديدة” بعقيدة سياسية مختلفة بعيدا عن الحلفاء التقليدين والمدرسة الإعلامية التي عرف من خلالها اسم قطر واختطت نهجا مغايرا عن الإعلام التقليدي العربي على مدى عشرين سنة..

مقابل ما يرشح من رفض قطري كامل للمطالب الخليجية، تبدو هناك حالة إصرار في الدول المقاطعة على جدية الأمر، ودعوات رسمية وشبه رسمية للدوحة بأن تنصاع  وتنفذ المطلوب منها فورا، وسط إيحاءات بأن القادم ربما يكون أصعب وأن الفرصة المتاحة للدوحة للتوبة والعودة إلى الحضن الخليجي لن تكون مفتوحة إلى الأبد..

اللافت أنه رغم مرور نحو أربع وعشرين ساعة على تسريب وثيقة المطالب هذه، فإن ثمة صمتا دوليا مطبقا وخاصة من جهة واشنطن التي سبق أن حثت الدول المقاطعة على تقديم “طلبات واقعية وقابلة للتطبيق”، هذا إذا ما استثينا تصريحات مكررة للخارجية الأمريكية حول ضرورة ضبط النفس، كما أن الوسيط الرسمي أمير دولة الكويت لم يعلق حتى الآن على الأمر وكأنه اكتفى بدور توصيل الرسالة في انتظار الجواب الرسمي القطري…

هذا الصمت الدولي، قطعه تصريح لافت لوزير الدفاع التركي رفض فيه بشدة إعادة بحث موضوع القاعدة التركية في الدوحة، معتبرا إياها شأنا ثنائيا خالصا…

قد لا تكون الخيارات كثيرة أمام الباحثين عن مخرج دبلوماسي لهذه الأزمة التي جعلت مجلس التعاون الخليجي يترنح تحت احتمالات التفكك، وذلك نظرا للإصرار والإصرار المضاد من قبل الطرفين، خاصة إذا ما اعتبرت الدوحة أن القائمة المقدمة إليها غير قابلة للنقاش، وهو مايلوح في الأفق، فالدبلوماسية عادة هي فن التوفيق والبحث عن الحلول الوسط، وعندما تكون الأمور وصلت إلى درجة التضاد والخطوط المتوازية التي لا تلتقي أبدا، حينها فإن حظوظ العمل الدبلوماسي تبقى قليلة إن لم تكن منعدمة..

يحتاج المرء أن يفكر بالمعجزات، حتى يتوقع نهاية طبيعية لهذه الأزمة الخطيرة، وهو ما يعني عمليا أننا سنكون خلال الأسابيع المقبلة أمام مشهد خليجي وإقليمي مختلف، فقد لانرى مجلس التعاون، على الأقل بصيغته الحالية، كما أن التحالفات الكبرى ستشهد بعض التحول، فلن يكون من المستغرب أن ينشط محور الدوحة أنقرة طهران من جديد، وأن يتم اجتراح حلول سريعة للجرح السوري النازف، وأن تمد موسكو مظلتها الإقليمية لتضم إليها قطر التي ظلت منذ تأسيسها تدور في الفلك الأمريكي…

*كاتب وإعلامي موريتاني

[email protected]