قطر و سيجارة الجنرال

ثلاثاء, 06/06/2017 - 23:57
حنفي ولد دهاه

يتوقف تفكير الأغبياء في إشعال السيجارة و مصّها و الانتشاء بسموم النيكوتين، دون أن يفكروا فيما قد تسببه لهم من سرطان رئة و تصلّب شرايين.. هكذا أيضا يفكر الجنرال محمد عليون، الذي لا يملأ جمجمته دماغ و إنما مخاط. فقد قطع علاقاته الدبلوماسية مع قطر، تملقاً للسعودية، غير آبهٍ بنتائجه السلبية على مستقبل بلاده.

لم اتفاجأ من قراره الأرعن، فقد انتظرته طوال اليوم، لمعرفتي أنه حين يكون الخيار بين الحداثة في السنّ و في القيم التي قد تمثلها قطر و بين شيخوخة الفكر و العمر التي تمثلها القيادة السياسية في السعودية، فلن يكون انحياز ولد عبد العزيز لغير الأرذل..

لا يمكنني أن أقول إن ولد عبد العزيز فكّر و هو يتخذ هذا القرار في الدعم المادي السعودي، لأننا لم نشهد من الأخوة في قطر شحّاً في النوائب، و لا إعراضاً عند المصائب.. و لكن لعل الجنرال الأرعن فكّر في أن السعودية قد تساءله إن شذ عن سربها عن الخمسين مليون دولار التي دعمت بها المؤسسة العسكرية، فذابت كفص ملح في ماء، حيث لم يعثر لها على أثر و لا عين في ميزانية الدولة.. شأنها في ذلك شأن العشرين مليون دولار التي موّلت بها السعودية مشروع إعادة إعمار الطينطان.

و لعلّ الأرعن فكّر أيضاً في دور السعودية في تسليم عبد الله السنوسي للسلطات الليبية، و اللقاءات التي جمعت رجل أعمال سعودي بابن الرئيس الراحل احمدُّ، حيث أُبرمت صفقة يلفها الضباب في عاصمة الضباب في لندن، انتهت بتحويل ثلاثين مليون دولار في حساب شخصي..

فماذا لو كشفت السعودية المستور، و أخرجت ربات الخدور.. و أحرجت البطة العرجاء في “البيت الأزرق”، فهو في غنىً عن الفضائح حيث يفتش كاللص عن طريق نجاته، في تواطؤ على استخلاف أو مأمورية ثالثة.؟!

الرئيس الموريتاني الغبي، لم يستحضر الحكمة الشعبية عن “الدخول بين الأشقاء” فنهاية الجفاء أن يعود الصفاء، و يشمّ تميم أنف سلمان، و يربت العجوز الأحدب على كتف الشاب الأمرد، مردداً: لا تثريب عليك أيها الفارس التميمي..

عندها يترتب البيت الخليجي، و يبقى في ذاكرة القطريين أن الموريتانيين ظاهروا عليهم أخوةً أعداء، و أعانوا عليهم و لم يعينوهم..

إن لم نردّ للقطريين أياديهم البيضاء في النائبات، و نشكر للأمير الشاب حضوره لقمة نواكشوط يوم تغيّب عنها سلمان، فلا أقل من أن يسعنا ما وسع المغرب و الجزائر و السودان.. فنتبنى موقف الحياد من صراع الأشقاء..

و لكن الدكتاتور ولد عبد العزيز، الذي يبحث عن طريقة للاستمرار في السلطة، راغماً أنف الدستور، لا يجد ما يشدّه لقطر التي دعمت الثورات العربية، و دكت عروش الطغاة، و انحازت للمواطن العربي، و بسطت حرية الرأي و التعبير، و إنما قد يجد نفسه في ركب السعودية، حيث الاستبداد و هدر حقوق الإنسان، و مصادرة الرأي و التفكير.

نعتذر لقطر، فلو نُعطى الخيار لما افترقنا.. و لكنه لا خيار مع جنرال أرعن..!

 

نقلا عن تقدمي