إلى متى تنافقون؟

أحد, 09/25/2016 - 20:14
عثمان جدو

مع أني لست من الذين سبق لهم أي انتماء حزبي لا في الموالاة ولا في المعارضة ، ولأني لست على نية ذلك في المسقبل؛ أجدني مضطرا على الرد بطريقة ما على ماورد في مقال *إلى متى تكذبون؟* ، إحثقاقا للحق وإنصافا للواقع؛

 

لقد استهل صاحب المقال هذا (مقاله) بمغالطة مفادها أنه غير معني بحرب الوثائق-كما سماها- الدائرة بين حزبي *التكتل* و*الاتحاد* وأنه يتحدث بعيدا عن السياسة، الشيء الذي لن ينطلي زيفه على متابع القراءة لهذه السطور والذي سيدرك لا محالة أن الكاتب أخذ موقع المدافع بامتياز عن أحد الأطراف، المهاجم بشراسة على الطرف الآخر..!

 

لقد بدأ الكاتب بإبداء استغرابه من أن يجرؤ أي موريتاني كان على تأكيد أن موريتانيا بخير اقتصاديا، وأن مواطنيها يعيشون بهناء ورخاء..وأوضح أن محل الاستغراب ليس فقط لأن هذا -كما يقول- كذب وافتراء؛ وإنما لأن القائل به-حسب زعمه- مساهم مباشر في إفقار (هاذ) الشعب!!، وأرجو منه هنا بالذات وهو الإعلامي الذي يفترض به أن يكون صاحب خبرة إعلامية وقدرة لغوية، أرجو منه أن لا يعود إلى كتابة هذا بإدخال الألف بين الهاء والذال، كما أرجو منه مستقبلا أن يعطي واو الجماعة حقها المكفول في اللغة العربية في حيازة الألف بعدها مباشرة، وهو الشيء الذي تعدى عليه في الكلمات التالية: ( ليسو، خرجو )، فمثله من الإعلاميين لا تغتفر له هذه الأخطاء وأقول أخطاء لأنها تكررت معه مرات وليس في هذا المقال فحسب بل قبله وارجو أن لا تعود بعده، وعليه أن لا يكتب مستقبلا (لم يرى) هكذا؛ نفس الحال مع (لم يقضي) فمثله عليه أن يكون على دراية أن علامة جزم المعتل الآخر هي حذف حرف العلة وجوبا!؟، وبالتالي تكون الكلمات كالتالي [ لم ير ، لم يقض ] وعليه أن ينصف الهمزة إذا كانت في الوسط وكانت مرفوعة ويبتعد عن ظلمها وإنزالها عن واو ركوبها الذي أبدله النبرة (انتمائه  بدل انتماؤه ) وليته جعلها على السطر على الأقل تخفيفا للظلم وكسر القواعد!؛

 

لن أطيل بخصوص أخطاء اللغة لأني لست خبيرا بها؛ لكن مثلي من البسطاء لا يعجز عن إدراك هذا النوع من الأخطاء،ولذلك لايمكن التساهل في هذا النوع من الأخطاء مع هذا النوع من الإعلاميين؛ وسأتجاوز إلى بقية المحاور كي لا يقال أني غلّبتُ جانب الشكل على المضمون، 

 

إن حديث هذا الكاتب عن البنية التحتية أو تلك الفوقية -وفق تعبيره- وتشاؤمه وافتراؤه على حال المواطن الذي تغير كثيرا؛ وإن كنا نطمح للمزيد-طبعا- وأول تغيير هو الذي تجاهله صاحبنا عند ذكر المساكن؛ فتخطيط العشوائيات التي كان أصحابها يسكنون في أماكن أسوأ من مساكن الدجاج يعد خدمة جليلة؛ لكن لا يعطيها قدرها إلا من عاشها، وما الشوارع الفسيحة ذات الأرصفة المميزة والإنارة الصديقة للبيئة التي حلت محل شوارع العاصمة القديمة والمتهالكة ذات الأعمدة الكهربائية الصدئة والحفر المنتنة إلا إضافة نوعية لا ينكرها إلا مكابر ولا يحاول حجبها -وهما- عنا إلا من يحتقر نظرنا ويستخف بلحظنا؛ حالها كحال مطار *أم التونسي* الذي يعد تحفة عمرانية -على الأقل- في تاريخ المنشآت الموجودة داخل بلادنا ومعروف أن هذا المطار بني دون تمويل خارجي بل دون صرف أوقية من ميزانية الدولة وإنما فقط بمقابل مساحات أرضية كانت في السابق تعد إكرامية عادية تقسم بين ميسوري الحال ولا دخل لنا نحن *الفقراء* في الحديث عنها مطلقا، وطبعا الفرق واضح بينها وبين المطار الذي نتساوى مع غيرنا في الاستفادة من خدماته والتمتع بميزاته.. وغير ذلك كثير.

 

نعم تعاني عاصمتنا من مشاكل كبيرة في الصرف الصحي لأسباب عديدة؛معترف بها ومشخصة ويعمل على معالجتها بشكل نهائي؛ من خلال إنشاء صرف صحي متكامل، وتعمل الصهاريج التابعة لمكتب الصرف الصحي هذه الأيام ليل نهار على شفط المياه من التجمعات السكنية والإدارية وإفراغها بعيدا عن الساكنة ونقاط النشاط.

 

بخصوص الفساد لاتخفى على ذي بصيرة أن محاربته أمر لارجعة فيه كما أكدت على ذلك الأحداث والوقائع مع المستبيحين لأموال الشعب، ولقد أكد *الوزير الأول* في كلمته الأخيرة أمام *الآمرين بالصرف* على ذلك.

 

ومن المعلوم أن ملف الفساد يشكل مشكلا كبيرا عند البعض لتورطهم أو لتورط من يفضلون -ظلما- غبار أثرهم الطائش على نماء البلد وتقدمه، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة صرفه عن حقيقة مساره أو التقليل من شأنه بإلصاق ما أمكن من الشوائب به؛ كما حدث مع صاحبنا حينما استطرد في تحليله بخصوص ملف *سونمكس* الذي يبدو أن مجريات أحداثه وازتها حركة تشويه كبرى، وكما هو معلوم؛ فإن التحقيق فيه أخذ مسارا غير مطمئن من قبل بعض المباشرين له أنفسهم من خلال تعاملهم مع بعض المشمولين فيه وكذا علاقاتهم المشبوهة وتصرفاتهم المربكة التي بعثت على القلق حيال نزاهة وسلامة التحقيق وهو الذي أدى في نهاية المطاف إلى إعفاء مصدر الشك ومبعث الحركات المشبوهة!؟

 

أما بخصوص (المحاسِبة) وغيرها من النقاط فأتحفظ عليها لعدم التوفر على المعلومات الكافية والمتعلقة بملابسات القضية، وأنا على دراية تامة بأن كاتب المقال ليس بأحسن حال مني في ذلك؛ بل أحسبه يجلس في إحدى دول الخارج، وبعد أن امتلأ من فتات موائد أحدهم اتكأ على أريكتهم وبدأ بحمد نعمتهم من خلال كيل السباب والشتائم وتقسيم اللعنات على بلاده قادة وشعبا!!

 

أحسب أن ضرب أي وزير أو محاولة ذلك فيه ما فيه من الاحتقار بالدولة-حكومة وشعبا- مهما حاول أصحاب الفرضيات الترميزية من التحدث عن رمزية ذلك، كما أعتقد أن كيل السباب والشتم لرموز نظام قائم فيه احتقار للمواطن الذي يتولى هؤلاء تسيير شأنه، ولو أن رامِ الحذاء صوبه نحو رئيس الحزب الذي يدافع عنه هذا الكاتب أو أحد أفراد عائلته أو محيطهما الاجتماعي-أعني الكاتب والسياسي-لكان قد حُجِز له من عندهم مقعده من النار في الدنيا قبل الآخرة لأنه ببساطة تعدى على ابن *آل فلان* الذي أمه (...) .

 

إن محاولة الكاتب تقديم نفسه على أنه خِلوٌ من الانتماء السياسي الذي يحرك غيره ومن التبعية الاجتماعية التي توجه سواه لاتنطلي على متأمل وسيكشف القارئ دون تمعق أن كل ذلك افتراء للتدليس وتمرير الرسائل العدائية!؟

 

إذا كان غيركم كما زعمتهم يكذبون فلماذا تنافقون وتخفون الحقائق وتنكرون الروابط والدوافع؟