قناة المحظرة الطريق إلى غرو أدمغة الجيوب (ح:3)

خميس, 07/14/2016 - 22:01
الحافظ عبد الله صحفي بشبكة إذاعة موريتانيا

 

بالنسبة لي أعيش هذه الأيام على وقع سمفونية حياتية خاصة جدا، أجد المتعة فيها بشكل لا يتصور، وتجعلني أتذوق طعما آخر للحياة، يطبعه التناغم من حيث التداخل البديع والتشاكل الجذاب.

أيام كاملة من العمل والعطاء خدمة للجمهورية من داخل أعرق مؤسساتها، وليالي كاملة من مطاردة اللصوص والمجرمين، وكشف بطولاتهم اللصوصية خدمة للأمة وسيرا على نهج مكافحة الفساد وإرضاءً للضمير.

في الشق الليلي من هذه التجربة الفريدة، حيث موضوع الحديث الآن، استوقفتني وأنا أجول بناظري قرب مرآب السيارات داخل الإذاعة قصة غربية جدا من قصص ممثل ما هر يتقن بجدارة حبك نصوص العروض المسرحية، حينما تتعلق بالأموال والخلاخل والأقراط.

رغم ضيق الحيز الجغرافي لمكان القصة، وصغره بمنظور زائغ، إلا أن إرجاع البصر كرتين، بنظرات تتصفح سميائية القوالب الموجدة في المكان، ربما يجعل صاحبه يصاب بالدوران من هول الكارثة والحرفية الكبيرة،، لا أقصد السذاجة الكبيرة للضالعين فيها.

المكان الناحية الجنوبية الغربية للإذاعة، المساحة أمتار قليلة، عناصر القصة، مركز الإعلام والاتصال، مخزن المعدات منتهية الصلاحية، مقر الإنتاج لقناة المحظرة، مقر الفتوة، المولدات الكهربائية للإذاعة.

حقا شر البلية ما يضحك.

في هذه المساحة الصغيرة لوحدها من ضمن مساحة الإذاعة المترامية الأطراف، التهم هذا الممثل عندما كان يجسد شخصية "ياجوجة وماجوجة"، من ميزانية المؤسسة عشرات الملايين من الأوقية ضمن عدد من عناوين الفساد والزبونية.

دعونا ندخل إلى بعض التفاصيل قليلا، ونكشف عمق الكارثة التي حلت بالإذاعة بشكل عام، ونتمتع لبعض الوقت ببعض القصص الهوليودية، لهذا الممثل البارع.

مركز الإعلام والاتصال (استديو الخيمة)،، قصة منشأة أريد منها أن تكون توسعة للاستديوهات الإذاعة، ومركزا للتبادل بين الإذاعة ومؤسسات الإعلام الأخرى، ومكانا لاحتضان التظاهرات الكبرى، لكن هذه الصورة الوردية للموضوع، لا تصمد طويلا في وجه النزعة "الإفتراسية" الهستيرية الفيروسية الفاسدة، للمسؤول الأول في الإذاعة حينها.

تم الانقضاض على حلم عمال الإذاعة والغيورين عليها، حين قام هذا الشخص باستجلاب معدات البناء وشرع في تشييد المركز جهلا منه أن المشاريع التي تزيد ميزانية إنشائها على عشرة ملايين أوقية، تدخل ضمن اختصاص لجنة الصفقات العمومية، وتتم عن طريق مناقصة علنية، معلومة الأرقام والخرائط الإنشائية.

سريعا تم إيقاف المشروع من طرف اللجنة المختصة، وبعد أخذ ورد تم القيام بمناقصة لتنفيذ المشروع، يقول دفتر الشروط والالتزامات لها، إن المركز مكون من طابقين، ويتوفر على جميع التجهيزات والمستلزمات الضرورية للعمل في المستقبل، في حين تم تحديد الميزانية العامة لتنفيذ المشروع بـما يزيد على ستة عشر مليون أوقية وتحديدا الرقم "16.365.710" أوقية.

الأسئلة المطروحة اليوم؟؟ أين الطابقين، هل قطع هذا الممثل الطابق الثاني وذهب به إلى جهة مجهولة، مع بقية تمويل المشروع،  أين تجهيزات المركز بعدما اعتمد في تجهيزه على المعدات الموجودة سلفا لدى الإذاعة، هل يكن أن يكلف المشروع في شكله الحالي أكثر من أربعة ملايين  أوقية.

في نهاية المطاف تم ابتلاع تمويل المشروع، تماما كما هو الحال مع جميع الأحلام الوردية الجميلة التي ارتبطت به، وامتنعت لجنة الصفقات العمومية عن تنزيل المركز بعد اكتشافها لهذه الخدعة الكبيرة، وأسدل ستار النهاية على عرض مسرحي مذهل، لكن لقصته بقية، نلتقي في سردها بعد يوم من العمل والعطاء خدمة للجمهورية من داخل أعرق مؤسساتها.

يتواصل

الحافظ عبد الله صحفي بشبكة إذاعة موريتانيا