على خطى أبي رغال

سبت, 06/25/2016 - 22:21

في الـ26 مايو 1989 اختتمت آخر قمة عربية في الدار البيضاء بالمغرب الشقيق، وهي القمة السابعة التي تعقد في هذا البلد، وتفجرت بعدها بأيام قليلة فضيحة ما عرف بأجهزة التنصت التي تم اكتشافها في مقرات إقامة عدد من الرؤساء العرب وداخل قاعات الاجتماعات المغلقة..

أثير الكثير من التساؤلات حول تلك الأجهزة، قبل أن يجيب عليها محمد حسنين هيكل لاحقا في كتابه: "كلام في السياسة " وتحديدا في صفحة 336 حي يقول: " الآن فقط يمكن لأي متابع ومهتم بالشأن العربي ان يسمح لنفسه بالتساؤل على الاقل عن اسباب حرص الملك الحسن الثاني على استضافة اكبر عدد من مؤتمرات القمة العربية والاسلامية التي تتعرض مناقشاتها بالضرورة للصراع العربي الاسرائيلي في ذلك الوقت - ثم يلحق بذلك ما يقال الآن صراحة وعلى لسان اكبر المسئولين الإسرائيليين واكثر المعلقين في اسرائيل ان جهاز المخابرات الموساد كانت لديه في قاعات اجتماع القمم العربية والاسلامية وسائل تنصت وتسمع . أي ان جهاز الموساد كان طرفا حاضرا في هذه الاجتماعات وان لم يكن مرئيا مشاركا فيها وان لم يفتح فمه بكلمة وهذه مصيبة بأي معيار " .

بعدها ارتسمت صورة سيئة للمغرب الرسمي في أذهان القادة العرب، الذين عدل أغلبهم عن زيارة هذا البلد، منذ ذالك التاريخ وحتى اليوم، وهذا ما يفسر الغياب المتكرر لملكي المغرب السابق والحالي عن القمم العربية اللاحقة لفضيحة التنصت، بل وسعي الرباط الدائم لأن لا تتجاوز هذه القمم إصدار بيانات هزيلة يتم تحيينها كل عام..

اليوم يدخل هجوم الإعلام المغربي القريب من دوائر القرار على موريتانيا ورئيسها محمد ولد عبد العزيز ضمن السياسة المتبعة من طرف الملوك "العلويين" لإجهاض كل فعل عربي، أياما قليلة قبل افتتاح قمة نواكشوط التاريخية، التي ظنت الرباط أنها لن تعقد بعد اعتذارها عن استضافتها، وربما هي محاولة للثأر- وكالة- للكيان الصهيوني من النظام الذي أغلق بيته الأجرب في أول عاصمة عربية في ضحى من نهار.

ولملوك المغرب تاريخ طويل مع الكيان الصهيوني، لعبوا خلاله دور أبي رغال في إرشاد هذا الكيان لتنفيذ اغتيالات في لبنان وتونس وبغداد ودمشق، وعملوا على تشريع تهويد القدس، وقضم ما تبقى من فلسطين وجنوب لبنان والجولان..

هي محاولة للعب دور أبي رغال للمرة العاشرة، لكن رحلة "الدليل" هذه المرة في اتجاه الجنوب الذي أسس آباؤه حواضر المغرب ونشروا في ربوعها ثقافة السلام والأخوة والعيش المشترك قرونا طويلة، وذادوا عن حياضه في وجه الطامعين.

وما الهجمة الإعلامية على موريتانيا في الصحف المغربية، وتشاغل محمد السادس عن ضيفه وزير خارجية نواكشوط بالدروس "الحسنية" التي لم تسعف الملك في تعلم أبجديات إكرام الضيف، إلا تجسيد لأهداف المخطط الذي يرمي إليه أحفاد محمد الخامس، بنواياهم المبيتة اتجاه، جارتهم الجنوبية، وامتداد شعبهم الطبيعي، وذخره ورصيده في أيام المحن والأزمات.. هكذا كانت وهكذا ستبقى.

أما المتشبعون بالحقد والكراهية، من أحفاد أبي رغال فعليهم التفكير مائة مرة قبل محاولة اقتحام مجاهيل هذه الصحراء التي تبتلع الغرباء، وتدفن رمالها اللاهبة كل دخيل..

سيدي محمد ولد ابه

[email protected]